٭ في هذه الأيام.. بداية الأسبوع الثالث من فبراير قبل ستة وخمسين عاماً ولم يمض على اعلان استقلال البلاد سوى سبعة اسابيع فقط.. شهدت الساحة الاجتماعية والسياسية أبشع كارثة عرفتها الانسانية جمعاء.. هناك في النيل الابيض حيث المشاريع الزراعية وعلى بعد 55 كيلو من مدينة كوستي وفي عنبر جوده. ٭ والكارثة باختصار تحكي عن قتل الآمال والاماني في قلوب المزارعين عندما ظنوا ان رفع علم الاستقلال يعني التمتع بالحقوق التي طالبوا بها ولم يحصلوا عليها بل وفقدوا ارواحهم اختناقاً وبرصاص الحكومة الوطنية. ٭ قالت صحيفة الايام الصادرة يوم 32/2/6591 (491 يموتون اختناقاً في كوستى). ٭ وقدم اقتراح من مجلس الوزراء باستقالة الحكومة الحاضرة فوراً. ٭ في اطار دعوتي المتكررة والملحاحة لاعادة قراءة تجاربنا السياسية بغرض التقييم والتقويم.. اعيد بعضاً من أصداء تلك الكارثة وادعو الكل للبحث عن تفاصيلها ودواعيها وكيفية التعامل معها ودروسها وعبرها بعيداً عن الاحكام المسبقة. ٭ الشعر هو اقصى لحظات الصحو الانساني وهو من نفس الرحمن مقتبس والشاعر الفذ بين الناس رحمن. ٭ صلاح أحمد إبراهيم صور أحداث عنبر جوده في قصيدة أسماها (عشرون دستة) نشرها في ديوان غابة الأبنوس قال فيها: لو أنهم حزمة جرجير يعد كي يباع لخدم الافرنج في المدينة الكبيرة ما سلخت بشرتهم أشعة الظهيرة وبان فيها الاصفرار والذبول بل وضعوا بحذر في الظل في حصيرة وبللت شفاههم رشاشة صغيرة وقبلت خدودهم رطوبة الانداء والبهجة النضيرة ٭ لو أنهم فراخ يصنع من اوراكها الحساء لنزلاء الفندق الكبير لوضعوا في قفص لا يمنع الهواء وقدم الحب لهم والماء لو أنهم... لكنهم رعاع من الرزيقات من الحسينات من المساليت نعم رعاع من الحثالات في القاع من الذين انغرست في قلوبهم براثن الاقطاع وسملت عيونهم مراود الخداع حتى اذا ناداهم حقهم المضاع عند الذين حولوا لهاثهم ضياع وبادلوا آمالهم عداء وسددوا ديونهم شقاء واستلموا مجهودهم قطناً وسلموه داء حتى اذا ناداهم حقهم المضاع النار والرشوة والدخان والكاتب المأجور والوزير جميعهم وصاحب المشروع بحلفهم يحارب الزراع يحارب الاطفال والنساء وينشر الموت على الارجاء وينفتح الرصاص في الصدور ويخنق الهتاف في الاعماق وفي المساء بينما كان الحكام في الرقص وفي السكر وفي برود بين غانيات البيض ينعمون بالسمر كانت هناك عشرون دستة من البشر تموت بالارهاق تموت بالاختناق أواصل مع تحياتي وشكري