أثار حديث الدكتور يوسف الكودة في قناة العربية في برنامج (اضاءات) والذي يقدمه تركي الدخيل حول تنحي المشير البشير من رئاسة الجمهورية ليجنب البلاد الكثير من المشاكل وان فوز البشير لا يحميه من ملاحقة الجنائية له. ولم تكن أولى ردود الافعال من المؤتمر الوطني ولا من بعض المؤسسات الحكومية ولكن جاء الرد عليه من هيئة الاحزاب التي أصدرت بيانا أدانت فيه حديث الكودة واعتبرت المساس بالبشير (خطا أحمر) باعتباره يمثل رمز البلاد وعزتها وكرامتها. ويبدو ان (الكودة) بعد ان فقد الأمل بالترشح لرئاسة الجمهورية بعد فشله في جلب التوقيعات الولائية التي تزكى ترشيحه عمد الى التصريحات وانه انسحب من الترشح لرئاسة الجمهورية ولم تسلم المفوضية من الانتقادات التي وجهها إليها الكودة. ولكن الكودة لم يقف عند هذا الحد بل حاول ان يوظف فرصة برنامج العربية ليبقى في (الأضواء) أكبر مدة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا اختارت (العربية) يوسف الكودة من بين الذين قبلت المفوضية ترشيحهم أو لم تقبله وهل كانت المقابلة بسبب (آراء) الكودة في بعض الاشياء واصدار ما يشبه الفتاوى في بعض المواضيع مثل استخدام الواقي الذكري في الممارسة الجنسية.. أم أتت به القناة لهدف آخر وحقق لها الكودة أهدافها ان كان يعلم بهذا الهدف أو لا يعلم خاصة في موضوع الجنائية وتنحي البشير عن السلطة وحديثه (الواثق) وكأنه يسمَّع (آية) أو قصيدة وهو ينظر إلى (الكاميرا) ليقول عبر لغة (العيون) انه يعني ما يقول. وكما هو معروف فان أي قناة من القنوات الفضائية تدعي الاستقلالية وتحاول ان تتناول الموضوع بكل جوانبه واطرافه امعاناً في الحيادية، ولكن كما هو معروف فان اي مؤسسة اعلامية لديها توجهات معينة وتحاول ان توصل رسالتها اذا كانت للمشاهدين أو للمستمعين أو القراء عبر اشكال الفنون الصحافية أو الاذاعية أو التلفزيونية. وقناة العربية غير بعيدة من هذا فهي قد أسست لكي تحد من الانتشار الواسع والجماهيرية الكبيرة التي حققتها قناة (الجزيرة) منذ نشأتها في (1996م) والتي سعت الى كشف بعض (عورات) الأنظمة العربية الأمر الذي عرضها لكثير من المتاعب واغلاق مكاتبها واحتجاز أجهزتها كما حدث في كثير من البلاد وآخرها جمهورية اليمن التي اتهمت فيها قناة الجزيرة بالتركيز في تغطيتها على معارك الحوثيين وتحركات الجنوب أو ما يعرف بالحراك الجنوبي الذي يطالب بالاستقلال من جديد عن اليمن (الموحد) في عام (1990م). ولهذه الأسباب وغيرها نشأت قناة العربية لتخلق نوعاً من الموازنة في جميع تغطيات الاحداث، فاذا كانت الجزيرة تحاول ان تبرز بعض الأدوار في قضايا تعتقد انها تخدم القضية العربية والاسلامية فنجد العربية في الاتجاه الثاني تتناول ذات الموضوعات بزاوية أخرى تخدم القضية أو القضايا التي أنشأت من أجلها هذه القناة، ويلاحظ هذا في تناول احداث ايران - ولبنان - وفلسطين - والعراق والسودان ومن ينظر إلى هذا التناول يجد ان (موجهات) قناة العربية واضحة لا تحتاج إلى عمق تحليل لمعرفة هذه (الاتجاهات) خاصة بعد التقسيمات التي ظهرت في الدول العربية بعد الغزو الامريكي للعراق وحرب غزة وما عُرف بدول (الضد) و(الموالاة) وخدمة هذه القضايا في ابعادها الاقليمية والدولية كما هو واضح في تناول قناة العربية للأحداث. وحوار الدكتور يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الاسلامي في السودان هل جاء من كلمة (الوسطية) التي أصبحت منهجاً جديداً في ثقافة (الاعتدال) خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 والحرب المستمرة على ما يعرف ب (الارهاب) في العالم والذي تقوده الولاياتالمتحدةالامريكية، هل جاء الكودة إلى (العربية) أم أتت العربية (بالكودة) لتقدمه إلى أساس انه من القيادات الاسلامية الشابة المتفهمة مصحوباً بفتاويه من استخدام (الواقي الذكري) وغيرها على انه مثال جيد للشخصية الاسلامية التي تريدها القوى الغربية في العالم الاسلامي على شاكلة (كرزاي) مصحوباً ببعض الاضافات حتى (تكتمل الصورة). هل جاء الكودة ليقول للعالم العربي وللشعب السوداني عبر (العربية) ان السودان سيكون افضل اذا تنحى البشير، وان هذا التنحي سيجنب السودان الكثير من المشاكل، وبهذا الفهم سيتفق (الكودة) مع (عرمان) الذي يطالب البشير ايضاً بالتنحي لصالحه من أجل ضمان (الوحدة) ومستقبل زاهر للسودان. جاء (الكودة) إلى العربية ليقول عبرها ان الجنائية ستلاحق البشير اذا فاز أو لم يفز وبالتالي يجد الكودة نفسه من خلال اجاباته في حواره مع تركي الدخيل في برنامج (اضاءات) يتفق مع القوى المعادية للسودان خارجياً ومع القوى التي تقف في الاتجاه المضاد لتوجهات حكومة البشير داخلياً. على كلٍ فان افادات (الكودة) لقناة العربية هي بداية حقيقية لتحولات مهمة في مسيرة يوسف الكودة والذي هو محسوب على طريقة جماعة انصار السنة ذات الامتدادات المعروفة في اتجاه الشرق وهو ايضاً عمل في أحد الملحقيات لاحدى دول الجوار، ومن هنا تتضح امتدادات أصل هذه الحكاية التي قد يأخذها البعض في اطار (اقصر) من امتداداتها ويحصرها في عمل اعلامي ينتهي (صداه) بانتهاء زمن البرنامج.