دعا خبراء قانونيون الحكومة إلى إعادة النظر في القوانين التي تضمنت موادها النص على عقوبة الاعدام لاسيما المتعلقة بجرائم امن الدولة لانها ابعد ماتكون عن السمة الجنائية، وهاجم المشاركون في ورشة «دور الاعلام السوداني في الحد من تطبيق عقوبة الاعدام» التي نظمها المرصد السوداني لحقوق الانسان و المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، في الأول من امس بمركز طيبة للاعلام ما سموه التلاعب بقوانين الارهاب ، تقويض الدستور ، امن الدولة مشيرين الى ان العقوبة الحدية اصبحت تستخدم في تصفية الحسابات السياسية وكسيف مسلط على رقاب المعارضين للنظام معتبرين ان الاسلام حاصر الاعدام بالديات والعفو. وافتتح الورشة استاذ القانون الدولي الدكتور امين مكي مدني بالحديث عن «الحق في الحياة في التشريعات الوطنية والدولية ،» وانتقد مكي ما سماه التلاعب بقوانين الارهاب ، تقويض الدستور ، امن الدولة وقال ان وجود قوانين سيئة السمعة تضع البلاد في «مطب» قضائي مبديا اسفه من تطبيق القضاء لها وضرب نموذجاً لذلك بقوانين العقوبات والجرائم الموجهة ضد الدولة والارهاب والتعامل مع الاجنبي و قال مكي الأنكى من ذلك منح الشرطة وامن الدولة حصانات اضافية في عامي 2007 و2009 تجنبهما المساءلة في حال حدوث تجاوزات وشدد مكي على حتمية الاصلاح القضائي والقانوني لاسيما للتشريعات المخالفة لاتفاقية السلام الشامل ووثيقة الدستور والمواثيق الدولية التي وقع عليها السودان . وتناول الكاتب الصحفي قرشي عوض دور الصحافة السودانية في الحد من عقوبة الاعدام مقرا بضعف تأثيرها باستثناء بعض الفترات المتقطعة وعزا عوض ذلك لجملة عقبات تواجه الصحفي منها محاكمة الصحفيين باكثر من قانون «الجنائي والصحافة وامن الدولة» والرقيب الداخلي بجانب خنق الوسيلة الاعلامية عن طريق الاعلان الذي يوزع على الصحف حسب سياستها من الدولة واعتبر عوض ان ذلك ادى الى تأثير سلبي على الصحف التي اصبحت عرضة للاغلاق و»الفلس» ومغادرة سوق الصحافة مشيرا الى ان صحافة بهذا الشكل لن تستطيع ان تلعب اي دور في قضايا حقوق الانسان. ووصف عوض الصحافة السودانية بالاخبارية منبها الى غياب الصحافة الاستقصائية لاسباب تتعلق بغياب المعلومات التي تحتكرها الدولة واشار عوض الى ان الدولة تفرج عن المعلومات «بالقطارة» لخدمة قضايا محددة بينما لاتسمح باي معلومات حتى ولو دنيا في قضايا اخرى، واشار الى ان الصحافة في عهد مايو لم تثر قضية اعدام محمود محمد طه الا بعد سقوط نظام نميري كما اشار الى بعض النماذج الاخرى في حكومة الانقاذ ، وبرغم هذه الضغوط الا ان عوض يرى ان للصحافة السودانية بعض الاشراقات اذ استطاعت ان تلعب دوراً محورياً في عدة قضايا كقضايا الاغتصاب وقضية الصحفية لبنى أحمد حسين وشلت يد المسئولين وخلقت منها قضايا رأي عام وطالب قرشي بوضع معالجات للمشاكل الثقافية التي تواجه المجتمع بدلا من التغليظ في العقوبة وقال ان الدولة تحاول تعويض عجزها بالتشديد في العقوبة واستدل قرشي على ذلك بعقوبة الاعدام في الاتجار بالمخدرات وقال ان هناك اسئلة تتطلب الاجابة قبل تحديد العقوبة مثل «اسباب لجوء الناس الى المخدرات واسباب انتشارها وسط الشباب. واضاف عوض من الضروري البحث والتوقف على أسباب ودوافع ارتفاع معدلاتها وتفشيها في المجتمع . وفي حديثه عن «تجربته في القضاء «انتقد القاضي السابق والخبير القانوني مولانا محمد الحافظ ما آل اليه حال القضاء واكد ان القضاء في السابق كان يبحث في اسباب تفادي عقوبة الاعدام برغم من اكتمال عناصر وموجبات تطبيقها .وقال ان النظام القضائي يحتاج الى اعادة نظر مشددا على ضرورة اتباع اجراءات مشددة في تطبيق عقوبة الاعدام بخلاف الاجراءات التي تتخذ في حق القضايا العادية لجهة ان الإعدام هو العقوبة الوحيدة التي لا يمكن إعادة النظر فيها، إذا ما ظهرت أدلة تثبت براءة من أدين بها . وطالب الحافظ الصحافة بالتحلي بقدر من الجرأة لنقد الاحكام القضائية مشيرا الى ان ما يصدر من القضاة ليس مقدسا وانما قابل للنقد لانه جهد بشري مالم تامر المحكمة بايقاف النشر وشدد على ضرورة الغاء الحصانات الموجودة معتبرها عقبة في تحقيق العدالة . وقال الحافظ ان هناك بعض الفقهاء رهنوا تطبيق عقوبة الاعدام بوجود حاكم مشهود له بالعدل وقال ان التجربة السودانية كانت تقوم الى حد كبير على البحث المضني في وقائع اي دعوى للوصول الى العدالة وقال ان مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه كان ميالاً الى اخذ الديات والعفو اكثر من القتل مقتديا في ذلك بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال «ادرأوا الحدود بالشبهات « من جانبها اكدت الكاتبة الصحفية رشا عوض ان العقوبات اصبحت تستخدم في تصفية الحسابات السياسية وكسيف مسلط على رقاب المعارضين للنظام مشيرة الي ان الاسلام حاصر الاعدام بالديات والعفو وكذلك فعلت فلسفة القانون الدولي التي حدت من عقوبة الاعدام واستشهدت رشا بالمحكمة الجنائية التي تتعامل مع مجرمي حرب الا انها لا تطبق هذه العقوبة على متهميها ورأت رشا ان ضعف الصحافة الاستقصائية مرتبط بالظروف السياسية والقانونية ، فيما اعربت استاذة القانون بجامعة الزعيم الازهري زحل الامين عن قلقها من ان الترويج لالغاء عقوبة الاعدام وسط انتشار آيديولوجيات معينة مشيرة الى ان تأثير الاعلام على التشريع سلاح ذو حدين فيما طالب المستشار القانوني لشبكة حقوق الانسان معتصم الامير ببناء قدرات الاعلام في المسائل القانونية وايجاد اعلام متخصص يساعد في تناول القضايا ذات الطبيعة القانونية كما طالب بمواءمة 63 قانونا وطنيا تتقاطع مع التشريعات والمواثيق الدولية الموقع عليها السودان ، واكد الامير ان قوانين الارهاب والتوسع في الاعدام السياسي والجرائم الموجهة ضد الدولة تتعارض مع العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.