الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشهد ما بعد الإنتخابات
نشر في الصحافة يوم 11 - 04 - 2010

يتوجه ملايين السودانيين فى هذه الأوقات الى صناديق إقتراع شفافة لإنتخاب رئيس الجمهورية ، ونواب البرلمان الوطني ، والبرلمانات الولائية ،بعد 24 عاما من آخر انتخابات ديمقراطية ، تجري فى البلاد ، أبرز المرشحين فيها لمقعد رئاسة الجمهورية ، الرئيس الحالي ومرشح المؤتمر الوطني ، عمر البشير ومرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي ،الأصل حاتم السر ومرشح المؤتمر الشعبي (حزب الدكتور حسن الترابي ) الجنوبي المسلم عبد الله دينق نيال والدكتورة فاطمة عبد المحمود ،وثلة من المرشحين المستقلين ، بينما انسحب من السباق الرئاسي كل من السيد ياسر عرمان ، مرشح الحركة الشعبية ، والسيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ، والسيد محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني .
بقراءة سريعة للمشهد الانتخابي ،عشية بدء عمليات التصويت ، يلحظ المرء أن الحملات الانتخابية، أخذت مؤشرا تصاعديا فى أكثر من ثلثي الفترة المخصصة للأحزاب ، للتبشير ببرامجها الانتخابية ، سرعان ما هبط المؤشر ،إثر إنسحاب مرشح الحركة الشعبية ، ياسر عرمان ،أعقبته بلبلة شديدة واهتزاز عنيف فى صفوف قوى تحالف جوبا ،التي ساءها هذا التصرف المنفرد من الحركة الشعبية ، وإزاء موقف كهذا كان لابد لتلك القوى ، أن تحدد مواقفها ، من المشاركة أو عدمها ،فلم يتمكن أكبر تلك القوى (حزب الأمة القومي ) من اتخاذ قراره فى الوقت المناسب ، وبعد شد وجذب بين التيار الداعي للمشاركة والآخر الرافض ،خرج الحزب بقرار المقاطعة الشاملة للانتخابات ( على المستوى الرئاسي والمستويات الأخرى )رغم أن الحزب قال إن أكثر من 90% من مطالبه استجيب لها ،الحزب الشيوعي كان أكثر الأحزاب سرعة فى اللحاق بالحركة الشعبية ،المرشحون المستقلون والمؤتمر الشعبي كانوا الأكثر ثباتا فى خوض الإنتخابات ،على كافة المستويات ، أما الاتحادي الديمقراطي فهو الآخر صدر عنه أكثر من موقف حول المقاطعة والمشاركة الى أن حسم أمره بالمشاركة الكاملة ،وسائل الإعلام كانت الرابح الأكبر، من الحملات الإنتخابية ، حيث عززت وضعها الاقتصادي ، بكم لا بأس به من الإعلانات ، والمواد الترويجية ، مدفوعة الثمن ، ولم يمتد قلم الرقيب ، الى كل ذلك الكم من المواد (أخبار ، تقارير صحفية ، استطلاعات رأي ، تحقيقات ،تحليلات سياسية ، مقالات رأي ، وحوارات كاركاتيرات ، وغيرها من المواد الإ فيما ندر ) .
