اخيراً أخلى المناصير اصحاب الخيار المحلى اعتصامهم الذى استمر ل «110» أيام بالتمام والكمال دون انقطاع ليسطروا قصة عنوانها الصبر الجميل ضاربين المثل فى الانضباط وأخذ الحقوق المشروعة بطريقة اكسبتهم احترام الجميع بانتهاجهم التعبير السلمى والعصيان المدنى بميدان امانة الحكومة بعاصمة ولاية نهر النيل الدامر والذى اطلقوا عليه ميدان «العدالة» بعد ان تمترسوا فيه لفترة عانوا فيها لحظات الانتظار القاتلة تحت اشعة الشمس الحارقة الى ان فضوا الاعتصام في «جمعة النصر» ، وسط أجواء احتفالية وخطابية ومراسم لزيجتين من المغادرين، تخللتها الزغاريد والتهليل والتكبير، ومن ثم غادروا ميدان العدالة على أمل ان تفي حكومة الولاية بما وعدت. «الصحافة» كانت هناك وشهدت لحظات الاعتصام الأولى منذ بدايته يوم الأحد 20 يناير من هذا العام حيث تدفق المناصير الى الدامر قبل الموعد المضروب بعد ان اخطروا حكومة الولاية والشرطة بالاعتصام فبعضهم قضى الليل الأول خارج اسوار المدينة والبعض الأخر تحرك فجراً من قراهم المحاصرة بالمياه، وهبت المدينة على غير عادتها منذ بواكير الصباح بحركة دؤوبة، وشوارع مكتظة بالمارة، وفتح السوق باكراً الا ان القادمين كانوا يقصدون مكاناً واحداً فلم يأتوا للتسوق والشراء هذه المرة وانما اتوا يحملون مطالب طال انتظارها، وفى تمام الساعة التاسعة من صباح الأحد تحول الميدان الذى يقع امام مبنى امانة الحكومة الى ساحة بيضاء كحقل قطن فى انتظار القطاف ، واحتل المناصير كل اجزاء المكان وافترشوا الرمال يحملون حقائبهم ومتاعهم ، تحوطهم شرطة مكافحة الشغب وتطوق الميدان كأسورة وافرادها يحملون العصى والهراوات وخلفهم صناديق «البمبان» الغاز المسيل للدموع خوفاً من اندلاع اشتباكات وانفراط عقد الأمن فى المكان، الا ان أمراء الخيار المحلى خاطبوا الجموع الحاشدة بالالتزام بالعصيان المدنى السلمى وتفويت الفرصة على كل من يحاول ان يختطف قضيتهم او يحاول استفزازهم، وظلوا على هذه الحال طوال «110» أيام الى ان صلوا صلاة الشكر قبيل مغادرة اخر افواجهم الميدان عند الساعة الثانية عشرة من ظهر امس الأول الى قرى الخيار المحلى. «الصحافة» ايضاً كانت هناك وشهدت جمعة النصر وفض الاعتصام ورصدت احتفاء قاطني الاحياء المجاورة لمكان الاعتصام ورواد سوق الدامر حيث ودعوا المعتصمين بالاحضان والدموع، وامتدح اصحاب المنازل المجاورة للميدان سلوك المعتصمين طوال اكثر من ثلاثة اشهر، بينما افتقد سوق الدامر اياما انتعشت فيها الحركة التجارية. وقال رئيس مجلس المتأثرين اللواء عثمان خليفة، ان القيادة السلسة لميدان الاعتصام مكنت المناصير من ادارة حوار سلمي وحضاري، واعتبر خلال مخاطبة المعتصمين المغادرين الاتفاق المنجز هدية لكل السودانيين وعبرة مفادها ان الحقوق يمكن نيلها سلميا بدلا عن حمل السلاح وسفك الدماء ، واكد الخليفة وجود اجماع على ضرورة فض الاعتصام، وقطع بالتزامهم بالاتفاق الموقع مع الحكومة. الجدير بالذكر ان فض الاعتصام جاء بعد يوم واحد من التوقيع على اتفاق بين الأطراف، ويضمن الاتفاق تنفيذ مشاريع الخيار المحلي الخدمية والتنموية