المقعد الخلفي للباص السفري يتحدث فيه الركاب بهمس ثم لايلبث ان ينقلب الهمس أكثر حدة واخيرا ينقلب الي شجار يطالبون فيه بتغيير اسطوانة الفيديو قيد التشغيل. مشهد يحدث في كثير من الاحيان بالنسبة للمسافرين، فدائما ما يخضع الفيديو في الباصات السفرية لمزاج سائق الباص اوالعامل معه، وفي ظل فئات كثيرة من المسافرين الذين قد يختلفون في الفئات العمرية، وقد يختلفون في الديانة وقد تتنوع عصبتهم داخل الدين الواحد ويبقي الاختلاف علي اسطوانة الفيديو فيما بينهم اولا ثم بينهم وبين عامل الباص ثانيا. فيما تتداول الاحاديث داخل الميناء البري بشأن أحد اصحاب شركات النقل الذي فرض علي سائقي الباصات التابعة له عدم تشغيل الاغاني السودانية والافلام نهائيا وتشغيل اسطوانات دينية موجهه سلمها لهم هو بنفسه. يروي المواطن عمر الامين ل (عوافي) انه في آخر مرة ركب فيها باصا سفريا كان بالفيديو اسطوانة دينية تتحدث عن الموت فأصاب الهلع ركاب الباص الذين أصبحوا يتعوذون ويحوقلون، ولم يجرؤ أحد منهم على التحدث مع عامل الباص، الا فئة قليلة من الشباب تشاجرت مع السائق وانتهي الامر بإغلاق الفيديو، مضيفا ان الاعتراض علي الفيديو هو حق للركاب لانهم هم المشاهدون وليس عامل الباص وعليه مراعاة أذواقهم جميعا وليس من حقه ان يغلق الفيديو لأنه احد الخدمات المعلن عنها في تذكرة السفر.متهما عمال الباصات بالمزاجية وفرض الوصاية علي المسافرين. ويقول المواطن ابو العلاء فاروق: انه قد تحدث بعض الاحتكاكات بشأن الفيديو ولكن الكثير من المسافرين لا يكترثون لهذا الامر فيفضلون النوم علي متابعة الفيديو. بينما ينشغل البعض الآخر بالاستمتاع بمناظر الطبيعة علي الطريق. موضحا ان التباين في وجهات النظر أمر لا مفر منه، حيث يختلف تقييم الافلام من شخص الي آخر. فيما يتحفظ الكثير من سكان الريف علي بعض المشاهد التي لا يري سكان المدينة او المتتبعون للتلفاز أية غضاضة فيها، موضحا انه في مثل هذه المواقف تكون الرقابة من قبل المسافرين فقط الامر الذي وصفه بالجيد مما يتيح للاغلبية الاستمتاع بمشاهدة ما يريدون الذي لا يخرج في الاساس عن اطار قليل من الاسطوانات الغنائية والسينمائية الموجودة عند عامل الباص. ومن جانب آخر يقول كمال نور الدين (سائق باص) انه نادرا ما يحدث شجار بشأن الفيديو الذي يغلب عليه الاغاني السودانية والافلام الاجنبية أو العربية التي وصفها بالعادية، وبأنها لاتخدش الحياء، مشيرا الي أن البعض لا يستطيع ان ترضيه مهما فعلت هذا بالاضافة الي اختلاف أذواق المسافرين حيث يطلب بعضهم أغاني لفنان واحد. وكشف ان طلبات المسافرين قد تختلف حسب المدينة المتجه اليها الباص حيث تزيد المطالبة بأغاني محمود عبد العزيز وزيدان ابراهيم اذا كانت الرحلة الي مدينة الابيض، ويطالب المسافرون الي مدينة ود مدني بأغاني الاستاذ محمد الامين، موضحا ان المطالبة بأغان محددة تصدر عادة من فئة الشباب خاصة اذا كانوا يعرفون بعضهم من قبل او تعارفوا أثناء الرحلة مما يجعلهم هم الفئة الاكثر تأثيرا من بقية الركاب لارتفاع أصواتهم مما يضغط علي عامل الباص لتلبية مطالبهم، كاشفا عن أن بعض السلفيين يعترضون علي بعض المشاهد العاطفية في الافلام، ولكن الشباب يتصدون لهم واذا لم يفعلوا نقوم بتغيير الفلم مباشرة.