الناخبون أيضا أصيبوا بكثير من الإحباط ،ذلك أنهم كانوا يحسبون أن أحزابنا السياسية ،بعد أكثر من عشرين عاما من حكم المؤتمر الوطني ، سوف تكون جادة بما يكفي ، ومستعدة كما ينبغي ، لخوض الإنتخابات ، وصولا الى التحول الديمقراطي المنشود ، ومواصلة التحامها الفعال بقواعدها فى العاصمة والولايات ، الا أنها عوضا عن ذلك بدأت تتحدث عن سيطرة المؤتمر الوطني ،على مفاصل الدولة ، وتوجيهها للمفوضية القومية للإنتخابات كما تشاء ، وعدم منحها ما تستحقه من وقت فى وسائل الإعلام القومية ،واعتراضها على الآلية الاعلامية التابعة للمفوضية ، واستغلال المؤتمر الوطني ، للسلطة ونفوذ الدولة وتجييرهما لصالحه ، وعدم تخصيص مبالغ مالية للأحزاب ، لتدير بها حملاتها الانتخابية وعدم تجميد قانون الأمن الوطني بقرار من رئاسة الجمهورية ، وعدم الربط ما بين استحقاقي الانتخابات واستفتاء الجنوب ،فكان رد المؤتمر الوطني ،أن ذلك غير ممكن ، نظرا لعدم تساوي الأوزان الحزبية ،بشكل نظري ، وأن مثل هذا الأمر يمكن تنفيذه فى الانتخابات المقبلة ، بعد أربعة أعوام ، وكانت أحزاب المعارضة قد طالبت بتأجيل الانتخابات الى نوفمبر ثم لمدة شهر واحد ، لتوفير المزيد من أجواء الشفافية والنزاهة ، قبل إجراء الانتخابات ،وأصرت المفوضية القومية للانتخابات ، ومن خلفها المؤتمر الوطني ، على إجراء الانتخابات فى موعدها المحدد ، كاستحقاق دستوري لا مناص ولا فكاك منه ، وفى أعقاب قرار الحركة المفاجئ الانسحاب من السباق الرئاسي ، ثم من الولايات الشمالية حسبما صرح به السيد باقان أموم الأمين العام للحركة ، ومرشح الحركة المنسحب من السباق الرئاسي ياسر عرمان ، جاء تصريح من الرجل الأول فى الحركة والنائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت ومفاده :( أن الحركة الشعبية لم تنسحب من المشاركة فى انتخابات الولايات الشمالية إنما سحبت مرشحها من سباق الرئاسة فقط ) مما أظهر بوضوح أن الحركة تعاني من تصدعات شديدة ، فى بنيانها التنظيمي ،فبينما تحاول مجموعة باقان عرمان ، أو من يسمونهم بأولاد قرنق تبني موقف المقاطعة الشاملة ، كان القائد سلفاكير يرى ضرورة عدم مقاطعة الانتخابات فى الشمال ،وإذا قرنا هذين الموقفين بما تسرب من معلومات مفادها أن المؤتمر الوطني ضغط بشدة على الحركة الشعبية لسحب مرشحها من سباق الرئاسة ،وأن صفقة سياسية وطبخة كاملة الدسم تحت الطاولة قد تمت بين شريكي الحكم (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ) كما صرح المرشح الرئاسي المنسحب السيد مبارك الفاضل ، لتسهيل عمليتي الانتخابات والاستفتاء لتقرير مصير الجنوب ،( تسهيل الطلاق ) (بعد زواج كله مشاكل وخصومات اللهم الا من فترة شهر العسل التي سبقت رحيل زعيم الحركة جون قرنق ) لذلك يمكننا أن نفهم البلبلة التي أصابت المشهد الانتخابي ، خلال الأسبوعين الأخيرين من الحملات الانتخابية ،وهو ما ألقى بظلال سالبة على مجمل العملية الانتخابية ، حيث كانت مواقف الإطراف تتغير ساعة بعد أخرى ، ويوما بعد آخر ،وقد أصابت تلك البلبلة وعدم وضوح الرؤيا للاحزاب ، أصابت المحللين السياسيين أيضا بدوار وتخبط ،حيث لم يتبنوا بوصلة أى حزب هل هو مع الانسحاب الكلي أو الجزئي ،مع المقاطعة الشاملة ام الجزئية ، وبالتالي زادت تحليلاتهم وقراءتهم للمشهد السياسي الناخبين بإحباط شديد ،وحدها المفوضية القومية كانت تردد مقولة: ( الانتخابات فى موعدها ) وكان البشير يؤيدها بصيغ كثيرة لا تأخير ، لا ابطاء ، لا تأجيل ولا إلغاء .
