بالتزامن مع إستئناف العملية التفاوضية بين دولتي السودان وجنوب السودان، أصدر مجلس الأمن بياناً شديد اللهجة طالب فيه الجانبين بعدم تقديم أي دعم للحركات المسلحة سواء كان دعما مباشرا أو غير مباشر، موبخاً في ذات الوقت الطرفين على تجدد الإشتباكات على الشريط الحدودي الفاصل بينهما معتبراً أن الإستمرار في تلك الاشتباكات من شأنه إذكاء نار التوتر والخلاف بخصوص النفط وما يتبعه من جدل حول رسوم عبوره عبر دولة السودان. واكد المجلس «ان اي عمل منفرد فيما يتصل بقطاع النفط سيضر بالامن والاستقرار والرخاء في الدولتين» وطالب رئيس مجلس الامن في خطابه أمام الدول الأعضاء «الا تتخذ حكومتا السودان وجنوب السودان اي عمل يقوض الامن والاستقرار في البلد الاخر بما في ذلك اي شكل مباشر او غير مباشر من مساندة مجموعات مسلحة في اراضي البلد الاخر.» كما عبر مجلس الامن التابع للامم المتحدة عن قلقه الشديد من أنباء عن حوادث عنف متكررة عبر الحدود بما في ذلك تحركات القوات وتقديم المساندة لقوات بالوكالة وغارات القصف الجوي وهو يعتبر الوضع خطرا بالغا على السلام والامن الدوليين.» وفيما يرى متابعون أن بيان مجلس الأمن امتاز بالحياد بتوجيه خطاب مشترك الى الدولتين الجارتين على حدٍ سواء إلاّ أن الحكومة تعتقد ان بيان مجلس الأمن لم يكن ليخرج بصورته التي خرج بها لولا تصدي مندوب السودان وفي معيته الدول الصديقة - روسيا والصين - للمحاولات الأمريكية التي تحاول لي عنق الحقيقة حسب تعبير المتحدث باسم وزارة الخارجية الذي إتهم واشنطن بتدبير تقارير مجافية للحقيقة وقال العبيد مروح ل ( الصحافة ) « إحتوى بيان مجلس الامن في صيغته الأولي على الكثير من السوء، لكن بجهود مندوب السودان وروسيا والصين تم إجراء تعديلات أساسية في الصيغه المطروحة» ليعود مؤكداً ترحيب ورضا الحكومة بماورد في البيان وأضاف « هي معركة دبلوماسية سنخوضها ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية مثلما نخوض الآن معارك سياسية وأخرى عسكرية « . وبدا أن الوضع الإنساني في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق كان أحد محفزات إنعقاد تلك الجلسة لاسيما إذا عدنا الى حديث الولاياتالمتحدةالأمريكية التي سبق ان حددت شهر مارس الحالي موعداً لإعلان حدوث مأساة إنسانية في الولايتين ما لم يتم تدخل دولي من قبل المجتمع الدولي وفتح معابر آمنة من أجل أيصال المساعدات الانسانية الى المحتاجين، ويتضح من رد فعل مندوبة أوباما في مجلس الأمن أن مخرجات إجتماع امس الأول كانت مرضية بالنسبة لواشنطن حيث اشادت السفيرة الامريكية لدى الاممالمتحدة سوزان رايس بما قالت إنه بيان «طال انتظاره» وقالت ان إدارة البيت الأبيض «تشعر بقلق بالغ للوضع الانساني المتردي في جنوب كردفان والنيل الازرق حيث يتعرض مئات الالاف للمخاطر اليومية و للعنف والمجاعة» وكان البيان الذي خرج من مجلس الامن قد جاء بعد ان شكا البلدان بعضهما من بعض لدى مجلس الامن، وبدا لافتاً نفى سفيري البلدين في مجلس الامن ارتكاب أي مخالفات ضد البلد الأخر. فيما تعتبر الحكومة أن بيان الإدانه الذي خرج من مجلس الأمن هو المحاولة التاسعة منذ أن بدأت الإدارة الأمريكية بالضغط في إتجاه إدانة السودان على خلفية تصاعد الأحداث في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ووفق حديث المروح فإن المجلس فشل في سبع محاولات فشلا كاملا فيما حظي بفشل جزئي في الأثنين الأخريين . ويسود إعتقاد واسع لدى الخرطوم أن امريكا تبذل جهدها من أجل إستخراج بيان إدانه ضدها وانها بذلك تتحيز تحيزا واضحا لحليفتها في المنطقة دولة الجنوب، وطالبت الحكومة، واشنطن بتوفير جهودها الخاصة باستخراج بيانات الإدانة والكف عن العمل العدائي ضدها، وجددت الخارجية السودانية تأكيداتها بعدم وجود أزمة إنسانية في جنوب كردفان على الرغم من إقرارها بوجود وضع إنساني غير مستقر وهو نتاج طبيعي لواقع الحرب المفروضة في المنطقة وذلك وفق المتحدث باسمها الذي واصل في حديثه ل الصحافة عبر الهاتف قائلاً « على امريكا ان تعمل على وقف الحرب في المنطقة بدل العمل على الادانات، والإهتمام المنحاز لدولة الجنوب « معتبراً إياه إهتماما انتهازيا ليس إلاّ. بينما يمضي البعض الى الجزم بأن إدانة مجلس الأمن للدولة الوليدة سيردع جوبا من إستمرارها في تبني خط المواجهة مع الخرطوم لاسيما وأن الدولة حديثة التكوين لم يمر عام على إستقلالها دبج في ملفها إدانة من المنظمة الأممية. الا أن المحلل السياسي خالد التجاني يرى في بيان مجلس الأمن دليل إدانة للمجتمع الدولي أولاً لأنه فشل في مرحلة السلام كما فشل سابقاً في وقت الحرب، بإعتبار أن اتفاقية السلام تمت برعاية ومباركة المجتمع الدولي وبالتالي على المجتمع أن يلعب دورا أكثر إيجابية وعلى دول كفرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية أن تقوم بالدور المنتظر منها، وقال التجاني ل( الصحافة ) عبر الهاتف امس «بيان مجلس الأمه سواء أدان السودان أو جنوب السودان غير مقبول لأن المجتمع الدولي إذا قام بمسؤولياته لما لجأ الطرفان للشكوى لدى مجلس الامن «، مشيراً الى أن الأطراف الوطنية لديها أيضاً دور في الصراع الدائر الان بين الدولتين وزاد «على الرغم من مرور سبعة أشهر على انفصال الجنوب إلاّ أن العملية تمت بصورة عدائية ما أدى الى الفشل في التوصل الي حل في الملفات العالقة» . وتأتي تطورات وضع الملف السوداني على طاولة مجلس الأمن في وقت تمضي فيه المفاوضات بين الطرفين في العاصمة الأثيوبية أديس ابابا بصورة متعثرة، وتفيد مصادر الأخبار أن التفاوض بدأ أولاً بملف النفط ومن ثم مناقشة قضية ترسيم الحدود والجنسية لكنها لم تشهد حتى ألأن أي تقدم يذكر فهل ستعود الادانة الموجهة للدولتين بنتائج على طاولة المفاوضات؟، هذا ما ستفصح عنه الايام القادمات.