بسم الله الرحمن الرحيم علينا ألا نتباكى على موتهم ونحن الذين أضعنا حياتهم بأنانيتنا وحماقاتنا وسياساتنا الرعناء، وماذا يفيد البكاء على هذه الجثث التي لم تُعْرَفْ هوياتُها حتى الآن؟ ومع من سنبكي أو حتى نرفع الفاتحة لنؤدي واجب العزاء؟ وكيف نبكي عليهم ونحن لا نعرف من الذي قتلهم وأين ومتى؟ ولا نعرف حتى أعدادهم؟ إنهم مجرد أرقام تتضارب في الصحف: 50، 53، 54، 61،.... وكأنهم قد كُتِبَ عليهم أن يموتوا كما عاشوا مجهولي الأسماء والأرقام! إنهم صفر كبير في جبين هذه الأمة، فلو كان أمرهم يهمنا كما نَدَّعِي لما تركناهم يعيشون في هذا الدرك السحيق ليموتوا بهذه الطريقة المأساوية، لقد ماتت إنسانيتنا قبل أن يتجرعوا ذلك السم الزعاف، ماتت إنسانيتنا ونحن نَمُرُ بهم يومياً لنشاهدهم في قارعة الطريق وهم يتقاذفون بالحجارة ويستنشقون السلسيون، ويتناسلون في المجاري والخيران، نشاهدهم وكأنهم مخلوقات غريبة هبطت إلينا من كوكب آخر! وندعو السلطات إلى تشديد الرقابة على السلسيون، وكأننا لا نعلم أن معدل استنشاقه يزداد في ليالي الشتاء الباردة، فهو الطريقة الوحيدة التي يطردون بها لهيب البرد والجوع عن أجسادهم النحيلة! ونتساءل عمن جلب لهم تلك المادة السامة، ونحن نستعملها في تركيب العطور التي نتجمل بها بينما هم يتجرعونها سما زعافاً بحثاً عن الغيبوبة الأبدية، بعد ان غاب الضمير في أمتهم! وفجأة يستيقظ ضمير الامة لتعلن بحثها عن الجناة الذين تسببوا في ارتكاب هذه المجزرة البشرية، فما الذي ستستفيده جثثهم الطاهرة من العثور على القتلة؟ إنهم ميتون من قبل أن يتجرعوا ذلك السم القاتل ميتون مع سبق الإصرار والترصد، ميتون في انتظار شهادات الوفاة وتقرير الطبيب الشرعي، والآن صدر التقرير، وما علينا سوى دفنهم كما يدفن بقية خلق الله، ثم الترحم على أرواحهم التي أزهقناها بأيدينا! اللهم لا اعتراض على حكمك، اللهم اغفر لهم خطاياهم وعوضهم الجنة إنك على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! عشرون دستة من البشر للشاعر الكبير صلاح احمد ابراهيم عشرون دستة لو أنّهم ... حزمةُ جرجير يُعدُّ كيْ يُباع لخدم الإفرنج في المدينة الكبيرة ما سلختْ بشرتهم أشعةُ الظَّهيرة وبان فيها الاصفرارُ والذبول بل وُضعِوا بحذرٍ في الظلِّ في حصيرة وبلَّلتْ شفاههُمْ رشَّاشَةُ صغيرة وقبّلتْ خدودهم رُطوبةُ الإنْداءْ والبهجةُ النَّضيرة **** لو أنَّهُم فراخ تصنع من اوراكها الحساء لنُزلاء (الفندق الكبير) لوُضعوا في قفص لا يمنعُ الهواء وقُدم الحب لهم والماء لو أنهم ... ما تركوا ظماء ما تركوا يصادمون بعضهم لنفس الهواء وهم يُجرجرون فوق جثث الصحاب الخطوة العشواء والعرق المنتن والصراخ والاعياء ما تركوا جياع ثلاثة تباع في كتمة الأنفاس في مرارة الأوجاع لو أنهم لكنهم رعاع من (الرزيقات) من (الحسينات) من (المساليت) نعم ... رعاع من الحُثالات التي في القاع من الذين انغرست في قلبهم براثن الإقطاع وسلمت عيونهم مرواد الخداع حتى اذا ناداهم حقهم المضاع عند الذين حولوا لهاثهم ضياع وبادلوا آمالهم عداء وسددوا**ديونهم شقاء واستلموا مجهودهم قطنا وسلموه داء حتى إذا ناداهم حقهم المضاع النار ...والرشوةُ ...والدخان والكاتب المأجور...والوزير جميعهم وصاحب المشروع بحلفهم يحارب الزراع يحارب الأطفال والنساء وينثُر الموت على الأرجاء ويفتح الرصاص على الصدور ويخنق الهتاف في الأعماق ويفتح السجون حيث يُحشد الإنسانُ كالقطيع ويحكم العساكر الوحوش فيحرمون الآدمي لُقمة في الجوعْ ويحرمون الآدمى جُرعة من ماء ويغُلقون كل كوة تُمرر الهواء وفي المساء بينما الحُكام في القصف وفي السكر وفي انهماك بين غانيات البيضينعمون بالسمر كانت هناك...عشرون دستة من البشر تموتُ بالإرهاقْ تموتُ باختناق لو أنهم ... لكنهم tdwg rvad [[email protected]]