لا يزال مشروع قانون الاتجار بالبشر حبيس الأرفف ، ولم يرَ النور بعد ، في الوقت الذي يقع فيه مئات الضحايا بين أيدي تجار البشر، مع أن القانون قد تم عرضه قبل أكثر من عام ، فهل يعكس ذلك عدم تجاوب السلطات مع من قدموا المشروع ؟ أم أنها لاتعترف بوجود الجريمة ؟ ، هي ليست المرة الأولى التي يدور فيها حديث عن انتشارها في السودان على نطاق واسع وبأوجه مختلفة ، بأيدٍ سودانية وأجنبية ، ولكن مالاحظناه في كل مرة يدار فيها حديث اونشاط عن قانون الاتجار بالبشر نجده في نفس النقطة التي وقف عندها الحديث سابقا ، ولكن ثمة آمال معقودة تلوح في الافق البعيد ، بعد أن أبدى المجلس التشريعي جاهزيته لتبني مشروع القانون ، وايضا وقوف وزارة الداخلية عند الحدث بنفس جاد ، فالكل يأمل بأن تكون هي المحطة الاخيرة ليبارح القانون حالة الركود ويخرج الى المؤسسات ليكون نقطة فارقة في الحد من الاتجار بالبشر في السودان . وقد قدمت اطروحات جادة من قبل خبراء وبرلمانيين وحذروا بشكل واضح من الاستخفاف بوجود تجارة البشر كجريمة في السودان ، واكدوا على انتشارها بشكل مخيف في ولايات شرق السودان ، واشاروا الى وجود شبكات منظمة داخل وخارج البلاد تستخدم شبكة الانترنت في نشاطها المشبوه . واوضحوا ان السودان هو الدولة الوحيدة التي لايوجد بها قانون رادع للاتجار بالبشر . فالامين العام لجهاز المغتربين كرار التهامي ، له رؤية حول جريمة الاتجار بالبشر وقال في ورشة مشروع قانون الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ، انه من الضروري اجازة قانون الاتجار بالبشر في وقت قريب ، وقال التهامي ان السجون اللبنانية امتلأت بالسودانيين مرة اخرى بسبب الهجرة غير المنظمة ، وتخوف من وقوع طلاب بالجامعات الخارجية في هذا الخطر ، واضاف «ان اللجوء السياسي والعقود الوهمية هي تجارة بشرية مغلفة « . وابان ان الشعب السوداني يدعم هذه الجريمة بدعمه للمتسولين في الشوارع ومنحهم المال عطفا عليهم ولكنهم لايدركون خطورة مايفعلوه . ويدعم ذلك وجود فراغ قانوني في هذا الجانب ، والمح الى وجود مقترح بجهاز المغتربين يعمل على تدريب المهاجرين الى خارج البلاد للعمل ليتمكنوا من معرفة حقوقهم وواجباتهم ووضعهم القانوني ، مؤكدا ان ذلك سيرفع من ثقافة المهاجرين السودانيين ويقلل نسب الهجرة غير الشرعية . وقالت ممثلة الهيئة البرلمانية بالمجلس الوطني اميرة السر ، ان موقع السودان اصبح يساعد على انتشار الظواهر السالبة بجانب تداخل السحنات الكبير مابين السودان والدول المجاورة ، فيما اكدت ممثلة رئيس المجلس التشريعي ولاية الخرطوم آمنة احمد مختار على ضرورة اصدار قانون للحد من الاتجار بالبشر . واوضح ممثل رئاسة الشرطة العميد الريح محمد عثمان ، ان جريمة الاتجار بالبشر تسببت فيما وصفه بالافرازات السوداء وجرائم مختلفة ابرزها القتل والدعارة والمخدرات ، وحذر من حدوث كارثة في حال تجاهل الامر واضاف « اذا استمرينا هكذا ستفلت من ايدينا « وقال ان السودان هو الدولة الوحيدة التي لايوجد بها قانون رادع ضد هذه الجريمة . وابان ان الادارة العامة لهيئة الجوازات لديها دراسة كاملة ستعلن عنها عما قريب . من ناحيتها قالت نائبة رئيس لجنة التشريع والعدل بالمجلس التشريعي تهاني تور الدبة ، ان الاتجار بالبشر في تزايد مستمر في السودان وهنالك شبكات عالمية متمرسة على هذا النشاط ، واكدت على اهمية تشديد العقوبة لتصل الى الاعدام لخطورة الجريمة وانتهاكها للبشر ، وقالت ان المجلس التشريعي على استعداد ان يتبنى مشروع قانون الاتجار بالبشر. وترى الباحثة الاجتماعية وصال حسين ان المشكلة يبدأ حلها من احصاء الهجرة الوافدة الى السودان مؤكدة على ان عدم وجودها يدعم ظاهرة التسول بشكل كبير وهنالك قصور واضح في القوانين الخاصة بسياسات الهجرة الوافدة . وحملت ممثلة وزارة العمل سعاد الطيب حسن مسئولية الوجود الاجنبي غير المضبوط لوزارة الداخلية ، وقالت انهم في الوزارة تواجههم ان العمالة الوافدة غير مسجلة ، واستدلت باتفاقية الحريات الاربع بين جمهورية مصر حيث قامت بتطبيق الاتفاق وتسجيل كل المهاجرين السودانيين اليها ولكن في السودان حدث العكس ولم يتم تسجيل المصريين الموجودين هنا ، واكدت على اهمية وجود ضوابط للتحكم في الوجود الاجنبي في السودان . ونحن في حاجة ماسة الى قانون الاتجار بالبشر هذا ماقالته عضوة لجنة التشريع بالمجلس الوطني عواطف الجعلي ، واضافت ان حوالي 2000 امرأة وطفل تم اختطافهم في الجنوب ، واوضحت ان المواد الموجودة في القانون الحالي لا تتعارض مع الاتفاقيات ، ولكن تحتاج الى ضبط النصوص . ووصف معتمد اللاجئين حمد الجزولي الظاهرة بالدخيلة على المجتمع السوداني ، واصبحت ظاهرة مزعجة خاصة في ولاية كسلا والقضارف التي تأتيها هجرة وافدة من ارتريا واثيوبيا واصبحت لها شبكات تستخدم الانترنت ، وتبدأ رحلتهم من هناك الى الولاية الشمالية ومن ثم عبر الصحراء الى مصر واسرائيل وليبيا وايطاليا ، وقال الجزولي ان الظاهرة اصبحت اكبر من امكانيات هذه الدول لذلك استعنا بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وهناك خطة واضحة الآن .