فتح تعليق الدراسة بجامعة الخرطوم باب الحديث مجددا حول أسباب ومآلات العنف الطلابي في الجامعات الذي تحول من مربع الظاهرة المؤقتة الى الفعل المستدام ،وهو الامر الذي يلقي بظلاله السالبة على مستقبل من يصنفون بنصف الحاضر وكل المستقبل ،وعلى اثر ماتشهده الساحة الطلابية بمختلف جامعات السودان من احداث عنف برزت مجددا على السطح اسئلة ظلت تطرح كلما استجد طارئ باحثة عن اجابات وحلول نهائية تضع حدا لما يحدث في الجامعات من صراعات من شأنه ان ينعكس على المجتمع برمته. وترجع الدكتورة صفاء عبد الوهاب في رسالتها لنيل درجة الدكتوراة اسباب الصراعات الى تأثر الطالب بعدد من الاشياء التي تنعكس على سلوكه أما ايجاباً أو سلباً ،مضيفة:وهذه الاشياء هي الأسرة والمجتمع والاعلام فإن صلحت صلح الطالب وبالتالي صلح الجيل بأكمله، والعنف عامة ما ينتج من الشعور بالاحباط وعدم الاتزان النفسي وانعدام التوجيه التربوي، وقد انتشرت ظاهرة العنف الطلابي وازدادت حدتها في السنوات الأخيرة ولا شك انها ظاهرة غريبة على مجتمعنا وتسلتزم التقصي لأسبابها ودوافعها ومن أسباب العنف الطلابي العنف العائلي فالأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الأولى وهي المؤسس الأول لشخصية الطالب وتشكيل سلوكه في المجتمع والقسوة في المعاملة من قبل الوالدين حيث ان القمع وعدم احترام الأبناء أو الاهتمام بمشاكلهم كلها أسباب تؤدي إلى العنف وحب الانتقام،وايضا قسوة بعض الاساتذة واستخدامهم لأساليب غير تربوية فالعقاب البدني غير المبرر والذي يصل لحد الانتقام والاستهزاء بالطالب وعدم احترامه،وتضيف: كل هذه العوامل تساعد على بناء رغبة الانتقام عند الطالب واحساسه بضعف شخصية الأستاذ وعدم قدرته على السيطرة على القاعة يترك اثراً سلبياً في نفوس الطلاب، اضافة إلى ان بعض الطلاب في مرحلة المراهقة وتعتبر هذه المرحلة مرحلة صراع وتمرد على أسلوب الحياة ورغبة في اثبات الذات وهي مرحلة صعبة جداً ولايتم تجاوزها بسلام إلا بتعاون البيت والمدرسة حيث ان للارشاد والتوجيه التربوي دور هام في تشكيل شخصية الطالب وفي استقراره النفسي وتجاوزه هذه المرحلة بسلام والقصور الاداري في التعامل مع العنف ودور الاعلام المرئي والعنف الطلابي يشمل جميع أنواع العنف ويعرف بنفس تعاريف العنف مع اختلاف الفئة التي تقوم به،وتمضي قائلة: الطلاب جزء لا يتجزأ من المجتمع الكبير وهم حلقة الوصل بين الكبار والصغار وان كانت لهم سلوكياتهم العنيفة. وفي سبيل معرفة اسباب العنف من وجهة نظر المواطنين التقينا محجوب عوض الذي يرى أن العنف الطلابي يختلف من مرحلة إلى أخرى ،ويقول ان العنف عند طلاب مرحلة الاساس يختلف عن عنف الطلاب في المرحلة الثانوية والجامعية، ويكشف عن ان عنف الطلاب في مرحلة الاساس والثانوي إلى التعليم العام يعتبر عنفاً بسيطاً نسبة لانه لا يتعدى الطلاب فيما بينهم أو عنف الطلاب مع أساتذتهم في بعض الأحيان ويمكن صدهم وتوعيتهم إلى الطريق الصحيح وان ما يقومون به ليس صحيحاً وان هناك قابلية للطالب في ان يستجيب لما يقال له لانه في مرحلة أخذ وعطاء،لكن محجوب عوض يرى ان العنف المتشدد والمرتبط بالمشكلات التي تتفاقم هي عنف طلاب الجامعات لان معظم مشكلاتهم لها أسباب سياسية وهذا ما يؤدي إلى خلق فجوة بين الطلاب والسياسيين وقد يؤثر هذا في تلقي الطالب للعلم وكثير ما يحدث اشتباكات داخل الجامعات بسبب استخدام الطلاب للعنف،ويشير إلى ان الشرطة عند فضها الاشتباك لا تراعي نفسية الطالب مما يخلق العنف لدى بعض الطلاب الذين يرون ان الشرطة في استخدامها للغازات المسيلة للدموع لفضهم فهي لا تضع أي اهتمام للأسباب التي أدت بهم إلى التظاهرات السلمية. أما الطالبة ناهد محمد فترجع اسباب العنف الطلابي إلى البيئة التي نشأ فيها الطالب فإذا ما نشأ الطالب في أسرة وبيئة تتسم بالمشاكل والعنف في التعامل فهذا الطفل سيتم بنفس الصفات لأنه نشأ في تلك البيئة، وتقول ناهد من أسباب العنف الطلابي أيضاً الاصدقاء ،وتوضح:اذا نشأ طفل في أسرة لا تعرف العنف وعند دخوله المدرسة إذا صادق اطفالاً عنيفين وشبوا على العنف حتماً سيجاريهم في عنفهم. وهنا تظهر أثر اصدقاء السوء الذين يأخذ منهم الطفل سلوكهم السيء. وفي صدد معرفة الجوانب النفسية لظاهرة العنف الطلابي التقينا استاذ علم النفس بجامعة الخرطوم عمر محمد علي يوسف ، الذي اشار الى ان العنف بكافة اشكاله يرجع إلى نمط التربية السودانية في جميع المؤسسات سواء كانت في محيط الاسرة أو المجتمع المدرسي أو الحزب السياسي،ويضيف الأستاذ عمر ان العقلية التربوية تقوم على القهر والتسلط والاستعلاء ورفض الآخر في ظل غياب منهج التربية الحوارية والثقافة الديمقراطية وقبول الآخر وسيادة العلاقات التنافسية بدلاً من التفاعل الثقافي.