يقول المثل الدارفوري (دنيا أم سفاريك كما كتلاك بوريك) والسفروك هو عصا محدودبة في شكل (ال) او (L) الانجليزية تستعمل للصيد وخاصة لصيد الأرانب البرية، ومعني المثل أن الدنيا كل يوم تتجدد وتجلب المصائب للإنسان والمشكلات المتجددة وهي تختبر صبر الإنسان وأن هذه المصائب أن لم تقتل (الزول) فإنه عندما يعيش سوف يري العجاب ويعني أنها كل يوم تجدعك( بسفروك) اى مصيبة جديدة ومحنة، وكما يقول عامة السودانيين ( الزمن لو طال تشوف ضبح الجمال) .....وأحزابنا كل صبح جديد لها مع خلق المعاناة و تجديد الوجع للشعب السوداني قصة فهي (لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب) وقد توارثت سياسة المناكفة والصياح وإدخال ذيلها في قفص الحكم ان كانت خارجه وكما يحكي عن الثعلب أنه اتي الي قفص دجاج محكم الأقفال وعندما لم يجد منفذا يدخل منه للحصول علي وجبة عشائه أدخل ذيله في القفص وبدأ يحركه وعندما اتي المرفعين وأستغرب فعلته تلك وسأله ما جدوي فعله أن كان لا يأتي بنتيجة تسد الجوع قال الثعلب مقولته التي صارت حكمة (سهر عدوك ولا نومو) والأحزاب رغم علمها بقلة حيلتها وضعف موقفها الانتخابي وتناثر المريدين وتشتت القواعد التاريخية التي حملت السلاح وأصبحت قوي مؤثرة ولها أجسام سياسية لا يمكن ان ترجع لبيت الطاعة القديم ،الا أن الاحزاب آثرت ان تثير الغبار في حلبة السياسة ولو علي طريقة (الثعلب مع الجداد ) فأحزابنا المعارضة رفعت عقيرتها بالغناء عاليا مطالبة بالحرية والديمقراطية ويجب أن تقوم الانتخابات في موعدها و(اعطني حريتي اطلق يديي ) ومطلوبات التحول الديمقراطي ( وعشرة مهلكات وعشرة منجيات ) وهلمجرا.... الا أنها عندما أجيب طلبها الذي ارادته هاهي تتنصل من طلبها وتطلب تأجيل الانتخابات وهي نفسها كانت تنادي بقيامها حتي بح صوتها من كثرة الكلام وعندما استجيب لها هاهي (تخرخر) وتطلب الأمهال حتي تتحقق مطلوبات التحول الديمقراطي،وتريد ان تستنصر بحلفاء جدد وأعني دارفور وتريد تجديد ثوبها الذي أهترأ من نقص المريدين الذين نسيتهم الأحزاب سنين عددا، وتذكرتهم في موسم الانتخابات وادركت بعد أقتراب موعد الاقتراع انها لا تملك شيئا من المساندة الشعبية المؤثرة اذا هي تريد ان تستقوي بالقوي الحديثة الجديدة في الساحة الدارفورية ولو من باب المساندة او التحالف معها، وهذا حق مكفول في العمل الديمقراطي ولكن هل سددت الأحزاب فاتورة استحقاق المساندة او التحالف مع القوي الثورية الدارفورية ؟ الجواب لا ؛لأن هذه القوي الثورية الدارفورية رغم رفضها التناغم مع المؤتمر الوطني الا أنها لا تثق في الأحزاب التقليدية القديمة؛ لأنها جربتها ديمقراطيا في كل التجارب الديمقراطية السابقة وكانت دارفور مهمشة سياسيا في كل الحقب الديمقراطية بدليل ان نواب دارفور في البرلمان (برلمان86 ) كانوا يجدون السخرية من زملائهم في قيادة الحزب نفسه ولم يسمح لهم بتكوين لوبي او كتلة تخدم الاقليم وحتي قياداتهم الكبيرة لم تجد الأحترام الكافي من قادة الأحزاب التقليدية وحتي الموت لم يكسب اولئك النواب التقدير والاحترام وظهر ذلك جليا عندما توفي محمد احمد (الجقومي) احد اقطاب حزب الامة فقد رفض قادة كبار في حزب الامة دفنه بجوار قبة الامام المهدي وكانت الحالة الثانية هي عندما توفي عبد النبي علي احمد (الامين العام لحزب الامة ) فقد تجدد الرفض ايضا بدفنه في مقابر قبة الامام المهدي ورفضوا ان ترقد جثته بجوار الامام سرغم مكانته التنظيمية الكبيرة في جسم حزب الامة (الامين العام)، والمرحومان المذكوران من ابناء دارفور وقد شكلت هاتان الحادثتان صدمة كبيرة لأبناء دارفور حتي اولئك الذين لا ينتمون لحزب الأمة وقد راجع كثير منهم حساباته السياسية علي ضوء تلك الاحداث التي صنفها بعضهم في خانة (التمييز العرقي ) وتضامنا مع الحادثة فقد خرجت جماهير كبيرة كانت تؤيد الحزب من منظومة الحزب غاضبة وخصوصا المنتسبين للرجلين المتوفيين من عصبتهما وأفراد قبيلتيهما، ومعروف عند قبائل دارفور أن الاستنصار القبلي والكرامة للقبيلة تبدأ من شخص واحد وتنتشر