ما زالت الازمات تحاصر ولاة دارفور الجدد فبعد ازمتي جنوب وشرق دارفور، هاهي تنتقل الى غرب دارفور التي ما ان تجاوز واليها خلافاته مع قيادة المؤتمر الوطني بالولاية حتى دخل حيدر قالو كوما في أزمة جديدة بعيد اعلانه عن تشكيلة حكومته الجديدة بساعات، اذ رفض عدد من الدستوريين الذين وقع عليهم الاختيار اداء القسم، بل دفع بعضهم باعتذارات رسمية عن قبول التكليف. وهذا الامر مثل عامل مفاجأة لمواطني الولاية والمتابعين، لجهة ان الوالي اكد قبل اسبوعين ان عملية اختيار اعضاء حكومته تمت بالتشاور مع كافة مكونات الولاية بمختلف شرائحها، وأبان وقتها أن حكومته ستكون ذات قاعدة عريضة بمشاركة عدد من الأحزاب والحركات وبقية التنظيمات السياسية حتى تكون منسجمة وقوية لكي تضطلع بدورها في تقديم الخدمات الضرورية لمواطنيها وذلك بالتنسيق والتعاون التام بينها والمركز. غير ان رفض عدد من الدستوريين اداء القسم واعتذارهم عن التكليف فتح باب التساؤلات حول الدوافع التي تقف وراء مسلكهم غير المتوقع ،علما ان من بين الدستوريين الذين رفضوا التكليف قيادات بالمؤتمر الوطني ابرزهم مستشار الوالي للمرأة والطفل سارة اسحق ، علاوة علي ذلك اعتذار ممثل الاتحادي الاصل سعد عبد الرحمن بحر الدين عن منصب المستشار. و حكومة الولاية الجديدة تتألف من (29) دستوريا من وزراء ومستشارين ومعتمدين ، وكان قد تم تقليص عدد المستشارين إلى (5) ،و تم الابقاء على أبو القاسم الأمين بركة في منصب نائب الوالي، فيما تسلم محمد عثمان هاشم حقيبة وزارة التخطيط الإستراتيجي والأراضي والاستثمار، وتم تعيين محمد علي شريف للمالية ، وتكليف عبد المنان أبوبكر بحقيبة الزراعة. ورغم غياب عدد من الدستوريين عن مراسم اداء القسم ،الا ان الوالي وجه الحكومة الجديدة للعمل بروح الفريق الواحد ونبذ الانتماءات الضيقة من اجل تحقيق تطلعات ورغبات اهل الولاية، واكد ضرورة العمل علي توفير الظروف المواتية لعودة النازحين واللاجئين الى القرى الاصلية وتوفير الخدمات وبسط الامن والاستقرار ومقومات الحياة الكريمة لها، وقال ان اداء القسم للحكومة الجديدة ياتي استكمالا للقرارات الرئاسية في انشاء الولاياتالجديدة في دارفور وهي تعمل مع الحكومات الولائية بدارفور والسلطة الاقليمية لتنفيذ وثيقة الدوحة وتقديم الخدمات للمواطن ووجه الحكومة الجديدة بالتفاني من اجل القيام بمسئولياتها تجاه المواطن مؤكدا ضرورة ان يراقب المواطن اداء الحكومة من اجل محاسبتها والعمل علي الحاق الولاية بالولايات المتقدمة. ولم يتطرق الوالي في كلمته امام اعضاء حكومته الي رفض دستوريين اداء القسم واعتذارهم عن التكليف ،فيما تحدث الامير ابوالقاسم الامين بركة وزير التخطيط العمراني والمرافق العامة نائب الوالي انابة عن اعضاء الحكومة وقال ان الحكومة الجديدة ستكون مميزة وهمها الاول تقديم الخدمات للمواطن وقال ان الشراكة التي اتت بحكومتهم التزام اخلاقي ستستمر لكل من اراد السلام، واشار الى التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة والتي تتمثل في كيفية بسط الامن والاستقرار وتحقيق التنمية المنشودة للمواطن في كافة المناطق والعمل علي تهيئة الظروف لعودة النازحين واللاجئين الى القرى الاصلية من اجل تطبيع الحياة في الولاية واكد قدرة الحكومة الجديدة علي تجاوز كل التحديات وتحقيق تطلعات المواطن. ورغم تجاوز والي الولاية واعضاء حكومته ظاهريا امر اعتذار عدد من الدستوريين ، الا ان الامر ظل محل اهتمام وتداول الشارع بالولاية