طوق أمني تسعى الخرطوم الى تفعيله وإنشائه على طول الشريط الحدودي الذي يفصلها من دول الجوار خاصة تلك التي لا تفصلها عنها حدود طبيعية تمثل درعاً أمنياً طبيعياً، وبدا واضحاً ان الحدود الغربية للبلاد تمثل هاجساً لدى الحكومة التي شرعت أولاً بتأمين الحدود المشتركة مع دولة تشاد بإنشاء قوات سودانية تشادية ساهمت في وضع حد للنزاعات السودانية التشادية منذ أن تمت المصادقة على اتفاقية تكوين القوات المشتركة ، حسب وصف قائد القوات السودانية التشادية المشتركة العقيد فتح الرحيم عبد الله الذي قال ان تجربة القوات المشتركة نجحت في انهاء النزاعات بين الدولتين وأسست لتعاون مشترك بين الجيشين في البلدين كما عملت على تجفيف المعارضة المسلحة لدى كليهما . ووفق بنود الاتفاق فإن تعامل افراد القوة المشتركة يكون مباشرة مع مواطني البلدين وهواحد عوامل نجاح التجربة لدى العقيد عبدالله . وهو ما دفع الحكومة السودانية لتوقيع بروتوكولات مماثلة مع دولتي جنوب السودان وليبيا ، وعلى الرغم من أن النزاع حول ترسيم الحدود لم يحسم حتى الآن بين دولتي السودان وجنوب السودان إلاّ أن الدولة الوليدة ترى في إنعاش فكرة قوات الدفاع المشتركة التي كانت قائمة بموجب إتفاقية السلام مدعاة الى عودة الاستقرار على الحدود بين البلدين وإعتبر المتحدث بإسم الجيش الشعبي في دولة الجنوب فليب اقوير ان التحسن في العلاقات العسكرية الأمنية سيؤثر إيجاباً في العلاقة بين الدولتين كما سيعود بالمنفعه على المواطنين الذين يقطنون على الشريط الحدودي المشترك وقال أقوير ل ( الصحافة ) عبر الهاتف امس « برغم السلبيات التي صاحبت تجربة قوات الدفاع المشتركة إلاّ أنه في حال أفلحت القيادات في البلدين في المصادقة على اتفاق أمني سيكون من أفضل الوسائل لتحقيق الأمن الحدودي بالإضافة الى انه سيلعب دورا في إزالة الشكوك التي تسببت في نسف كل الإتفاقيات الأمنية التي وقعت بين الجارتين ، واشار اقوير الى انه سبق وتم توقيع إتفاق أمني في أديس ابابا في العام الماضي لكنه نسف قبل ان تمر 24 ساعه على توقيعه . بيد أن أمنيات جوبا وحدها لن تجدي في ظل اجواء عدم الثقة بين البلدين التي عرقلت خطوات ترسيم الحدود . وحسبما يرى الخبير الامني العميد حسن بيومي فإنه مالم يتم وضع حل للمشاكل العالقة بين الدولتين، والتوصل لاتفاق بشأن الحدود فان وجود قوات على الحدود المشتركة سيجر مشاكل للسودان الشمالي ، ولان دولة الجنوب لازالت تعتبر ناشئة فقد تستعين بحلفائها في حمايتها لذا من الممكن ان تستعين بدولة اسرائيل لحماية حدودها في حال لم يتم الاتفاق على ترسيم كامل للحدود التي يبلغ طولها (2000 كيلومتر). ولكن الطرفين نجحا رغم الخلافات المستشرية بينهما حول العديد من الملفات، في احداث اختراق في ملف الحدود واكملا خلال جولة الحوار الاخيرة باديس ابابا حسم (90%) على الورق. وهو ما يعكس الاحساس المتزايد من الخرطوموجوبا باهمية تأمين الحدود المشتركة وابعادها عن ساحة الخلاف بين العاصمتين. ومن المؤمل كما أعلن الجيش السوداني أن يتم غداً الثلاثاء توقيع بروتوكول لتشكيل قوات سودانية ليبية مشتركة على الحدود بين الدولتين، بينما يرى خبراء أن تكوين قوات مشتركة مع ليبيا ما بعد القذافي تعود بالمنفعة على الحكومة الليبية المؤقتة وحدها وربما تؤدي تلك القوات الى تخفيف الضغوط الداخلية والصراعات الناجمة عن عدم مقدرة المجلس الإنتقالي الليبي من السيطرة على كل مفاصل الدولة ومن ثم ضبط الأمن الداخلي ، ويرحج خبراء أن ليبيا في المرحلة القادمة ستعتمد على القوات المسلحة السودانية في حماية حدودها الجنوبيةالغربية وفي منع المهاجرين غير الشرعيين والمرتزقة من التسلل داخل الحدود الليبية . وهنا يتساءل الخبير الأمني حسن بيومي عن مغزى وفوائد إنشاء مثل تلك القوات المشتركة مع ليبيا على الأمن القومي السوداني لا سيما وأن الحكومة القائمة الآن حكومة مؤقتة من صنع الولاياتالمتحدةالامريكية ورحج بيومي في حديث ل( الصحافة ) امس أن تبلغ ليبيا الحكومة السودانية برفضها التوقيع على بروتوكول التعاون الأمني وذلك بعد إستشارة حليفتها أمريكا . في ذات السياق فإن المجلس الإنتقالي خطا خطوات أكثر فعالية نحو بناء دفاعاته بعد أن وقع على مذكرة مع باريس تتولى فيها الأخيرة مهمة تدريب ضباط وإختصاصيين في الجيش الليبي ، وقال وزير الدفاع الليبي امس الأول إن «التعاون بين ليبيا وفرنسا هو مشروع طويل المدى « . وبدا واضحاً أن باريس تعمل هي الأخرى على حماية عمقها الأمني وذلك بإعتبار أن ليبيا معبر رئيس لطالبي الهجرة غير الشرعية من الدول الأفريقية الشئ الذي حتم تعزيز المراقبة باستخدام وسائل تقنية متطورة وطائرات وأقمار صناعية وأنظمة رادار وأيضا بتدريب عناصر على استعمال هذه التقنيات . ويبدو ان الخطوات الحكومية الماضية ، في الاستفادة من التجربة الناجحة مع تشاد، لا تكتفي بتوقيع مثل تلك الاتفاقية مع اثيوبيا والجنوب فقط فقد تتجه ايضا الى اريتريا التي تمتلك حدودا لا يستهان بها مع السودان، وتتصف بخلوها من كل الموانع الطبيعية، بالاضافة الى انفتاحها على الكثير من ما يقلق السلطات الأمنية في الخرطوم.