منذ قيام ثورة الانقاذ الوطني اهتم السودان بعلاقاته الخارجية خاصة مع ليبيا، وقد كانت عدة عوامل تجعل العلاقة بين البلدين واقعاً، أهمها الموقف بشأن الصراع العربي الاسرائيلي، والموقف من أزمة الخليج وتبني نظام اللجان الشعبية. وكانت القيادتان السودانية والليبية تناقشان مشاكلها فى اللقاءات الثنائية، واتفق فى المشاكل التي تخص البلدين ومن أهم الاتفاقيات هي قيام برتكول تجاري بين البلدين وقيام بنك سوداني ليبي مشترك، والاستفادة من مدخرات المغتربين للاستثمار فى مجال استيراد البترول وتوقيع بروتكول عسكري. اتاحت فرص تبادل الطرفين الزيارات للوقوف على امكانية البلدين الحقيقية وأهمية توحيد رؤيتهما نحو قضايا عديدة، منها الايمان العميق بالوحدة بينهما وسعيهما لبناء وتعزيز الوحدة الشاملة للامة العربية. وفي مارس 1990م ترأس الرئيس البشير وفداً رسمياً وشعبياً لزيارة ليبيا والمشاركة فى المؤتمر الشعبي العام الليبي واحتفالات البلاد بالذكري العشرين لعيد الجلاء، واثناء الزيارة تم عقد قمة رباعية تضم كلا من الرئيس الليبي والرئيس السوداني والرئيس المصري والرئيس السوري لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وقد شرح الرئيس السوداني خلال خطابه للشعب الليبي مشروع تكامل وحدوي بين السودان وليبيا ووجد الاقتراح التجاوب من الحكومة الليبية، وعقد الجانبان السوداني والليبي اجتماعاً اقرا فيه مشروع التكامل، على ان يسري مفعوله بعد اجازته من المجالس التشريعية للبلدين، وذلك فى سبيل تحقيق الوحدة بين القطرين كخطوة على طريق الوحدة العربية الشاملة. لقد كان واضحاً مدي الاهتمام الليبي بقضايا السودان سواء فيما يتعلق بالبعد الداخلي او البعد الخارجي، فلعبت طرابلس دوراً فى الوساطة السودانية الأريترية والعلاقات السودانية الاثيوبية، أما على الصعيد الداخلي فكانت المبادرة المصرية الليبية التي من أهم بنودها الوقف الفوري للعمليات العسكرية وجميع الحملات الاعلامية والشروع فى حوار مباشر بين الحكومة والمعارضة عبر ملتقي الحوار الوطني لايجاد حل سلمي شامل، وتشكيل لجنة تحضيرية من كل الفرقاء للاعداد للحوار بين كل من الحكومة والمعارضة وتقوم بتحديد تاريخ ومكان الانعقاد وجدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني، على أن يتم كل ذلك بهدف الحفاظ على وحدة السودان وسلامته الاقليمية. تدهورت العلاقات السودانية الليبية، فقد أثارت ليبيا اتهامات بشأن التنسيق بين الجبهة الاسلامية بالسودان والأخوان المسلمين بليبيا واتهمت السودان بوجود معسكرات تدريب الاسلاميين الليبيين بشرق السودان، ومنذ مارس 1990م توقفت ليبيا عن ارسال شاحنات النفط للسودان وطالبت بتسديد استحقاقاتها، و عن السير فى برنامج التكامل، واثناء زيارة البشير لليبيا فى مارس 1993م طالبه القذافي بالقيام بعدد من الخطوات وتحسين العلاقات بين البلدين منها ابعاد الجبهة الاسلامية عن السلطة وتحسين العلاقات مع مصر، الا ان العلاقات لم تتحسن ففى ديسمبر 1994م قررت ليبيا ايقاف تأشيرة الدخول للسودانيين براً لمدة أربعة أشهر حتي تتمكن من تقنين الوجود السوداني داخل ليبيا، وفي ديسمبر1995م قامت السلطات الليبية بترحيل عدد من العمال الذين دخلوا بطرق غير مشروعة وبدأ أعلان الكشف عن وجود تنظيم ارهابي على علاقة بالجبهة الاسلامية، ويعمل على زعزعة استقرار الحكومة الليبية، واعتذر القذافي عن زيارة السودان وذلك أثناء احتفالات البلاد بالذكري الأربعين للاستقلال. تحسنت العلاقات السودانية الليبية بعد المبادرة المصرية الليبية المطروحة لاقرار السلام فى السودان وحققت المبادرة نتائج ايجابية وذلك بعودة الكثير من قادة المعارضة السودانية الي الداخل فى السودان، وهذا ما يؤكد نجاحها. على الهامش،،،،،،،،،،،، الحديث هنا عن علاقات دولتين جارتين بينهما عدد من الروابط والوشائج الاجتماعية والثقافية والعلاقات الممتدة على مدى التاريخ ، صحيح ان هذه العلاقات متذبذبة صعودا وهبوطا. فتوتر علاقات طرابلس بالخرطوم له خلفيات أمنية وسياسية ولكن يظل هنالك رابط قوي يربط البلدين. فمن خلال تعريف العلاقات الدولية فانها تشتمل على كل الاتصالات بين الدول وكل حركات الشعوب والسلع والأفكار عبر الحدود الوطنية وكل التدفقات التى تعبر الحدود او حتى تتطلع نحو عبورها وهى تدفقات يكمن وصفها بالعلاقات الدولية وتشمل هذه التدفقات بالطبع على العلاقات بين حكومات هذه الدول ولكن أيضاً على العلاقات بين الأفراد والمجموعات العامة أو الخاصة، التي تقع على جانبي الحدود، كما تشتمل على جميع الانشطة التقليدية للحكومات الدبلوماسية والمفاوضات ... العلاقات الدولية مبنية على اسس ثابتة تحكم السياسات الخارجية. وهى مبنية على المصالح بين الدول ولعل اهم مايدعم العلاقات بين الدول تشابة انظمة الحكم فى كلا البلدين.