وصف خبراء مشروع سلام السودان الذي أعده الكونغرس والإدارة الأمريكية الذي سيتم فرضه على الحكومة السودانية من أخطر مشاريع السياسة الأمريكية تجاه السودان. وقد ساهمت في صناعة المشروع كل مؤسسات الإدارة الأمريكية وهدفه تقسيم السودان عبر ممارسة الضغوط المرنة من أجل تقديم التنازلات لصالح أمريكا من قبل نظام الحكم الحالي مع عدم السماح لأية جهة باسقاطه بالقوة ما يعني رفض خيار تحالف (الجبهة الثورية) جملة وتفصيلا. ويقول استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية بالقاهرة الدكتور احمد صالح ل الصحافة ان المشروع لم يكن وليد الصدفة بل ان جهات ومؤسسات دولية ومحلية عديدة ظلت تستخدمها الادارة الامريكية ساهمت في اعداده واشار صالح الى كلمات وردت في خطاب ممثل الاتحاد الافريقي جيان زيمن في مؤتمر متابعة تنفيذ وثيقة الدوحة الثاني الذي انعقد بمدينة الفاشر نهاية شهر يناير الماضي بمشاركة فاعلة من كل الشركاء الدوليين لوثيقة الدوحة من (ان الاتحاد الافريقي والاممالمتحدة يعملان على صياغة مشروع سلام شامل للسودان ينهي الحروب ويضمن لشعبه الامن والاستقرار). ويتحدث صالح بعد ذلك عن ان الحكومة السودانية تمارس لعبة القط والفأر مع الادارة الامريكية لكن المتضرر الاخير هو السودان والشعب السوداني ، وقال انه كان حريا برئيس وفد الحكومة الدكتور امين حسن عمر ان يستفسر في لحظتها عن ذلك الذي قال به ممثل الاتحاد الافريقي لكن لسوء الطالع لم يلق امين بالا لذلك التصريح حتى اصبح الآن جليا وفي طريقه الى ان يتحول الى ارض الواقع عبر مشروع سلام السودان الذي يجري الترتيب لاجازته في الكونقرس الامريكي والمصادقة عليه من اجل تحقيق السلام في السودان، مشيرا الى ان المشرع الامريكي يهدف الى تحقيق السلام في السودان بتبني استراتيجية لتقسيم السودان في ظل نظام الحكم القائم الآن مشيرا الى ان عددا من السيناتورات شكلوا رأس الرمح في وضع السياسات الكلية لمناطق الازمات على رأسهم السناتور (فرانك ولوف )الذي زار جنوب السودان وجنوب كردفان بمعية الصحفي (نن) من صحيفة (الواشنطون بوست ) والسناتور (فرنك ولوف ) الذي يعتبر احد اكثر السناتورات الامريكيين فعالية في الملف السوداني الخاص بعملية السلام واتفاقية السلام التي وقعت في السودان وقد لعب دورا في حسم الجدل الدائر في (الكونغرس ) الامريكي حول تسمية الجرائم التي وقعت في اقليم دارفور بالجرائم الجسيمة (الإبادة والحرب والتطهير ). بينما يعتبر مدير مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية هاني رسلان ان مشروع قانون سلام السودان يعبر عن السياسة الامريكية ومؤسساتها المتمثلة في البيت الابيض والكونغرس الامريكي ووزارة الخارجية الامريكية ومراكز دراساتها الاستراتيجية، ويقول رسلان في حديثه ل الصحافة ان المشروع يهدف الى تحقيق اهداف امريكا في السودان دون اللجوء الى استخدام القوة عبر استغلال الضغوط المحلية والدولية ضد السودان واوضح رسلان ان المشروع الذي طرحة الكونقرس في جوهره سيخلق تفككا كبيرا داخل الشعب السوداني وسيعمل على زيادة عدد المطالب ويطالب بانشاء ولاية جديدة في جنوب كردفان ويستغل الوضع الانساني الضاغط في جنوب كردفان والنيل الازرق يستغل فيه نفوذ المجتمع الدولي والاقليمي لتعرية الحكومة السودانية باعتبار انها حكومة منعت منظمات الاممالمتحدة والمنظمات الدولية ووكالات الاممالمتحدة من تقدم الغذاء والدواء للمواطنين في كل من أبيي وجنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور. واوضح رسلان ان تسويق مشروع سلام السودان الحالي سيكون سهلا في اروقة الاممالمتحدة ولدى المجتمع الدولي اذا ارادت الولاياتالمتحدة الدفع به في اتجاه تشكيل رأي عالمي تجاه المشكلة الانسانية التي تواجه المواطنين السودانيين في تلك المناطق التي يعاني الناس فيها من قلة الغذاء ومن تردي الخدمات الصحية باعتبار انها جرائم كبيرة تحرك الرأي العام والضمير الانساني العالمي ومن ثم لاتستطيع اية دولة ان تقف الى جانب السودان في ظل وجود شبه كارثة انسانية، مبينا ان مشروع القانون الامريكي يتضمن فرض عقوبات على الدول والشركات والافراد الذين يتعاملون مع حكومة السودان وفرض عقوبات (تتضمن الحظر من السفر وحجز اموال بعض المسؤولين في الحكومة السودانية ) واشار رسلان الى ان مشروع سلام السودان تم وضعه بواسطة مراكز الدراسات الاستراتيجية في الادارة الامريكية المتمثلة في مركز السلام الامريكي التابع لوزارة الخارجية ومجموعة الضغط المسماة (كوس) في الكونغرس و بعض الشخصيات البارزة في مجلس الشيوخ . ولفت رسلان الى ان المشروع يحمل في طياته كثيراً من النقاط الجديرة بالمتابعة والدراسة. ولم يستبعد رسلان ان تكون لمشروع سلام السودان اهداف اخرى بعيدة المدى تهدد وحدة السودان الشمالي وذلك بضم اجزاء منه الى دولة الجنوب. ويقول ان هذا يشجع اقاليم اخرى من السودان طالبت بحكم ذاتي او الانضام الى دول الجوار السوداني وخاصة مناطق نفوذ التمرد في السودان في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق. ودعا رسلان الشعب السوداني لاستلهام سبل جديدة تضمن له وحدة السودان وفق معايير التراضي والعدالة الاجتماعية تمكن المجموع السكاني السوداني من المشاركة في ادارة شؤون دولته على اسس جديدة ليخرج من الازمات الاقتصادية والسياسية الاجتماعية التي يمر بها السودان حاليا. وتساءل رسلان عن جدوى استمرار الحروب في السودان مشددا على ان استمرار الحروب في السودان يؤكد على وجود خلل في البنية السياسية والاجتماعية في السودان وفشل الحكومات الوطنية التي حكمت السودان في تجاوز ازمة الحكم مما جعل التقاطعات الدولية تجد لها مدخلا في الشؤون الداخلية السودانية. ودعا رسلان الحكومة السودانية الى تفويت الفرصة على المتربصين بالبلاد وذلك بعقد مصالحة شاملة مع شعبها والقوى السياسية السودانية للمحافظة على وحدة السودان، مؤكدا ان مشروع سلام السودان سيستخدم النفوذ الدولي للأمم المتحدة باصدار مزيد من القرارات من مجلس الأمن الدولي لتمرير اجندة المشروع ،موضحا ان الحكومة السودانية التي يتزعمها المؤتمر الوطني ضعيفة إزاء وجه الضغوط الدولية الامر الذي يجعلها تقدم تنازلاتٍ خارجية كبيرة مقابل الأزمات الداخلية التي ورثتها من الحكومات السابقة.