الألغام (صناعة الموت) خطر يبدو ماثلا ومهددا للتنمية والإعمار وله تأثيرات سلبية حتى على عملية الاندماج داخل المجتمع وخصوصا في المجتمعات التي تعاني حالة من عدم الاستقرار السياسي وتسود فيها آليات التعبير الضيق في سبيل الحصول على الحقوق والمكتسبات، الالغام التي يدفع أهل العالم الثالث فاتورتها أكثر من مرة، الأولى في محاولة الحصول عليها على حساب احتياجات التعليم والصحة والتنمية ومرة أخرى في محاولة التخلص منها وتلافي آثارها السلبية. ولم يكن السودان استثناء عن ظاهرة وجود الالغام وتعمق آثارها ويعود ذلك لامتداد حالة الصراع والحروب طوال التاريخ السياسي للبلاد ما زاد بدوره من حالة تجذر الآثار السلبية التي امتدت لتشمل معظم ولايات البلاد. وفي أعقاب المعالجات المتعلقة بمسألة ايقاف الحرب والاتفاقات بدأت خطوات تتعلق بمسألة مكافحة الالغام بغرض رصف الطرق للاستقرار والسلام واستمرار مشاريع التنمية. الامر الذي يتطلب كنس وازالة الالغام وفي سبيل هذا الغرض اقام المركز القومي لمكافحة الالغام، احتفالا باليوم العالمي لمكافحة الالغام والذي يوافق الاول من ابريل في الاحتفال الذي احتضنته قاعة الصداقة بالخرطوم وسط حضور كبير من المهتمين والمتأثرين من الالغام تخللته فواصل غنائية وأعمال كوميدية ومعارض وأنشطة وضحت خطورة الالغام وسلطت الاضواء على المعالجات التي تم انجازها في هذا الجانب وتبودلت الكلمات التي تداخلت ما بين خطر الالغام والاحلام بانقضاء هذا الامر. خالد عابدين مدير المركز القومي لمكافحة الالغام أكد وجود الالغام بالسودان منذ عهد الاستعمار بشرق السودان وحدود ارتريا وقد تم جلبها من قبل قوات الحلفاء ووصف منطقة جنوب السودان بأنها الأكثر تأثراً بوجود الالغام بسبب الحرب الأهلية التي دارت هناك، مضيفا ان السودان شهد كافة انواع الالغام التي تم تصنيعها في العالم، والتي انتشرت في كافة الولايات وبالرغم من ان اتفاقية اديس ابابا قللت من وجود الالغام الا انها عادت اكثر ضراوة بعد اندلاع الصراع في عام 3891م ما جعل السودان يحتل المركز الثالث في قائمة اكثر الدول تأثراً بالألغام في افريقيا والمركز العاشر عالميا، وامتداد تأثير هذه الالغام الى الجوانب الزراعية والتنموية، وجعل الاممالمتحدة ترسل مرشداً لمكافحة الالغام يعمل بالتعاون مع الحكومة مستشارا. من أجل معالجة آثار الالغام التي تتضح في وجود 51853 منطقة خطرة لم يتم تنظيفها من الالغام ووجود 2134 معاقا بسبب الالغام و6141 لقوا حتفهم يضاف لذلك 6882 جريحا يتلقون العلاج من اصابات الالغام باشراف من المركز القومي لمكافحة الالغام تساعده مجموعة من المؤسسات والمنظمات الاخرى التي تعمل في هذا المجال هذا بالاضافة لتنفيذ مجموعة من المشاريع التوعوية بخطورة الالغام وتنفيذ مشاريع التنظيف لرصف الطرق في كثير من المناطق التي تأثرت بالالغام في السودان. وأكد عابدين استمرار المشاريع الهادفة لمكافحة الالغام من خلال تنسيق الجهود مع كافة الجهات. ومن جانبه بدأ وزير الدولة للشؤون الانسانية ومدير الجهاز الوطني لمكافحة الالغام الدكتور عبد الباقي الجيلاني حديثه في اليوم العالمي للالغام بابراز الجوانب السلبية التي تفرزها على كافة المستويات وتقليلها من عمليات التنمية ووقوفها حجر عثرة امام عودة اللاجئين لقراهم داعماً حديثه بلغة الارقام التي تؤكد عالمية مسألة التأثير السلبي بوجود اكثر من 07 بلداً تأثر بهذه الظاهرة ووجود 37 الف معاق بسبب الالغام يتوزعون في 911 دولة على مستوى العالم منذ الحرب العالمية مرورا بحالة عدم الاستقرار السياسي التي تمر بها معظم الدول في العالم الثالث. وفيما يختص بالسودان يوضح الجيلاني بأن 91 ولاية تأثرت بالالغام ما يتطلب من السلطة القيام بدورها في ضرورة السعي لمعالجة هذه الآثار وهو ما قادنا الى التوقيع والمصادقة على اتفاقية حظر الالغام والتقليل من خطورتها، الامر الذي تم في عام 3002م وبدأ التنفيذ له على أرض الواقع في العام 4002م حيث اوفى السودان بجميع التزاماته بانشاء السلطة وخصص الميزانيات حيث بلغ حجم الاتفاق 61 مليون دولار جاءت من المانحين ونقدم لهم الشكر في هذا اليوم خصوصا اليابان وايطاليا وامريكا وكندا وبرنامج الاممالمتحدة الانمائي، واصفا هذا الدعم بأنه الوقود لانجاز كثير من المشاريع في مجال المكافحة بعد اجازة قانون مكافحة الالغام من قبل البرلمان حيث نجحنا في فتح الطرق وعودة الكثير من النازحين بعد الحصول على كاسحة الألغام بدعم من قطر، مؤكداً ان عملهم يتم وفق المعايير والمواصفات الدولية، مضيفاً ان العام 1102م سيكون هو عام سودنة مكافحة الالغام من اجل تحقيق الآمال والغايات. وأبدى ممثل الامين العام للأمم المتحدة جورج شارتير سعادته بنقل رسالة الامين العام للامم المتحدة من خلال سعي المنظمة الدولية للتقليل من الآثار السالبة التي تسفر عن الالغام الارضية وما تسببه من اضرار جسيمة، معلنا استمرار عملهم في هذا المجال يوما بعد يوم ودون توقف وان الانشطة تشمل 06 بلدا في العالم، مؤكداً ان العمل في هذا المجال يتطلب يقظة وجماعية واهتماما من أجل المساهمة في ايقاف خطر الالغام الارضية في العالم. الحجم الكبير للارقام الذي يوضح مدى تأثير الالغام يحتاج بدوره لدرجة كبيرة من العمل لمقابلة الظاهرة، فهل يأتي العام القادم ببشرى مختلفة أم أن الأمر سيظل بلا جديد؟!.