مع الوفاء بحقوق المعتصمين في التعويض المالي للمساكن والمغروسات. وفى حديثه ل «الصحافة» اوضح مسؤول الاعلام لمتأثرى قيام سد مروى الرشيد الأفندى، ان المناصير قرروا رفع الاعتصام وليس وضع حد لنهايته بصورة قاطعة ، وقال رفعنا الاعتصام بعد ان اثبتنا حقوقنا اولاً ومن ثم اردنا بهذه الخطوة ان نؤكد على المبدأ السلمى الذى اتخذناه للتعبير عن حقوقنا المشروعة ومن ثم اعطاء حكومة ولاية نهر النيل الفرصة الكافية لتنفيذ الاتفاق وتحقيق ماتم التوصل اليه. واضاف الأفندى ان قرار فض الاعتصام الذى دام ل «110» أيام أتى نتيجة لقناعة المعتصمين فلم يؤثر أحد فى اتخاذ قرارهم وانما أتى ذلك كنتاج لخطوة عملية ومبادرة لوضع حد للقضية بعد التعهد القاطع لحكومة الولاية بتنفيذ مطالب اصحاب الخيار المحلى والتى اعتصموا من اجلها. واوضح الافندى ان الاتفاق الذى تم مع حكومة الولاية كان مرضياً لهم لأنه شمل جميع المطالب بما فيها التعويضات وتنمية المنطقة. وقال الأفندى ان تنفيذ الأتفاق تم بضمان القيادى حسن عثمان رزق الذى كان للجنته دور كبير فى الوصول الى حل بشأن الخيار المحلى. وقال احد المعتصمين فى ميدان العدالة بعاصمة ولاية النيل الدامر ، صالح «حسن بابكر انهم فضوا الاعتصام لاتاحة الوقت لحكومة الولاية لتنفيذ ماعليها، واوضح ان جميع المعتصمين اخلوا الميدان الذى كان يضج بالحياة والحركة وتوجهوا الى قراهم فى منطقة الخيار المحلى فى محلية البحيرة بالقرب من خزان سد مروى لمباشرة حياتهم الطبيعية. واوضح بابكر ان المعتصمين رفعوا الاعتصام الى حين تنفيذ المطالب، وقال اذا وجدنا ان الاتفاق اصبح حبرا على ورق ولم نلمس جدية فى تنفيذ ما اتفقنا عليه فنقول ان الميدان مازال مفتوحاً وسنعاود الاعتصام من جديد حتى تحقيق مطالبنا المشروعة. ومن جهته ،يؤكد رئيس لجنة المتأثرين من قيام سد مروي أحمد عبدالفتاح ل «الصحافة» انهم لم ينهوا الاعتصام بل رفعوه الى حين تطبيق الاتفاق على ارض الواقع، وحتى تلتقط الحكومة أنفاسها، وقال «ان عادوا عدنا واي خلل في تنفيذ الاتفاق من قبل الحكومة سيقود لوسائل ضغط اخرى»، واضاف عبدالفتاح، ان الاتفاق فرض عليهم في المجلس وحكومة الولاية تحديات كبيرة لتنفيذه واثبات حقيقة أن المنهج السلمي في الحوار والتفاوض للتعبير عن المطالب ونيل الحقوق، هو الأوحد دون غيره. يشار الى ان لجنة المتأثرين بسد مروي اصدرت بيانا موجها للشعب السودانى امس ممهورا بتوقيع امانة اعلام اللجنة التنفيذية - المناصير، تحصلت «الصحافة» على نسخة اكد على اعلاء قيم السلم والمراهنة على المواقف السلمية وأنها الطريق الافضل والاصلح للمطالبة بالحقوق ، وقال البيان «انتصرت قيم السلم قبل انتصار اى خيار آخر، وتم توقيع اتفاق مع حكومة ولاية نهرالنيل وضع القضية فى مسارها الطبيعى والصحيح واعطى فرصة جديدة تتوفر فيها ارادة مشتركة بين الدولة ومواطنيها من اجل التعاون لتنفيذ ما اتفق عليه»، وعلى لسان اصحاب الخيار المحلي قال البيان «اننا عازمون على المضي فى سبيل استكمال اخذ حقوقنا وبالتعاون الكامل مع مؤسسات الدولة المختلقة طالما الجميع يلتزم بالاتفاق».