شهدت أسعار المحاصيل الزراعية بأسواق العاصمة استقرارا ملحوظا، فيما ارتفعت بالولايات لاسيما الذرة والحبوب الزيتية. وعزا التجار الارتفاع بالولايات لقلة الوارد من مناطق الإنتاج، في وقت ربط فيه خبراء ارتفاعها بالاضطرابات الأمنية التي تعيشها مناطق الإنتاج الزراعي جراء الحروب والنزاعات، خاصة في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق أخيراً، بجانب قلة هطول الأمطار في الولاياتالشرقية، وضعف التمويل في ولايات الوسط بما فيها مشروع الجزيرة، وتوقعوا ارتفاع الأسعار إن لم تتخذ الحكومة خطوات إسعافية سريعة لتلافي انهيار الموسم الزراعي وخروج مناطق كثيرة من دائرة الإنتاج صفر اليدين، وصاحبت ما يجري في الأسواق شكوى مريرة من تجار المحاصيل بجميع الولايات من ركود الأسواق وضعف حركة البيع والشراء فيها. وأوضح التاجر بالسوق المحلي بالخرطوم التاجر الطيب الحسن، أن أسعار المحاصيل بولاية الخرطوم تشهد استقرارا نسبيا، وزاد قائلاً إن سعر أردب الفتريتة يباع في حدود «180 185» جنيهاً، والعينة هجين طابت «290 300» جنيه، وود عكر «170 175» جنيهاً. وأشار إلى استقرار سعر أردب الدخن عند «360» جنيها والقمح عند «320» جنيها، واشتكى من ضعف حركة البيع والشراء بالسوق لدرجة الركود الذي أرجعه إلى قلة البيع والشراء جراء إغلاق التجارة الحدودية مع دولة جنوب السودان الوليدة، بالإضافة إلى هطول الأمطار بالولاياتالغربية، غير أنه لفت إلى ارتفاع كبير في أسعار الحبوب الزيتية، حيث ارتفع سعر جوال الفول السوداني إلى «45 55» جنيهاً، في وقت استقر فيه سعر جوال الدخن عند «300» جنيه، والقمح عند «150» جنيهاً. وعلى صعيد الخبراء يقول البروفيسور عصام بوب إن واقع الحال على أرض الواقع يبعث على الأسى على جميع الأصعدة الاقتصادية جراء خروج مناطق كثيرة تعد بؤر إنتاج من الدرجة الأولى من الدورة الاقتصادية، فمشروع الجزيرة الذي يعول عليه كثيرا في النهضة الزراعية بالبلاد بالرغم من الجهود التي تقودها السلطات لتعزيز إنتاجه هذا الموسم، للأسف لم تقو السلطات على الاستمرار فيها، فظل القطاع المروي بالجزيرة يسجل انخفاضاً كبيراً، ويشاركه في تدني معدل الانخفاض قطاع الزراعة المطرية المحيط بالمشروع الذي تنقصه العمالة الضرورية، بجانب معاناته من ضعف التمويل. ويفسر بوب الوضع بالمشروع والشريط المطري المحيط به باكتفاء المزارعين بزراعة ما يحقق لهم الاكتفاء الذاتي، وأنه لا يتوقع أن يكون هناك إنتاج إضافي يمكنهم من تغذية الأسواق والمساهمة في دعم المخزون الاستراتيجي بالبلاد. وعن مشاريع الزراعة بشرق البلاد يقول بوب إنها ليست أفضل حالاً مما يعانيه مشروع الجزيرة العتيق، إذ أنها تقع تحت نير تأخر هطول الأمطار وضعف التمويل وقبضة شح العمالة، مما حمله على عدم التوقع بتحقيق إنتاجية عالية، وزاد أنه حتى في حال تحقيق إنتاجية عالية فمن المرجح أن يجد جزء كبير منه الطريق ممهداً لتهريبه إلى دول الجوار التي تعاني شبح المجاعات الصريحة. وتوقع بوب استمرار تراجع الإنتاج الاقتصادي والزراعي على وجه الخصوص، إن لم تتخذ الدولة خطوات إيجابية حقيقية لتشجيع الإنتاج بصورة واقعية، في مقدمتها إعفاء الإنتاج الزراعي من أية رسوم مفروضة عليه وعلى المنتجين الزراعيين، بجانب دعم التمويل الزراعي وتسهيله بحيث تصل نسبة هامش أرباح المصارف منه إلى الصفر، مع ضرورة رفع الرسوم عن كل المدخلات الزراعية بصورة حقيقية، مع وجوب هيكلة الوزارات الاقتصادية قاطبة، لأنه بدون اتباع الوصفة هذه يقول بوب إن السودان سيواجه بكارثة زراعية وفجوة غذائية تقود بلا أدنى شك إلى مجاعة حقيقية تفاقم الأوضاع المأساوية التي تعيشها الولاياتالشرقية، مما تترتب عليه هجرات ونزوح جماعي.