٭ اندثر عهد السكة الحديد في السودان واصبحت بقايا قاطرات وصالونات لا لون لها ولا حركة ولا قوة دافعة، ففقدت بذلك المؤسسة بريقها كناقل للمواطن والبضائع وتاهت في زحام الانتقال والسفر عن طريق البصات السياحية والسيارات الصغيرة مما أدى لنسيانها تدريجياً ومواربة بابها. ٭ كان للقطار أهمية بالغة ومكانة مميزة وكم من «حبيبة» جلست على رصيف «المحطة» تنتظر الغائب العزيز وهي تغني «من بف نفسك يا القطار» بينما اخرى تردد «القطر الشالك انت إدشدش حتة حتة وتسلم ليا انت» اذ كان في ذلك الزمان - ليس بالبعيد - أهم وسائل الانتقال والترحال بين المدن المختلفة خاصة مدينة الحديد والنار بدرجاته المميزة وبعض «التسطيحة».. ٭ أهملت الدولة السكة الحديد مثلما أهملت البواخر النيلية التي كان يسافر على متنها المواطن من الاسكلا وحتى الرجاف والتي نظم فيها الشاعر قصيدة خالدة ما زالت ترددها الألسن وتحتفي بها ولكنها الآن اختفت تماماً وقبل ان يغادر ثلث بلدي جنوباً مكوناً دولة أخرى.. ٭ اهمال الدولة للسكك الحديدية جعل هناك ضغطاً على الطرق البرية التي تعاني «التآكل والهلهلة والمطبات والضيق» والاخيرة هي السبب الرئيسي في كثرة الحوادث خاصة طريق مدني - الخرطوم. ٭ الآن راح الزمان وراح القطار وزمن القطار وما تبقى اتجه ل «لملمة» قضيبه المعدني بعض اللصوص الذين استهوتهم فكرة بيعه «جملة وقطاعي» مما أدى لانقلاب قطار نقل البضائع - الذي قدم من عطبرة - اثر اختلال توازنه نتيجة ل «فطه» في القضبان والتي ذهبت لسوق «الله اكبر» مثلها مثل غيرها من أدوية ومبيدات واسطوانات غاز الاوكسجين! وهذا على سبيل المثال لا الحصر. ٭ «البحث عن القضبان المسروقة امر ليس بالسهل والعمل على «لحمها» ثانية من أجل استعادة مجرى كاملاً للقطار يستغرق مالاً طائلاً والكثير من الوقت - حسب تصريح المسؤولين - مما يعطل حركة نقل البضائع» لذلك لا بد من محاولات اعادة «هيبة» السكة الحديد وتحديث قطاراتها فالدولة الشقيقة الجارة «مصر» ما زالت تتعاطى الترحال بالقاطرات ب «طرازها» القديم والجديد تجوب «ام الدنيا». وتهدي المسافر على متنها مزيداً من المعرفة بالريف المصري.. ٭ تجربة «المترو» تجربة جميلة وتعمل على حل «خنقة» المواصلات وتعطيل المواطن لكنها والى الآن ما زالت في بلدي مجرد «اضغاث احلام» ولا أخالها سترى النور قريباً كما أن «الترام» الذي تحاول الدولة نفض الغبار عن ذكراه ثانية كصديق للبيئة هو الآخر لا يمكن ارجاعه ل «مجراه» قريباً فالحكومة في بلدي بارعة جداً في سرد الوعود.. وحتى لحظة تحقيق هذه الأمنية «كدي التشوف تصليح لشوارعها السيئة دي»... ٭ همسة: والشمس تطل زاهية منتصف النهار... تبدل الزرع القديم... تنادي زوايا المكان... ليطل الوجه البريء... يعانق ألوان الزمان... ويمنح الصبح... الندى...