لم تمض ايام على انقضاء اعمال اللجنة المركزية لمؤتمر البجا الا واعلنت مجموعة من قيادات الحزب عن تقديم استقالاتها من الهيئة العليا للحزب، وبشكل جماعي. والمجموعة المعنية تضم الامين السياسي السابق عبدالله موسى وامين البجا بولاية البحر الاحمر محمد أحمد مختار شيخو ومحمد فكي واخرين. ورغم ان مسوغات هذه الاستقالة الجماعية لم تعلن رسميا في وسائل الاعلام ، الا انها لم تخرج عن المسببات المعلومة والتي اسهمت في تزايد ظاهرة الانقسامات الحادة في جسد ذلك الحزب الذي يمثل شرق البلاد مع حزب الشرق الديمقراطي في الحكومة العريضة. غير ان ما يدعم هذه الانقسامات والخلافات الحكومية سوء الاحوال المعيشية والتنموية فى البلاد عامة والشرق بصفة خاصة وازدياد السخط بين قواعد الحزب على منجزات اتفاقية السلام التي وقعها الحزب مع الحكومة في اسمرا، فضلا عن التجاذبات بين الاطراف السياسية فى المركز والاقليم والعلاقات المتردية بين الفعاليات السياسية المختلفة فى الاقليم بفعل الاختلاف البين حول جدوى اتفاقية السلام وحول مردوداتها على ارض الواقع، اذا لا يمكن ان يتم النظر الى التطورات في حزب مؤتمر البجا بمعزل عن التطورات فى الشرق المتململ نفسه و دون النظر الى صورة الاوضاع الكلية الان في السودان. وقد دفعت مذكرة رفعتها مجموعة لا تتعدى الثمانية أشخاص الى الاجتماع الأخير للجنة المركزية لمؤتمر البجا الخلافات التي نشهدها الان الى السطح فقد طالب الأمين السياسي الأسبق لمؤتمر البجا عبد الله موسى وأمين الحزب في ولاية البحر الأحمر محمد أحمد مختار شيخو وستة آخرين من أعضاء اللجنة المركزية بمناقشة عدد من القضايا السياسية والتنظيمية وسرعة الاتفاق عليها وعلى رأسها العلاقة مع المؤتمر الوطني والمشاركة في السلطة ولما لم تجد مطالب هذه المذكرة التنظيمية قبولاً قررت المجموعة تقديم استقالاتها جماعياً من عضوية اللجنة المركزية والابقاء على عضويتها في الحزب فاعلةً مع الاحتفاظ بحق تصعيد الموقف حسب ما يرون. وقد اوضح محمد مختار شيخو ل»الصحافة» بالأمس أن مجموعتهم عازمة على المضي بالأمر لأبعد مدى حتى يتحقق التغيير المطلوب، ملوحاً بامكانية تقديم استقالته من الأمانة العامة للحزب في البحر الأحمر حال ذهبت جهودهم سُدًى. لكن الامين التنظيمي لمؤتمر البجا د. محمد المعتصم يقول ان المجموعة لم تحضر اجتماعات اللجنة المركزية من أساسها ماعدا أمين البحر الأحمر الذي قدم المذكرة بالانابة عنه ، مشيراً الى أن الاستقالة نفسها لم تقدم بشكل قانوني سليم، اذ أنها قدمت بشكل جماعي في ورقة وأحدة احتوت على ثلاثة توقيعات فقط، ورأى المعتصم أن المجموعة قد استعجلت في اعلان استقالاتها من اللجنة المركزية، مشيراً أن الاجتماع قرر بالفعل انشاء لجان مختلفة لدراسة مفردات المذكرة التي قدموها، وأبان الامين التنظيمي للبجا أن خطاب الاستقالة سيعرض على الاجتماع القادم بالمكتب التنفيذي واللجنة المركزية للنظر والبت، غير أنه عاد ليقول «من ناحية اجرائية ما قدم غير مقبول كخطاب استقالة لأنها كانت جماعية والصحيح أن تقدم بشكل فردي»، وأردف «ثم أننا لم نستوثق من صحة التوقيعات ومن الصحة الأسماء التي وردت». وأكد المعتصم ل»الصحافة» عدم اطلاعه على محتويات خطاب الاستقالة لكنه قال انه يتابع ما تتناقله وسائل الاعلام في هذا الخصوص، وكشف عن تكليف اللجنة المركزية فور وصول الخطاب لأمين الحزب السياسي صلاح باركوين بزيارة البحر الأحمر ورفع تقرير بما يجري هناك لاجتماعها القادم مطلع