٭ كان الاجتماع السنوي السابع والثلاثون لمحافظي البنك الاسلامي للتنمية في الخرطوم في الاسبوع الماضي انجح اجتماعات البنك السنوية على مستوى كل اجتماعاته السابقة، هذا ما قاله السيد د. احمد محمد علي رئيس البنك.. وكان فخراً للسودان ان ينال هذه الشهادة المستحقة من رئيس البنك.. ليس ذلك فحسب، بل كان حديثه الطيب في الاجتماع الافتتاحي للبنك عن السودان، حديثاً راقياً بحق حيث ذكر ان السودان هو أول مساهم في رأسمال البنك واكثر الاعضاء تأهيلاً من حيث الموارد والامكانات مما جعل السيد رئيس الجمهورية في خطابه للاجتماع يوجه بأن يوزع خطاب رئيس البنك على كل الوحدات الحكومية لأنه افاض في الاشادة بدور السودان وأبناء السودان الذين عملوا في البنك منذ تأسيسه حتى اليوم بجد واخلاص وفي ذلك ايضاً اعتراف بخبرات وقدرات العنصري البشري السوداني. كذلك تحدث السيد علي محمود وزير المالية ذاكراً ان البنك الاسلامي هو الممول الاكبر بين الممولين لمشروعات السودان التنموية، وذكر مساهماته المتعددة في سد مروي وخزان الرصيرص وسدي نهر عطبرة وستيت وإعمار دارفور ومشروع حلفا الزراعي وغيرها من المشروعات، وحدد ان هذا العام المالي الحالي 2102 سوف يستفيد السودان من جملة تمويلات تزيد عن 004 مليون دولار اضافة الى منح وتسهيلات أخرى، لذلك فإن البنك يتعاون تعاوناً بناءً مع حكومة السودان وتمويل مشروعاتها المختلفة واخرها سكر النيل الابيض. واستمعت ايضاً لحديث طيب من د. بشير عمر فضل الله وزير المالية في الثمانينيات والذي يعمل الآن في وظيفة قيادية بالبنك بجدة عن ماهو متاح للسودان من فرص تمويل وتعاون مع البنك، ولكن بالمثل استمعت لاحاديث الاخوة من أصحاب العمل عن عدم استفادة القطاع الخاص السوداني بما يكفى من نافذة البنك الخاصة بالقطاع الخاص بشكل معقول، بما في ذلك تمويل تشجيع التجارة البينية بين الدول الاسلامية ومؤسسات ضمان وتأمين الاستثمار والتي يرأسها د. عبد الرحمن الطيب علي طه، وهو سوداني قيادي بالبنك.. ولقد كانت ندوة البنك التي اقامها بالخرطوم حول فرص تمويل القطاع الخاص رغم وجود رئيس الغرفة التجارية الاسلامية د. صالح الكامل وعدد من وزراء المالية من الدول الاسلامية وكثير رجال الاعمال إلا ان المؤكد هو أن القطاع الخاص السوداني لم ينل من مؤسسات التمويل الاسلامية أو الاقليمية الاخرى ما يناله القطاع الخاص في دول اسلامية أخرى، وما ينبغي ان يناله من فرص تمويل بالمستوى الذي نالته الحكومة.. صحيح ان الدولة السودانية مهتمة بالمشروعات الحكومية ونالت وستنال نصيبها تماماً بل ان السودان (الحكومة) هو الدولة الاولى ذات النصيب الاكبر في تمويلات البنك، إلا انه كان عليها لزاماً ان تتبنى دعم مشاريع القطاع الخاص أمام البنك حتى ينال القطاع الخاص نصيبه من التمويل. الم تكن كل الخطط الاستراتيجية السودانية منذ قيام الانقاذ مثلاً خطة 2991-2002 و7002- 1102 وما بعدها تركز وتتبنى تشجيع ودعم توجهات القطاع الخاص وان القطاع الخاص مناط به انفاذ 07% من مشروعات الخطط في السودان.. الم تقل الدولة دائماً انها تدعم القطاع الخاص وتتخلى له عن المشروعات العامة وتدفع بها ليمتلك ويدير هذه المشروعات والشركات؟ اذا كان ذلك كذلك كان عليها أن تقود هى وتوجه وتنظم وتتبنى كل مشروعات القطاع الخاص الناجحة، والتي تتفق مع الاستراتيجية العامة للدولة وتقدمها للبنك وتقدم الضمانات الممكنة والمطلوبة للبنك، وان تساعد القطاع الخاص في اعداد الدراسات الفنية وحتى اذا لزم تكوين مجموعة ضغط (لوبي مالي)، للتواصل مع مؤسسات التمويل العالمية لتقييم الدراسات وفق متطلبات البنك حتى تفي بشروط البنك الفنية ومتطلباته بما يقارب ما يقدم من دراسات من دول اخرى نالت مشروعات قطاعها الخاص التمويل . صحيح ان الدراسات المعدة في السودان جيدة ولدينا خبرات وطنية تعد افضل الدراسات ولكن كما نعلم ان كثيرا من المؤسسات التمويلية العالمية أكثر اطمئناناً لمؤسسات وبيوت خبرة عالمية في شؤون المال مثل (برايس وترهاوس وكي م ب ج وارنست اندنق وغيرها).. وعلى الدولة ان تساعد القطاع الخاص حتى يتواصل مع كل هذه المؤسسات عبر الجهات المسؤولة عن تقديم العون الفني وبناء قدرات القطاع الخاص إذ ان البنك الاسلامي يرحب بأن يطلب منه العون لاعداد كوادر ومؤسسات وبناء قدرات القطاع الخاص. أنا اقدر جهد اتحادات اصحاب العمل والغرف التجارية والزراعية والصناعية وما قامت به من جهود لتكوين هذه الغرف على مستوى القطر وولاياته المختلفة، وجهدها في تنشيط العمل في هذه الكيانات وما قامت به من انشاء اقسام للمعلوماتية وما نظمته من ورش عمل ومؤتمرات وسمنارات حتى تساعد مؤسسات القطاع الخاص لتلعب دورها بكفاءة خدمة لاعضائها وللاقتصاد السوداني، إلا أن المطلوب منها مازال كبيراً خاصة في جانب البناء المؤسسي وبناء القدرات وتقدير دور الخدمات البحثية والاستشارية والعلاقات الخارجية والتواصل مع المؤسسات الاقليمية والعالمية، والاستفادة من الفرص المتاحة في جانب التمويل والتطوير والتحديث، ونقل التقانة وزيادة حجم التعاون وتبادل المصالح. والى حين ان يتم ذلك، تظل فرص القطاع الخاص في الحصول على التمويل بحاجة الى مزيد من الجهود والى دور أكبر للدولة من خلال المساعدة في بلورة مشروعات القطاع الخاص لتكون اكثر مواكبة لمتطلبات وشروط التمويل الخارجية.. اننا بحاجة الى مؤسسة حكومية ترعى مباشرة مؤسسات القطاع الخاص مثل (وزارة تنمية الاعمال) كما في الدول الاخرى.. هل نطمع في ذلك هل؟.