(يعني حا يكون راح السودان يتفسح)!. التعبير الذي بين قوسين في مستهل هذا الأرق كان مستفزا ومهينا لحظة سماعه من الضابط بطل الفيلم المصري، وهو يخاطب المجرم في ذات الفيلم أحمد السقا عندما اعتزم شراء سلاح من السودان لينفذ ما اعتزمه من تار. لا أذكر اسم الفيلم رغم أني شاهدته مرات عديدة بعدد رحلاتي إلى البلد في ولاية سنار، فالبصات القابعة على أرضية الميناء البري رغم كثرتها إلا أنها متشابهة تشابها يحسدك عليه التشابه نفسه، فهي تعرض على شاشتها المعلقة في السقف ذات التسلسل، فما أن يهب البص ظهره للعاصمة حتى يفتتح شاشته البلورية بأغاني وأغاني وضحكات العم قدور، ثم يلي ذلك فرقة تيراب أو تلك التي تبث نكاتا حفظناها اجباريا عن ظهر قلب وكأننا حضورا في فعاليات ليالي الاثنين الثقافية التي يقيمها سابقا تلاميد المدارس الابتدائية. عادة عند دخولي إلى الميناء البري مسافرا أحتار كثيرا في اختيار البص المناسب كما أحتار كل صباح أقف فيه أمام كشك الجرايد وأسأل نفسي: يا ترى أي جريدة سأشتري اليوم؟، وفي نهاية الأمر أجد أن جميع البصات متشابهة في سرعتها وفي خدماتها وفي ما تبثه عبر شاشتها، كما أجد أن ذات الصحف متشابهة حتى في تبويب صفحاتها. المهم في الأمر كنت أشاهد بفتور الفيلم المعني وحالما نطق الضابط بجملته اعتبرتها في بادئ الأمر إهانة، ولكن طول المسافة وقبح المناظر على جانبي الطريق وأشياء أخرى جعلتني أفكر في موضوعية باستهزائه بالسودان كقبلة للفسحة. فلا شيء يدعو بطلنا لذلك، وكيف يفعل إذا كنت أنا نفسي من منطقة الدندر ولم أشاهد بعد حظيرة الدندر ولا رغبة لدي لفعل ذلك مستقبلا. ترى أين يكمن الخلل؟، هل هو في شخصي أم في الحظيرة وفي وزارة السياحة وفي ما تربينا عليه؟، أم في المناهج التعليمية التي حرمتنا من ذلك؟ ..لست ادري!.