لتعم القبيلة كلها ومعروف أن (عبد النبي والجقومي ) ينتميان الي شمال دارفور ومن قبيلتي (الزيادية والبرتي )، وهما قبيلتان كانتا تبصمان بالعشرة لحزب الامة وتعتبران قديما من دوائر حزب الامة المقفولة والمضمونة، وقد أصبحت الان كلها مؤتمر وطني مما يعني ان البساط سحبته تصرفات غير حكيمة من قادة حزب الامة انفسهم وكما يقول المثل (علي نفسها جنت براقش) كما ان ظهور القوي الثورية الجديدة الدارفورية كأجسام سياسية قضمت النسبة المتبقية من نصيب التأييد للأحزاب ومعروف أن لهذه القوي الجديدة مناصرين ومؤيدين قطعا لن يعطوا أصواتهم للأحزاب التقليدية، كما أن هجرة كوادر حزبية مؤثرة وتاريخية وانفصالها من أجسام الاحزاب القديمة وانضمامها او تحالفها مع المؤتمر الوطني سبب اخر قد تريد الأحزاب التقليدية مراجعته كي تسترجع بقية من المناصرين وكذلك ربما تريد استمالة صف المستقلين والمنشقين عن صفوف المؤتمر الوطني وخصوصا المرشحين (المستقلين ) وبعض هؤلاء المستقلين يستنصر بأهله وقبيلته كي تدعمه وتشكل له اسنادا أنتخابيا،لهذه الاسباب وأخري مالية من اسباب رفض الاحزاب قيام الانتخابات في ابريل وطلب تأجيلها حتي يتسني لها الاستعداد وجمع الصفوف لمنازلة المؤتمر الوطني والملاحظ أن الاحزاب التقليدية كافة ليست لها برامج انتخابية مقنعة وكل برنامجها هو الطعن في (فيل المؤتمر الوطني ) وتبخيس إنجازات الانقاذ وحشد كراهية الناس للمؤتمر الوطني وأنطبق فيهم قول الشاعر عين الرضي عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدي المساويا والملاحظ ان الحركة الشعبية التي كانت الأحزاب المعارضة تستقوي بها وتريد ان تجعل منها (حصان طروادة) للدخول للقصر الجمهوري أدركت بذكاء حاد قلة حيلة الاحزاب المعارضة بعدما كشفت كل اوراق اللعب وعرف الكباتن في الحركة الشعبية خطط اللعب فتراجعوا عن التكتيك الذي بني علي خطة الهجوم لأنها ادركت بذكاء قادتها أنها ستكون الحيطة القصيرة التي ستركبها الأحزاب للعبور الي ميدان وملعب البرلمان وساحات القصر الجمهوري ، والحركة لدغت من جحور الأحزاب مرات ومرات فقد راجعت حسابات التنمية في سنوات الاحزاب فوجدتها صفرا كبيرا للجنوب ومواسم حصاد كلامية فاشلة لا تسمن ولا تغني من جوع ، وأدركت الحركة الشعبية أن مصير سلام نيفاشا في خطر وأن تطبيق ما تبقي من بنود الاتفاقية أن تجاوزت المؤتمر الوطني سوف يربك الحسابات وقد يعيد الي المربع الاول لأن هنالك من قادة الاحزاب من له رأي في اتفاقية نيفاشا واخرون منهم قالوا بالصوت العالي يجب فتح النقاش في الاتفاقية وتعديلها..... وكما يقول المثل الدارفوري (جقلوا ولا مشي عرجا ) فإن الاحزاب المعارضة وجدت نفسها في ورطة عندما أدخلت ارجلها في الطين اللزج الذي يفصل بينها وبين الامنيات أن تتقدم السرينة مواكبهم وهم عابرون الطرقات صوب القصر الجمهوري ...ومثل اهل دارفور (جقلوا ولا مشي عرجا ) يعني أن الطين اللزج بعد هطول الامطارلن يستطيع (العرجا ) وهم جمع( أعرج ) ان يمشوا فيه ....... وهي الان تائهة بين المشاركة والرفض والقبول وكل الحسابات والظروف خارجيا وداخليا ضد مخططها الواضح لهزيمة المؤتمر الوطني ، فالمؤتمر الوطني أستعد من البداية عبر تنزيل برنامجه الانتخابي وسط المواطنين واستطاع إقناع قطاع واسع ببرامجه وتتقدمه تنمية ملموسة تراها العين، وفوق ذلك كسب ود الدول المؤثرة في القرار العالمي (أمريكا ) وأخيرا لم تجد الاحزاب المعارضة مخرجا يحفظ لها ماء وجهها سوي المشاركة في الانتخابات رغم إثارتها لغبار كثيف يشكك في مصداقية وحيادية المفوضية القومية للانتخابات، وهو تكتيك مستقبلي لتبرير عدم مقدرتها علي هزيمة غريمها (المؤتمر الوطني ) كما أنه يمثل سيناريو جاهزا ربما لرفض نتيجة الانتخابات في نهاية الماراثون الانتخابي .. وما بين الرفض والقبول والتمنع هاهي أيام أبريل شهر الثورات تتسارع نحو بزوغ فجر يوم الامتحان وفيه تكرم الاحزاب او تهان، لا نستطيع ان نقدر حجم الحيز و النسبة المئوية التي سيحرزها كل حزب، فذلك في رحم الغيب ولكن ( الحشاش سيملأ شبكته )