منذ 1969م إلى1986 ظلت العلاقات السودانية الليبية متأرجحة ومنذ أوائل السبعينيات ساءت العلاقات وذلك بعد ان ابتعد الرئيس السابق نميري من المعسكر الشرقي واتجه للمعسكر الغربي ساعدته مصر «السادات» الذي أخذ موقفاً مماثلاً تجاه الروس ودول شرق اوروبا، بينما لا تزال ليبيا «القذافي» يتمسك آنذاك بالميول للمعسكر الشرقي وبصفة خاصة الاتحاد السوفيتي ومنظومته، وتطلع القذافي الواسع واعتقاده بانه خليفة عبد الناصر ولابد من تكملة المسيرة لإحياء القومية العربية. بدأت ليبيا فى معادة النظام الحاكم بالسودان واستقبلت جبهة المعارضة السودانية، وبدأت تقدم لها الدعم المعنوي والمادي حتى قامت الجبهة بعملية عسكرية فى يوليو 1976 بغرض الاستيلاء على السلطة بالسودان وبدعم من ليبيا،الا ان هذه التجربة قد فشلت، ومما زاد من العداء الحرب الاهلية التشادية بين حسين هبري وجكوني وداي الذي يجد كل الدعم والمؤازرة من ليبيا والاتحاد السوفيتي وحلفائه - بينما وقف مع حسين هبري بعض الدول الاوروبية وامريكا وبصفة خاصة فرنسا «التي كانت تستعمر تشاد» ومصر والسودان، اى مواجهة مع ليبيا غير مباشرة. وفي عام 1977 تحسنت العلاقات السودانية الليبية فأرسلت الحكومة السودانية وفداً برئاسة اللواء عمر محمد الطيب «نائب رئيس الجمهورية» وذلك لعودة العلاقات بين الدولتين، قام «على عبد السلام التريكي» أمين الخارجية الليبي فى عام 1978م بتقريب وجهات النظر بين الدولتين وبحث مشاكل القارة الافريقية، وكانت الزيارات بين الدولتين زيارات مجاملة اكثر منها تخدم اهداف الدولتين. وفي عام 1979م بدأت العلاقات السودانية الليبية تتدهور وذلك بعد اتفاقية كامب ديڤد التي وقعها الرئيس الراحل أنور السادات مع الكيان الصهيوني حيث عارضت جميع الدول العربية باستثناء السودان الذي وقف مع مصر، وهنا ثارت ليبيا على موقف السودان وبدأت دعم المعارضة السودانية بصورة علنية، وطالبت بعزل السودان عن الامة العربية وبدأت ليبيا فى طرد السودانيين العاملين بها والذين لم يؤيدوا سياسات ليبيا تجاه السودان . بدأت تهديدات ليبيا للسودان بالاعتداء على الفرق الواقعة بين تشاد والسودان باستخدام الطيران وتشتيت امكانيات القوات المسلحة السودانية وتدخلت فرنسا لحل النزاع القائم بين الدولتين وطالبت بتكوين قوة افريقية لحفظ الامن فى تشاد وقد كلفت فرنسا بذلك دانيال اروب موي رئيس كينيا، واثناء بحث المبادرة الفرنسية بدأت ليبيا تكوين جيش الخلاص الوطني لتغيير النظام السياسي فى السودان بالرغم من ان السلطة الحاكمة فى ليبيا كانت تعلن من حين لآخر انها لا تعتزم الهجوم على السودان، وقد جندت ليبيا لهذا الجيش بعض السودانيين العاملين فيها واقامت بعض القواعد العسكرية على الحدود بين تشاد والسودان وذلك للضغط على النظام السياسي فى السودان للعودة إلى حظيرة الدول العربية المعارضة لاتفاقية كامب ديڤد، وتطور العداء لدعم حركة تحرير السودان فى الجنوب بقيادة جون قرنق. بالرغم من الجمود الذي شهدته جامعة الدول العربية للانقسام نتيجة معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية وتداعياتها الإ أنها قامت بمحاولات تقريب وجهات النظر بين الدولتين، ونشاط ليبيا السياسى اعتمد على دعم قوى التحرر الوطني وتقديم العون للمعارضة السودانية، بإنزال مرتزقة حوالي الخرطوم، وبدأت فى حشد قواتها بالكفرة على الحدود السودانية الليبية فى منطقة أوزو ونيالارجو التشادية والمحتلة من قبل القوات الليبية. رغم سوء العلاقات التي تميزت بها الفترة من عام 1972م إلى 1985م، الا ان هنالك احداثاً قاربت بين البلدين «حادثة القوات الليبية التي أعيدت فى طريقها إلى كمبالا لنصرة عيدي أمين «يوغندا» واستقبال العسكريين الليبيين الفارين من يوغندا ودخولهم السودان. عند قيام انتفاضة ابريل 1985م تغير موقف ليبيا تجاه السودان تماماً واعلنت ليبيا اعترافها بالنظام الجديد، وبدأت الوفود تتبادل الزيارات وقام وفد من المجلس العسكري الانتقالي وتلتها زيارات رئيس الوزراء وبعض الوزراء وقدمت ليبيا مساعدات، خاصة فى المجالات العسكرية من حيث توفير قطع الغيار للاسلحة والمعدات السوڤيتية المعطلة لدى القوات المسلحة السودانية، وفي هذه الفترة وقعت الحكومة السودانية مع ليبيا عدة اتفاقيات منها إتفاقية إستخدام الايدي العاملة السودانية بليبيا واتفاقية تدفق البترول الليبي على السودان واتفاقية دفاع عسكري واتفاقية تبادل خبرات الجيش فى مجالات التدريب واتاحة الفرصة للدراسة فى المعاهد العسكرية. بعد تسلم الأحزاب السياسية للسلطة فى السودان عام 1986م، أصبحت العلاقات السودانية الليبية متذبذبة وخاصة وان حكومة حزب الأمة نادت بإلغاء البروتوكول العسكري مع ليبيا أسوة بالغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر، فى هذه الفترة لم تعمل ليبيا بنشاط معاد ضد السودان ولكن العلاقات بين الدولتين كانت اقرب إلى الجمود حيث انشغلت الحكومة السودانية بالتطورات السياسية والإقتصادية الداخلية فى صراع بين الأحزاب السياسية فى السودان.