استعجل السودان مجلس الأمن للرد على شكواه ضد أحدث جيرانه، لأنه وفي حال تأخر رده كعادته فإن الحكومة السودانية ستحتفظ بحق الرد على مهددات أمنها القومي – الحركات المسلحة – التي تأويها دولة جنوب السودان، ومجلس الأمن إذا وافق وقدم مساعدات للحكومة السودانية فإنه يكون قد أنجز مهامه الأساسية الواردة في ميثاق الأممالمتحدة والتي تهدف الى صيانة الأمن والسلم الدوليين، وذلك وفق مرئية مندوب السودان الدائم في المنظمة الأممية دفع الله الحاج الذي قام أمس بتسليم المندوب الدائم لجمهورية توقو كودجو مينان بصفته الرئيس الحالي لمجلس الأمن شكوى الحكومة الرسمية ضد الهجوم الذي قادته الجبهه الثورية في مناطق بجنوب كردفان وفيها طالب دفع الله بشدة رئيس مجلس الأمن إرسال رسالة قوية وبينة لحكومة جنوب السودان للكف عن دعم حركات التمرد التي تعمل تحت مظلة الجبهة الثورية السودانية. والحكومة السودانية إذ تفعل ذلك فإنها تكون قد أحيت عرفا دبلوماسيا متعامل به دولياً ، ووسيلة للتعبير عن رفضها الإعتداء على حدودها وممتلكاتها، ولكن ما بدا أن الخرطوم تُدرك جيداً أن لا جدوى ترجى من تلك الشكاوى وذلك من واقع تجاربها مع مجلس الأمن فقد بلغ عدد الشكاوى منذ إعلان انفصال جنوب السودان في يوليو الماضي وحتى الان أربعة شكاوى لم تجد حظها من التداول داخل المجلس ناهيك عن أن يبت فيها أو تحسم سواء سلباً أوإيجاباً ، وهو ما تعتبره الخارجية السودانية إزدواجية في المعايير التي يتعاطي بها مجلس الأمن مع القضايا التي تطرح أمامه وحسب وكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان فإن الحكومة السودانية ستظل تتقدم بشكاويها لمجلس الأمن متى ما دعت الضرورة الى ذلك وقال ل ( الصحافة ) امس " نحن ندرك أن مجلس الأمن يتعامل بمبدأ ازدواجية المعايير لكن مهمتنا تقتضي تقديم الشكاوى أما أن تحسم أو لا فإن ذلك ليس من إختصاصنا " ، وأوضح رحمة الله أن السودان ليس من الدول الأعضاء في مجلس الأمن ولا يمتلك حق الفيتو وبالتالي فإن لا يمتلك أية نفوذ داخل أروقة المجلس وأضاف "الأمر خاص بمصالح ونفوذ الدول الكبرى" . ويرى متابعون أن الدبلوماسية السودانية تعاني من حالة عزلة لم تستطيع الفكاك منها وإن كانت أثبتت للمجتمع الدولى إلتزامها بتنفيذ كل الإتفاقيات التي تمخضت في النهاية عن إعلان دولة جنوب السودان ، وهو الشئ الذي جعلها تخسر كل معاركها التي تحتكم فيها الى المنظمات الدولية ضد احدث دول العالم، في الوقت الذي ينشط مجلس الأمن في إستصدار القرار تلو الآخر ضد الحكومة السودانية منذ توليها السلطة منذ عقدين واكثر، وعلى ما يبدو أن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن – روسيا والصين – الحليفة الأبرز للخرطوم لا تسطيع خلق تحالف قوي داخل مجلس الأمن لمساعدة الحكومة السودانية . على الرغم من أن وزير الخارجية علي كرتي قد أوضح عقب تلكؤ مجلس الأمن في حسم شكاوى الحكومة و طلبها الضغط على جوبا لطرد الحركات المناوئه للحكومة السودانية من أراضيها، أوضح أنهم يتقدمون بشكاويهم بإيعاز من الدول الصديقة . لكن وإن أوعزت دول كبرى لحلفائها من الدول تقديم شكاوى تظلم لمجلس الأمن فإن الأخير لا يتعامل بجدية مع الشكاوى التي يكون محورها نزاع بين دولتين، وهو إجراء لا يمكن المراهنه عليه في جلب الحق المنزوع أو رد الهجمات التي تزعع أمن الدول . كما أن الدول دائمة العضوية لا تضغط في أي إتجاه في مثل الشكاوى التي رفعتها الخرطوم ضد جوبا ، وحسب مصدر دبلوماسي تحدث ل ( الصحافة ) عبر الهاتف امس فإن الحكومة تُدرك ذلك جيداً، لكن ما تقوم به من إجراءات معلنه على الصعيدين الداخلي والخارجي فإنه من باب العلاقات العامه ليس إلاّ ، وأنها أي – الحكومة – تريد أن تثبت للرأي العام المحلي والعالمي أنها تعمل على كافة المحاور الداخلية بتقديمها تنوير لكافة أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في الخرطوم وخارجياً بتقديمها شكوى لدى مجلس الأمن وهي تدرك أن المجلس لن يتعامل معها بجدية . ولمّا كانت الإجراءات تقتضي أن ترسل الشكوى الى رئيس مجلس الأمن فإنها لا تلقي أي إستجابة لأنها موجهه الى الأضابير وليس الى ساحات التداول الرسمي أو غير الرسمي ، وفق ذات المصدر السابق ، الذي اضاف قائلاً " واهم من كان يظن أن مجلس الأمن سيتدخل من أجل مصلحة دولة ضد أخرى ، مالم تكن هناك مصلحة مباشرة للدول دائمة العضوية في المجلس" . في حين أماط ذات المصدر اللثام عن عدم تلقي السفارة السودانية في واشنطن اي إخطار رسمي من مجلس الأمن بإستلام الثلاث شكاوي التي سبق وتقدمت بها الخرطوم في حق حكومة الجنوب ما يعني ضمنياً أن المجلس لا ينوى الرد عليها في الأساس . وبعيداً عن ساحات المعارك التي تدور بين دولتي السودان وجنوب السودان في ردهات مجلس الامن فإن من المؤمل أن تستأنف عملية التفاوض السلمي بينهما في الأسبوع الأول من مارس المقبل حيث بدا لافتاً تأكيد وزير الخارجية علي كرتي من العاصمة الصينية " بجين " أن السودان سيلتزم في تعامله مع دولة جنوب السودان لحل القضايا العالقة بالنهج السلمي وعبر طاولة التفاوض .