وهاهم الناخبون يتوجهون صوب صناديق اقتراع بيضاء شفافة مستوردة من أوربا (بعد أكثر من خمسين عاما من الاستغلال نعجز عن صنعها فى الداخل ) خلال فترة الحملات الانتخابية أصابني شخصيا الإحباط ،من العروض الباهتة والمملة للبرامج الانتخابية ،حيث كانت برامج التلفزيون القومي مملة للغاية ، كانت تصيب المشاهدين بالتثاؤب والغثيان ،كانت أحاديثهم جميعا صورة طبق الأصل لبعضها البعض ، فمن منتقد وشاتم وناقم بشدة على المؤتمر الوطني وشامت على إنجازاته ،الي آخر يحاول دغدغة مشاعر المواطنين ،بأن ( قفة الملاح ) سوف تكون بجنيهين فقط وأن التعليم سوف يكون مجانيا ،وأن العلاج إن لم يكن مجانيا فى عهده فسوف يكون فى متناول الكل فى الحضر والريف بتراب الأرض (كناية عن ثمنه الزهيد ) وأنه سوف يتم حل مشكلة العطالة المقننة والمقنعة لشبابنا ، الذين يفترشون الثري ويلتحفون السماء ، دونما عمل ودونما بيت للزوجية ، ودونما أفق لحل مشكلاته الكثيرة التي تجعله اسيرا لهواجس شتي تنتاشه ، فيجعله يهرب من واقعه المر الى معاقرة الخمر والمخدرات ، والجري خلف سفاسف الأمور ودنايا المقاصد ، وممارسة الرزيلة ،كان مهاجمة المؤتمر الوطني ونعته بأرذل الأوصاف وأبشعها قاسما مشتركا بين كل المرشحين كبارهم وصغارهم ،محترفيهم ومستجدوهم ، فى حلبة السياسة ،قالوا ان المؤتمر الوطني دمر السودان ، ويعمل علي تفكيكه وتقسيمه ، وتفريق شعبه ،قالوا أن المؤتمر الوطني سعي منذ الأول لانقلاب الانقاذ عام 1989 للانقضاض على تلابيب الدولة والإستئثار بكل مقدراتها وامكانياتها ، وتوظيفها لصالحه فى إطار سياسة التمكين لذوي الولاء ، وابعاد كل من يخالفونه الراي واستئجار القوي الامين ،وقالوا أن الزراعة والصناعة دمرتا ،قالوا أن القيم الأخلاقية تردت ، وأن النسيج الاجتماعي تمزق ،قالوا إن قادة الحزب وأنصاره أثروا ثراءً فاحشا ، وابتنوا لأنفسهم البنايات الفارهات ولبسوا الثياب الزاهية ، وركبوا السيارات الفارهة ،وأصبح لديهم رصيد ضخم فى بنوك الخارج ، مما مكنهم من تعليم ابنائهم فى أرقى الجامعات ، والدفع ببقية الطلاب الى جامعات تفتقر لكل شئ ولا تحمل من مقومات التعليم العالي العصري الا اسماء تلك الجامعات ، اتهموا المؤتمر الوطني بالمحسوبية والفساد ، وبعض تلك الاتهامات صحيح ، وكثير منها غير صحيح ، والهدف من وراء إطلاقها معروف ، وإلا فليتقدم كل من لديه الدليل البين الى المحاكم .
نتوقع أن تسير الأمور بشكل طبيعي خلال أيام الانتخابات وذلك فى ظل المعطيات التالية :
1/المفوضة القومية للانتخابات حريصة كل الحرص على إجراء الانتخابات بكل شفافية وحيده ونزاهة وحرية .
2/أكثر من مائة ألف شرطي سوف يوفرون الأمن حول المراكز وداخل المدن والقري وهم مجزون بأحدث الوسائل من سيارات وأجهزة لاسلكي وهواتف نقالة وسلاح وغرف عمليات مركزية وولائية ومحلية وقد سبق نشرهم تدريب لهم من قبل وزارة الداخلية وقوات الامم المتحدة خاصة وفى دارفور والجنوب
3/وعي كبير يتمتع به الناخب السوداني الذي سوف يمارس حقه دون وصاية من أحد.
4/عدد كبير من الناخبين سوف يذهبون الى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لتلك القوي المنسحبة أو المقاطعة إذ ستكون أسماؤهم ورموزهم موجودة علي بطاقات الاقتراع ،ولا يعني انسحابهم شيئا من الناحية القانونية كونه أتي متأخرا الا بعد انتهاء مهلة الانسحاب .
5/وعي سياسي يتمتع به قادة الاحزاب السياسية التي لن تلجأ لتحريض الناخبين الى اثارة الشغب والعنف لان ذلك من شأنه ان يهدد السلام والأمن الوطني ويعيد مشاهد وقعت فى إيران وكينيا وزيمبابوي .وهذا هو الذي سوف يجعل من بلادنا صومالاً آخر وليس فوز البشير .