مايو. وترمي المجموعة المستقيلة في مؤتمر البجا بتبعات كل ما يعيشه الشرق من فقر وجوع على طريقة تعاطي قيادة الحزب مع ما يحدث في الراهن ، ويشير عبد الله موسى الامين العام المستقيل للمؤتمر الى ان الحكومة لم تلتزم بما وقعت عليه معهم، ويقول ان تنفيذ ما اتفق عليه في الاتفاقية يواجه عقبات كبيرة يجب التصدى لها سواء فى الجوانب السياسية او الاقتصادية او العسكرية. وتحمل مجموعة عبد الله موسى ومحمد مختار شيخو الحزب مسئولية عدم التزام الحكومة بتسديد كامل دفعيات الاعمار البالغة 600 مليون دولار الى صندوق اعمار الشرق الذي اتفق على ان يتولي بادارة الطرفين عمليات التنمية فى الاقليم بولاياته الثلاث. ويقولون ان الطريقة التى تم بها تنفيذ المشاريع كانت قليلة الاثر فى عملية التنمية وتتم بصورة زمنية متباعدة،وهو ما لم يشعر المواطن بتحسن فى وضعه الاقتصادي كنتيجة مباشرة للاتفاق فى اسمرا. ويعرض القيادي البجاوى المستقيل شيخو الى مسألة اخرى تبين بحسب اعتقاده مدى التهاون والاستهتار الحكومي بالاتفاقية، وهي عدم تنفيذها لكثير من الملفات العالقة وتعاملها مع مطالب الحزب بتعجيل انفاذ ما تم الاتفاق عليه بأسمرا بالكثير من التسويف والمماطلة، مشيراً الى أن هناك كثيرا من المحاور مثل محور الخدمة المدنية ظلت تنتظر ايلاء الاهتمام منذ سنوات طويلة دون فائدة، وقال انهم كانوا ينتظرون من الحزب في المرحلة القادمة مواقف حقيقية تجاه عملية تنفيذ الاتفاقية وتجاه طريقة تعاطي الحكومة مع مستحقاتها واحتياجات شرق السودان التنموية والخدمية والمعيشية، ورأى الأمين العام لمؤتمر البجا بالبحر الأحمر أن الحكومة قد اهتمت بتنفيذ الشق السياسي فقط في الاتفاقية الذي يتمثل في عملية المشاركة في السلطة رغم أن هذه المشاركة نفسها لم تأت ملبيةً لطموحات الشعب البجاوي ولم تكن تمثل ما يستحقه، ومضى شيخو ليوضح اعتراض مجموعتهم المستقيلة على ان مشاركة حزبهم في السلطة اقتضت رضوخه لتنفيذ برنامج المؤتمر الوطني الذي لا يعبر كما يؤكد عن رؤية حزب مؤتمر البجا في كيفية معالجة الأوضاع في الشرق والبلاد بأكملها، وشدد على ضرورة التزام مؤتمر البجا ببرنامج واضح يحقق تطلعات الجماهير ويدافع عن حقوقها، لافتاً الى ان هنالك قطاعا عريضا من قواعد الحزب يؤمن على مذكرتهم التي قدموها للجنة المركزية ويعتقد أنها تشتمل على قضايا حقيقية يجب أن تجد معالجات مرضية من الحزب لأن الوضع الراهن لا يمكن السكوت عليه. والمسألة الاخرى التي يعرض اليها شيخو تتعلق باتفاق الطرفين فى اسمرا على انشاء مفوضيات مختلفة منها مفوضية للايرادات، تدعم المفوضية التزامات حكومية بثبات الدعم المركزي للولايات الشرقية، ليدعم هذا بدوره ميزانيات الولايات للتنمية. الا أن مؤتمر البجا ينظر للقضايا المثارة من قبل مجموعة المستقلين من زاوية أخرى فأمينه التنظيمي يفسر استمرار تمسك الحزب بالمشاركة في السلطة باتفاق قواعد وقيادة البجا على أهميتها لاستكمال تنفيذ اتفاق السلام، ذلك لما يمكن أن يترتب عليه من نتائج ستنعكس ايجاباً على أهل شرق السودان، وأشار دكتور محمد المعتصم أن مؤتمر البجا قد ناضل طويلاً من أجل هذه الاتفاقية ومن أجل تحقيق السلام والاستقرار، مؤكداً أنه قد استطاع خلال الفترة التي قضاها في السلطة أن يدعم من انفاذها، في مختلف محاورها السياسية والاقتصادية والأمنية، واضاف المعتصم أن الاتفاقية ودرجة انفاذها هما من يحدد الموقع الذي سيتواجد فيه مؤتمر البجا «ان كان في السلطة أو بجوار المعارضة».