خاصة حاضرتها الجنينه، حيث ارجع مصدر بالولاية في حديثه للصحافة عن الامر بالامس، اعتذار بعض الدستوريين الي اسباب قبلية بحته ،مشيرا الي ان احدي قبائل الولاية الكبيرة رأت أن منحها منصب مستشار لايتماشي مع حجمها واسهاماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،وقال ان قيادات هذه القبيلة يعتبرون ان هناك ظلما بينا وقع عليهم من جانب المؤتمر الوطني الذي لم يعطي القبيلة حجمها الطبيعي ،ولم يقدر تضحياتها الكبيرة ،مبينا ان هناك دستوري اخر اعتذر من المشاركة لذات الدواعي بعد ان رفضت قبيلته منحها منصب دون حجم مطالبها وتوقعاتها . ويشير المصدر الى ان المؤتمر الوطني بغرب دارفور شهد خلافات بسبب التشكيل الحكومي، رغم انه قد تم في السابق التوافق علي الاسماء المرشحه من قبله للمشاركة في الحكومة،وذلك بناء علي توصيات اللجنة السداسية التي تم تشكيلها لهذا الامر،ولكن حدثت تدخلات من قبل قادة في الحزب افضت الي تقليص نصيب بعض القبائل في المشاركة. ويؤكد ذات المصدر ان هناك احتجاج ايضا داخل حركة التحرير والعدالة بسبب اختيار احد الوزراء، بداعي ضعف علاقته بالتنظيم، فيما تم ارجاع سبب اعتذار سعد عبد الرحمن بحر الدين الي ان منصب مستشار يحمل قدرا من التقليل لكفاءته وشخصيته ورمزية اسرته . ويبرر الامين العام للاتحادي الاصل بغرب دارفور الطيب سليمان اعتذارهم عن المشاركة في حكومة الولاية الجديدة، بان نصيب الحزب لايتناسب مع مكانته وجماهيرته، مضيفا" اتخذنا في الحزب قرارا صريح يوضح رؤيتنا حول المشاركة في حكومة الولاية ويتمثل في ان يكون نصيب الحزب وزير ومعتمد او مستشار، وذلك حتي نتمكن من المشاركة بفعالية في صنع القرار وخدمة المواطن"، مشيرا الى انهم فضلوا الاعتذار بعد اصبح نصيب مشاركتهم محصورا في منصب مستشار، وزاد" قررنا عدم الدفع بسعد عبد الرحمن بحر الدين وذلك لأن المستشار مجرد موظف لايملك صلاحيات تكفل له المشاركة بايجابية في صنع القرارات". وتعتبر قضية رفض الدستوريين اداء القسم هي الازمة الثانية التي تواجه الوالي الجديد عقب ازمته بعد حل الحكومة السابقة ،ويبدو انه كان يتوقع حدوث ازمات تصاحب فترة حكمه ،وذلك لخصوصية الولاية ،حيث وصف في تصريحات صحفية سابقة تكليفه بالمنصب بالصعب والخطير من بين الولاة الجدد لولايات دارفور، عازيا ذلك لعوامل قبلية وتداخل الحدود وتدهور التنمية في الجنينة، واعتبر ان ولايته اسوأ ولايات دارفور من ناحية التنمية والخدمات ،مشيرا الى انه منذ اكثر من «15» سنة لايوجد غير طريق واحد مسفلت، ودعا الجميع لاغتنام التوقيع على وثيقة الدوحة لتقديم كل ماهو ممكن للمواطن في دارفور وفي غربها على وجه الخصوص. فيما يعتبر المحلل السياسي عبد الله ادم خاطر التقاطعات القبلية والسياسية بولاية غرب دارفور جزءا من افرازات المرحلة السابقة، والتي اشار الى ان الولاية تأثرت خلالها كثيرا بالخلافات القبلية، مبديا أسفه من اعتذار عدد من الدستوريين قبول التكليف لاسباب قبلية، مضيفا في حديث للصحافة "والي الولاية اكد تعامله مع كل مكونات غرب دارفور ، واذا حدثت انتكاسه في تطبيق وثيقة الدوحة يتحمل المؤتمر الوطني المسؤولية كاملة، وذلك لأنه الحزب الحاكم فهو المطلوب منه تهئية الاجواء لتنفيذ الاتفاقية بكل ولايات دارفور" وقال خاطر" ان الارهاصات التي تشير الي سعي المؤتمر الوطني لاحتواء حركة التحرير والعدالة، علي شاكلة احزاب البرنامج الوطني، لاتصب في مصلحة الاتفاقية"، مطالبا بمعالجة ماحدث بغرب دارفور حتي لا يتطور .