٭ قال ابن الأثير المؤرخ العربي الكبير.. بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة.. يقصد حادثة سقوط بغداد بتلك الصورة البشعة على يد المغولي الطاغية هولاكو التتري.. كارهاً لذكرها الذي يهون عليه نعي الاسلام والمسلمين.. ومن يهون عليه ذكر ذلك فيا ليت أمي لم تلدني وليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً. ٭ قال ابن الأثير هذا بألم وحسرة.. ولكنه استشعر مسؤولية التاريخ.. واعترف بأن المغالاة والولولة والبكاء والحسرة كلها أمور لا تفيد.. وان تجاهل الواقع لا يلغيه... ثم قال بعد ذلك.. ثم رأيت ان ترك ذلك لا يجدي نفعاً ويذكر ان كوارث كثيرة في التاريخ سبقت هذه الكارثة بسبب حكام حكموا باسم ديانات سماوية أساءوا إليها ومكنوا الطغاة من التغلغل في بلادهم ليعذبوا الناس بفعل اخطاء هذه النوعية من الحكام. ٭ أورد ابن الأثير ما فعله «يختنصر» ببني اسرائيل من قتل وتنكيل وما فعله ببيت المقدس من تخريب قائلاً ان المغول الملاعين فعلوا بديار المسلمين اضعاف ما فعله «يختنصر» ببني اسرائيل، فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا من المسلمين أكثر من جميع بني اسرائيل». ٭ الذي يدعو للوقفة والتأمل هو ان الأسباب والعناصر التي هيأت لسقوط الخلافة الاسلامية ورفض ابن الأثير لأن يتحدث بتلك المرارة والحسرة عن نعي الخلافة الاسلامية هي قضايا العدالة وتفاوت الثروات وضعف الادارة وعدم القدرة على مواجهة الواقع. ٭ ان الحديث عن اخطاء الذين حكموا باسم الاسلام كثيرة وساعدت على مر التاريخ في خلق جو من التوتر والغل والحقد ترعرعت فيه الشكوك والتحفظات، ومكنت الأعداء من الاساءة إلى الاسلام والمسلمين. ٭ وكلنا عرفنا من التاريخ ما فعله الأمويون بالعباسيين وما فعله العباسيون بالأمويين مما جعل المقريزي يقول بيتي شعره الشهيرين: عبد شمس قد اضرمت لبني هاشم حرباً يشيب لها الوليد فابن حرب للمصطفى وابن هند لعلي وللحسين يزيد ٭ فقد مثل قتلة الحسين بن علي بجثته وهو حفيد النبي الكريم وأخرجت جثة زيد بن علي زين العابدين بعد دفنها وصلبت أمام الناس حتى تحللت. ٭ وعندما انتصر العباسيون على الأمويين نبشوا قبور الخلفاء واخرجوا رفاتهم ليجلدوها بالسياط. ٭ ودعا أبو العباس السفاح أول الخلفاء العباسيين من بقى من الأمويين إلى قصره وأمر بقتلهم شر قتلة ثم فرش البسط على أجسادهم وبعضهم أحياء وجلس يأكل هو أعوانه، ثم قال بعد أن شبع إنه لم يأكل أشهى ولا ألذ من ذلك الطعام. ٭ هذه أفعال أتى بها حكام حكموا باسم الاسلام، وهي ليست من الاسلام في شيء لكننا مع الأسف الشديد لا نستطيع أن نفصلها من تجربة النظام السياسي في الاسلام.. وهذا ما جعل ابن الأثير يقول ما قاله ولكنه واجه الحقيقة وما أحرانا نحن أن نفعل. هذا مع تحياتي وشكري