في البدء اود ان اشيد بسمو اخلاق اخوتنا الذين ينوبون عنا في التفاوض ويبذلون اقصى ما في الوسع لحفظ امن وسلامة السودان شعبا وارضا من نوايا قوى شريرة تستعمل القادة الجنوبيين كمعبر للوصول على اكتافهم الى اهداف استعمارية صهيونية بحتة ولوهلك من السودانيين (شماليين وجنوبيين ) من هلك ولو خربت جميع بلادهم حتى صارت اطلالا . اشيد بصبرهم وحلمهم على دهماء متجنيين لا يرعون في اخوتهم معروفا ، يكيلون الشتائم والسباب بلا ميزان . يسارعون في التقاط الاخبار المغرضة الكاذبة ليشيدوا عليها مناحات تدل على سؤ ادبهم من ناحية وسؤ فهمهم للاستراتيجيات التي لا ينبغي لمن لا يفهمها ان لا يتحمل مسئولية الحديث عنها ناهيك عن نشر المقالات واقامة الندوات وتأليب الناس في امر لم يعلم بعد ما هو وما الغرض منه . والعجب ان من يدعون انهم قادة رأي ورؤساء منابر واحزاب يتخيلون ان الاخوة ادريس ومطرف وسيد والبقية من الاشاوس وكأنما جيء بهم من نادي وقيل لهم اذهبوا مغمضي العيون ووقعوا الاتفاقيات وعودوا سريعا . فإذا كان هؤلاء السذج لا يتابعون المجهودات المضنية التي يبذلها اولئك الرجال بمعية مئات من اهل الاختصاص والتدقيق من اجل افشال المؤامرات التي يحيكها كل يوم ، بل كل لحظة من يريد ان يفتك بنا معتمدا على وسائل مخابراتية وبحثية واغاثية تفوق اضعاف ما نملك نحن - وهم بعد ذلك صامدون قادرون على السير بحنكة في احرج المنعطفات بتوفيق من الله تعالى ونصر من عنده . اذا كان اولئك لا يتابعون ذلك ألم يمروا يوما بجوار مباني الامن العام ليروا كمية المباني التي جدت هناك ويفكروا لماذا انشئت وماذا يفعل الذين بداخلها؟ الم يسمع اولئك بأن ثمانين بالمئة من ميزانية السودان تذهب للاجهزة العسكرية والامنية والشرطية؟ الم يتابع اولئك كمية العقول الخبيرة التي ضمها جهاز الامن الى كوادره وهومازال يبحث عن المزيد في هذا الزمان الذي اصبح فيه التخطيط الاستراتيجي والامني لا يستطيع القيام به الا اصحاب العقول والكفاءات المميزة التي بالتأكيدلا تتوفر لدى اولئك الذين ادمنوا التحلق يوميا حول مآدب القيل والقال ومنابع الشائعات. مشكلتنا في السودان ان اغلبنا لا يجيد مهنته ولا يطورها ويتجرأ على مهن الآخرين وانجازاتهم ويحاول بكل جرأة تبخيس ما يفعله غيره من غير ان يكون له باع في تلك الصنعة ولا دراية بها ، بل تجده يفتي في تخصص غيره ويجهل اهل العلم .ان اتخاذ اي قرار ولو على مستوى شخصي يمحص فيه اولي النهي ويدرسونه ويستشيرون فيه اهل الخبرة والدراية . فما بالك بقرارات مصيرية تهم امة بكاملها يتخذها رجال مشهود لهم بالنزاهة والدراية والخبرة رضوا بان يغلقوا على انفسهم مكاتبهم ليمحصوا ويعدوا كل بادرة تهم السودان في اي مكان في العالم ومعرفة تأثيرها على امتنا .شتان بين من يتحمل تلك المسئولية الجسيمة وبين من يشغله الانتصار لنفسه او جماعته او حزبه ومحاولة تغليب رأيه وفرضه على الناس حتى وان كان بين الخطأ . وتلك في الحقيقة عادة سيئة ادمنها ويدمنها الكثير. لو ان احدا طالب بأدب وتواضع بأن يعرض الامر على المجلس الوطني لكفانا امره . ولو أن احدا صبر حتى يعلم تفاصيل تلك الاتفاقية ثم انتقدها بموضوعية لقرأنا له وعقبنا عليه . ولكن ان يقوم من يدعي العلم ببواطن الامور وغيبها قبل حاضرها ويتعمد في كتابته ايهام الناس بأنه مطلع على كل الاسرار . او ان يقوم آخر بكيل السباب و اتهام الآخرين بضعف الشخصية او السطحية اوالتشبث بمقعده في طاولات المفاوضات رغما عن انف الحكومة ، فإن ذلك هو الجهل والخطأ والتعدي على الغير وهو ما يلزم من قام به الاعتذار العلني الصريح والتوبة عن تلك الآثام وعدم تكرار ذلك المسلك خاصة وأن ما سيأتي من مفاوضات يحتاج إلى وقوف كل الشعب صفا واحدا كالبنيان المرصوص، لواضطررنا الى توقيع الحريات العشر من اجل ان نفوت على الصهاينة فرصة هزيمتنا لفعلنا بذكاء وحنكة ودراية ولن نلوى على شئ.