٭ أجد نفسي دائماًَ مشغولة بالبحث عن الضحك او البسمة في وجوه الناس من حولي في المناسبات او الطرقات او عند شارات المرور.. ولكن دائماً افشل في هذا الزمان القمئ.. اجد الكل او الغالبية العظمى في حالة عبوس او تكشيرة او حيرة تطمس ملامح الصغير والكبير.. الرجل والمرأة.. الطالب او الطالبة.. كلهم تنعدم الضحكة او الابتسامة من ملامحهم.. وايضاً لا استغرب فأنا نفسي ابحث عن الضحك حتى ولو من باب شر البلية ما يضحك. ٭ تذكرت مقولة لفولتير «ان لم تبق لنا ضحكاتنا لشنق الناس أنفسهم فويل للفلاسفة الذين لا يبسطون تجاعيدهم لان العبوس في نظري مرض عضال».. ٭ اذن غالبية اهل السودان مصابون بمرض عضال.. داء العبوس وعدم الضحك ولعن الله السبب. ٭ من اين لن بالضحك.. والابتسام والرضا والمنغصات حولنا بالكوم.. وهذه الايام ومنذ مدة تعصف بنا الاسعار.. اسعار كل السلع.. اسعار كل السلع.. الاسعار التي اصيبت بجنون السعر.. وتلهث خلف كل مواطن في حالة هياج مجنونة، واهل الطب يقولون اخطر انواع الجنون هو جنون السعر. ٭ اسعار اللحمة فوق قدرة الناس وهم لا يتحركون بل ينظرون لها معلقة في المحال لترفع احساسهم بالحرمان.. ينظرون ولا يتحركون ولا يحتجون لسبب واحد هو عدم قدرتهم على شرائها من الاساس والذين يشترونها هم القلة المقتدرة التي لا يهمها الثمن.. يحدث هذا في بلد الثروة الحيوانية! ٭ اسعار اللبن.. الرطل في بلد الثروة الحيوانية باثنين جنيه.. يعني كباية كبيرة محروم منها اطفال وشيوخ السودان. ٭ اسعار الخضار حتى في موسمها تلهث.. الاسود.. القرع.. الملوخية الرجلة.. البطاطس.. البامية.. كل الاسعار تلهث في جنون.. الارز.. العدس.. الفول المصري.. والويكة الناشفة.. وحتى مرقة ماجي. ٭ اما الرغيف فهذا امره عجيب وغريب فإلى جانب ارتفاع السعر نقصان الوزن.. الم تلاحظوا داء التقزم الذي اصاب رغيف البوتاسيوم؟. ٭ اما الذرة والقمح واللوبيا بأنواعها.. العدسي والفاصوليا البيضاء والكبكبي فهي ايضاً دخلت دائرة الجنون ولحقت بباقي السلع. ٭ هذه ضرورات العيش الكفاف.. غير الفحم او الحطب اصابها جنون الاسعار.. اللحم.. الخبز.. الخضار.. السكر.. الشاي.. اللبن.. المرقة. ٭ لم اتحدث عن الدواء ولا السكن ولا الفاكهة ولا الملابس ولا متطلبات التعليم ولا ادوات البناء ولا... ولا أحد ولا مسؤول يفسر هذا، فالكل مشغول بالمصطلحات الجديدة.. من لحس الكوع واحلام زلوط.. وفقع المرارة واراقة كل الدماء.. ٭ والاغلبية مسحوقة حد كتمان والانين.. فالمريض عندما يكف عن الانين تكون درجة خطورة المرض قد بلغت مداها. ٭ الاقلية المنتعشة مشغولة بتأمين ثرواتها ونقل اولادها ليتلقوا العلم خارج البلاد وفي هذه السنوات «ماليزيا» القبلة. ٭ مع كل هذا اين لنا بالضحك.. اين بأسباب الضحك او انفراد الوجه حتى؟.. ٭ هذه ليست دعوة لشنق انفسنا حسب مقولة فولتير، ولكنها دعوة للاحساس بهذا الواقع المرير والغريب والعجيب. هذا مع تحياتي وشكري