للسودان علاقة خاصة مع مصر تجسدها المصالح الاستراتيجية ويوثق عراها المصير المشترك.. انطلاقا من هذه الحقائق وتعبيرا عن ارادة شعبي البلدين فقد شهدت العلاقة تطورا مضطردا على مر الزمان واكدت ذلك الاتفاقيات التي ابرمت بين الحكومتين في اطار البحث عن قنوات يتم عبرها الوصول لأقصى درجات التكامل. برز هذا التعاون بشكل واضح بتوقيع منهاج التكامل في العام 1974م، ثم كان ميثاق التكامل في عام 1982م، ومن بعده ميثاق الاخاء الموقع في العام 1987م. في اطار هذه المواثيق صدرت العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وأخذت الجوانب الهجرية حيزا كبيرا في الاطار بحسبانها الاهم في تأمين انفاذ كل الاتفاقيات الموقعة. استكمالا لمشروع التكامل السوداني المصري تم اقرار اتفاق الحريات الاربع وقد قامت وزارة الداخلية بانفاذ بنود الاتفاق في مجال حرية التنقل والاقامة كجهة مختصة في ذلك. هذا وقد اصدر وزير الداخلية وقتها قراراً وزارياً عام 2004م، يقضي باعفاء جميع المواطنين المصريين القادمين للسودان من كافة القيود الهجرية الخاصة بالدخول والخروج والاقامة والتنقل بحيث يتعامل المصري ذات معاملة السوداني وقد تم تطبيق القرار على الفور.. اعتقد ان وزارة الداخلية في قرارها هذا تعاملت مع الموضوع بحسن نية اكثر من اللازم ولم تنظر للمسائل الاخرى الامنية والتخطيطية والتحوطية الشيء الذي لم يفت على الجانب الآخر المصري وهم لهذه الاعتبارات لم ينفذوا ما عليهم بالقدر المطلوب وانما افادوا بأنهم سيطبقوا الاتفاق بشكل ممرحل ومدروس من خلال الواقع العملي وقد ظهر ذلك من خلال السياسة البطيئة التي انتهجتها السلطات المصرية في التطبيق الفعلي للاتفاق على عكس الاهتمام الكامل لحكومة السودان واعلانها المبكر للتنفيذ الكامل. بعد اجتماعات عديدة مع الجانب المصري وافق الاخير على منح السودانيين تأشيرة دخول متعددة 6 أشهر والاستجابة لطلبات التجديد وتمديد مدة التأشيرة لعام ورفع سن الاطفال الى 16 عاما بدل 14 عاما ولكن للأسف حتى الآن لم يطبق هذا الاتفاق.. ومن الطرف الآخر لم تتم معالجة اقامات السودانيين العاملين بالبعثة السودانية الذين يحملون اقامات مؤقتة وكذلك لم تتم معالجة الدخول والخروج للتجار السودانيين عن طريق مثلث حلايب والابقاء على منفذ شلاتين هذا الوضع الضبابي لم يمكن السلطات السودانية الاحاطة الدقيقة بالوجود المصري مع صعوبة الاهتداء الى عناوينهم ويرجع ذلك لعدم وجود تسجيل لهم عند الدخول والخروج الشيء الذي افقد السلطات السودانية الكثير من المعلومات عن المصريين بالسودان في حالتي الدخول والخروج وتضرر من ذلك الكثير من المواطنين السودانيين الذين شاركوهم في عمليات الاستثمار والاعمال الاخرى مع ملاحظة ان التسجيل لا يعد من القيود الهجرية ولكن بحمد الله بعد التطورات السياسية الاخيرة في مصر اصبح من الضروري البحث عن اسباب عدم تنفيذ مصر ما يليها من الاتفاقية. يبدو ان الجو السياسي حاليا مواتيا لنقلة نوعية للعلاقات بين القطرين وازالة العقبات التي تجابه التوصل الى انفاذ هذه الاتفاقية اي اتفاقية الحريات الاربع.. وافضل مؤشر لسريان هذها العلائق في خطها الصحيح انتقال ملف اتفاقية الحريات الاربع من وزارة الخارجية الى الداخلية (الادارة العامة للجوازات).. وانني جد متفائل بأن الاتفاقية ستجد التنفيذ وستؤدي الى تكامل اقتصادي سياسي واجتماعي سيجلب للشعبين كل خير حيث انتشار التجارة والزراعة والسياحة.. وغيرها.. الحال من بعضه بالنسبة للاخوة الجنوبيين هم ابناء السودان قبل الانفصال لذلك من الضروري منحهم حق الحريات الاربع لأنهم في الاصل سودانيون ومتجانسون مع اخوتهم في السودان ومنصهرون ومتوالدون وهم حاليا خط الدفاع الاول للسودان من الجنوب رغم الخلاف الحاصل حاليا والذي سينجلي قريبا. لذلك نرحب وبشدة الاتفاق بين الحكومتين بالحريات الاربع بين الشعبين دون ربط ذلك بأي اختلاف آخر لأن الحريات الاربع هي مفتاح لحل بقية المشاكل اتمنى ان تسكت الاصوات النشاز التي ترتفع في حالة دنو السودان من حلحلة مشاكله وهذه مشاكل امنية ارجو الا يتدخل فيها الائمة وغيرهم من اصحاب الاقلام النيرة مميزة بين ما هو مفيد وغير مفيد وأرجو ان لا تكون النظرة آحادية عند النظر في المشاكل السياسية. أتركوا الحكومة تنطلق نحو السلام المنشود..