ما لها مدينة الخرطوم التى اضحت ارملة المدائن ، حيث غاب عنها فى غضون الاشهر القلائل اكثرابنائها حبا وولها وتيها بها. بدأ الغياب المر بالاستاذ التيجانى الطيب ، والاستاذ محمد وردى ، الشاعر محمد الحسن سالم حميد ، وأخيرا الاستاذ المناضل محمد ابراهيم نقد، السكرتير العام للحزب الشيوعى السوداني فى وقت نحن فى أشد الحاجة لحكمتهم وكياستهم من اى زمن مضى ، والوطن يعانى التمزق والحروب . ان الاستاذ نقد البطل السياسى الجاد منذ الاستعمار، وحتى آخر حياته لم يلن او يداهن اويستكن ولا يعرف الاستكانة ولا الانكسار بل ظل مناديا بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وكرامته مدافعا ًومناصراً لقضايا المرأة . ان الاستاذ نقد يعتبر مدرسة متفردة جمعت بين الفكر والسياسة والكتابة والثقافة الواعية القادرة على التعامل مع الواقع وان يتطور معه ويتطور به ويطوره . ولقد كان قادرا على الالهام والقيادة والصمود والصبر. ونقد الذى وصفه الجميع بصفات قل ان تجتمع فى شخص واحد، فلقد جسد الاعتدال ، والنضال ، والحكمة ، والذكاء ، والبساطة ، والتواضع ، والدعابة وخفة الظل ، والقيم السودانية الاصيلة ، والعقلانية ، والوطنية ، والاخلاص ، والتواصل مع الآخرين فى السراء والضراء ، لقد كان عنواناً للشجاعة ، والصمود ، والتضحية ، والعطاء بلا حدود . ستون عاما من العطاء بعدها رحل الاستاذ نقد عاليا وشامخا مدركا بان الصمود اليساري ليس كاي صمود وأن البذل والعطاء والتضحية بانها ليست كأى تضحية شأنه فى ذلك كشأن الذين سبقوه امثال المرحوم عبد الخالق محجوب ، والمرحوم الشفيع احمد الشيخ وبقية الرفاق ، تلك التضحية التى تعبر عن مزيج من الحب والشجاعة والمقدرة على ان تكون قدوة حسنة فى الشجاعة والصمود والترفع وانت تحت التعذيب او امام المشانق محكوم عليك بالاعدام . اتمنى ان تكون القيم الجميلة والتضحيات الجسام التى خلفها الاستاذ نقد زخراً وزاداً لاعضاء الحزب ونبراساً نهتدى به فى التوحد الفكرى ووحدة الصف التى نحتاج اليها فى هذا المنعطف والوطن يعاني محناً كثيرة . نقد الذى عاش فقيرا ومات فقيرا ، ولكنه غني بنضاله وجليل اعماله ومبادئه التى نذر نفسه من اجلها مدافعا عنها ، ومتخذا من النضال الحاسم والشامخ سبيلا لتحقيق الحلم للوطن والشعب ، في الحرية ، والديمقراطية ، والتبادل السلمى للسلطة حتى آخر يوم فى عمره حتى داهمه الذى ليس منه بد فى يوم الخميس الموافق 22 مارس 2012 م . وبرحيله انطوت صفحة ناصعة و حقبة تاريخية ملأها بجلائل اعماله ونضاله ، لكن نقداً لم يرحل فسوف يظل متربعا فى قلوبنا وقلب الشعب الى الابد . اننا نعزى فيك انفسنا واسرتك وحزبك والشعب السودانى الذى تقاطرت جموعه من مختلف الوان الطيف السياسي والطرق الصوفية لتشييعك لمثواك الاخير. فنم هانئا غرير العين، نعاهدك إنا على دربك سائرون ،ونمضي في السكة نحن نمد من سيرتك للجايين.