وصفت النقابة العامة لعمال التعليم العام بداية العام الدراسي السابق ب «الأعرج»، ووجهت انتقادات حادة للجهات المعنية بالعملية التعليمية لعدم توفير المقومات الأساسية من كتاب مدرسي واجلاس، اضافة الى تردي البيئة المدرسية، لافتة إلى عدم توفر حتى الطباشير بالمدارس، جاء ذلك في وقت كشف فيه تقرير لجنة خدمات التعليم والصحة بمجلس تشريعي ولاية الخرطوم عن مشكلات عانت منها مدارس الأساس، مبينة أن العجز في عدد الفصول بلغ العام الماضي «1613» فصلاً، إضافة إلى وجود «455» مدرسة تفتقر للأسوار ، و«321» مدرسة تفتقر لدورات المياه، إضافة إلى النقصان في عدد المكاتب بعدد «2561» مكتباً، والمدارس المختلطة التي تحتاج لفك عاجل «244» مدرسة، إضافة الى «208» مدارس تواجه الكثافة العددية التي تعيق تحصيل التلاميذ، في ظل وجود «91» مدرسة ملجنة، والنقص في إجلاس التلاميذ نسبته 36.6%، والعجز في إجلاس المعلمين 54.1%، والمدارس التي لا توجد بها أسوار «48» مدرسة. وهكذا جاء التقرير الأسود ليكشف واقع التعليم بالخرطوم عند بداية العام الدراسي الماضي. وبالنسبة للعام الحالي بدأت الصورة غير واضحة بسبب «السوفات» التي وردت على لسان وزير التربية والتعليم محمد أحمد حميدة فى مؤتمر صحفي بداية العام الدراسى الحالي الذي أكد فيه أن العام الدراسي سيشهد استقراراً مقارنةً بالعام الماضي الذي شابه التقصير في الإجلاس ونقصان الكتاب المدرسي وتدهور البيئة المدرسية. وبشأن الإجلاس اعترف حميدة بالعجز فيه مما دفع الوزارة للتعاقد مع المدرسة الفنية لتصنيع «20» ألف وحدة، استلمت منها «4» آلاف وحدة، كما استلمت «4» آلاف من شركة أخرى، مبيناً أن سبب العجز فى الإجلاس العام الماضي هو عدم التزام الشركات المنفذة، ومن ناحية الصيانة بدأت الوزارة في صيانة المدارس المحتاجة إلى ترميم وتأهيل، وتم بناء «20» مدرسة جديدة بالولاية. وتحدث ل «الصحافة» الخبير التربوي حسين خليفة الحسن الذي وضع محاولة الحل في محورين، وقال إن تدهور العملية التربوية ناتج عن تدهور البيئة المدرسية الطاردة، والكل يعرف ذلك رسميون وشعبيون، إذ لا يتوفر الكتاب المدرسي ولا المعلم المؤهل، لذلك لا بد من تكوين لجنة من خبراء التربية ورجال المجتمع لدراسة حالة البيئة المدرسية في المدارس، على أن تقوم اللجنة بوضع الدراسات العملية بعد الزيارة الميدانية للمدارس، وفي الوقت نفسه لا بد للدولة أن تلتفت لتحسين الحالة المتدنية التي وصلت إليها المدارس، وأن تضع ميزانية للتعليم بدلا من نسبة ال 2% المخصصة حالياً، فمثلاً دولة السويد تخصص 40% من الميزانية العامة للتعليم، لكن على العموم مازال عدم توفر معينات ومتطلبات وتردي البيئة المدرسية ماثلاً أمام الجميع. الخبير بكلية الصحة بجامعة الخرطوم محمد عوض الكريم قال إنه وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية لا بد من توفر مرحاض لكل «15» بنتاً أو «25» لكل صبي، وطالما هذه المراحيض تعتبر من المراحيض العامة فإنها تعاني المشكلات المرتبطة بسوء الاستخدام وعدم النظافة، لذلك يجب تعيين شخص مؤهل لنظافة دورات المياه لأنها تحتوي مخلفات آدمية يجب التعامل معها بحذر منعاً لانتقال الأمراض، ولا بد من توفر مصدر مائي مع التوعية بضرورة غسل الأيدي. ووفقاً لحديث عوض الكريم ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن التلميذ يحتاج الى «15» إلى «20» لتراً يومياً، ونؤكد أهمية وجود مورد مائي من الشبكة القومية، ويجب توفير وسائط تخزين وإيجاد سبل جيدة لأخذ المياه منها دون تعريضها للتلوث نسبةً لحساسية المياه العالية تجاه إيصال كل الملوثات إلى الأشخاص السليمين، ما ينتج عنه ما يعرف بالأمراض المتولدة من المياه خاصة أمراض التايفويد والتهاب الكبد من فئة «أ» لهم ولأهلهم. كما لا يجب أن ننسى موضوع التهوية فالمدارس تعتبر مثل المنازل، فلا بد من توفر التهوية والإضاءة الطبيعية والصناعية، مع مراعاة عدم اكتظاظ فصولها بأعداد كبيرة لتقليل فرص انتقال الأمراض مثل السل الرئوي، كما أن عدم الاكتظاظ مهم للمعلم حتى يؤدي دوره بالطريقة المطلوبة. والكل يدرك تردي بيئة المدارس، والجميع يشيح ببصره عنها لضخامة المشكل والحل، تاركين فلذات الأكباد ونور المستقبل يتعذبون جلوساً على الأرض ظمأى إلى رشفة ماء، وتواقين إلى ساحة لعب واسترخاء، ومكان يستوعب فضلاتهم.