6/وجود عدد كبير من المراقبين الاوربيين والافارقة والعرب وجيش جرار من مراقبي منظمات المجتمع المدني السودانية فضلا عن مركز الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر، سوف تكفل اجراء الانتخابات وفق رقابة صارمة .
7/حرص من حزب المؤتمر الوطني على أن تتم الانتخابات فى اجواء من النزاهة والشفافية بعد أن تيقن من فوز مرشحه بمنصب الرئاسة بعد انسحاب ابرز المنافسين (المهدي وعرمان ) ثم حرصه على نيل شهادة من المراقبين الدوليين والمحليين بذلك ، لحاجته الى اضفاء الشرعية ، التي تمكنه من طرح فكرة الحكومة القومية، على القوى السياسية فى المرحلة القادمة .
8/استغلال الفوز والهيمنة لأربع سنوات أخرى من أجل التبشير مجددا مع شريكته الحركة الشعبية، فى أوساط الجنوبيين من أجل الوحدة .وهو ما قال به الفريق سلفاكير فى آخر جولة من حملته الانتخابية فى الجنوب ، عندما أوضح ان الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني سوف يعملان لتحقيق هذا الهدف ، ورغم أننا نرى أنها خطوة أتت متأخرة كثيرا غير أنها تخاطب آخر أشواق الوحدة ، كما أن الحركة لابد أن تبدي بعض التفهم لقوى الشمال التي اتفقت معها فى كثير من المواقف ، وبإمكان كافة القوى السياسية أن تعمل بجهد مضاعف من أجل إقناع المواطن الجنوبي بأن مصلحته الحقيقية فى الوحدة وليس الانفصال ، سيما إذا علمنا ان الجنوب الان يمر بكارثة إنسانية تتمثل فى المجاعة ، الذي ضربت اجزاء واسعة من الولايات الجنوبية ، حسب أحدث تقارير للأمم المتحدة ، مما يستدعي تضافر جهود الشريكبن أولا لاحتوائها ، فمؤكد أن الجوعي لن يستطيعوا حتي مجرد الوصول الي صناديق الاستفتاء للادلاء بأصواتهم ،وأن وصلوا أو أوصلوهم فسوف يكون رد فعلهم سيئا تجاه الشريكين مما يربك الموقف ويزيده تعقيدا .
9/مصالح امريكا الحقيقية والغرب أيضا فى سودان موحد وليس منقسم لاعتبارات عديدة لعل أهمها أن الحركة الشعبية والقوى الشمالية لو وصلت الى سدة الحكم بعد 4 سنوات ، من شأنها أن تتوافق مع الغرب بشكل جلي ، عكس المؤتمر الوطني الذي سوف يستمر فى موقفه من الغرب وسوف يناصبه الغرب ذات العداء ويواصل الضغط عليه من أجل فك قبضته قليلا ، لذا فإن فكرة حكومة قومية بعد الانتخابات سوف يثبت للقوى الداخلية والخارجية نوعا من المرونة التي تطالب بها تلك القوى المؤتمر الوطني .
10/سيكون مطلوبا من المؤتمر الوطني خلال الفترة المقبلة أكثر من أي وقت مضى بعد نيل الشرعية التي يلهث وراءها، الاهتمام بكل ما ورد فى برامج الاحزاب، وأهمها توفير المعيشة الكريمة للمواطن من خلال تحسين واقع الاقتصاد ، والاهتمام بالزراعة إذا لا يعقل ان يستورد بلد كالسودان يمتلك كل الموارد والإمكانات الطماطم من الخارج ، ويبحث مواطنوه العلاج فى الخارج ،على المؤتمر الوطني ان يسعى لتوسيع قاعدة المشاركة وتمتين الشراكة من أجل الوحدة الوطنية، والاهتمام بالتعليم والصحة والتنمية والرخاء ،وعلى والي الخرطوم المنتخب أن يعمل من أجل تحسين وجه الخرطوم القبيح، وهي تحتضن ملتقى النيلين من خلال تشييد المزيد من الفنادق العالمية ،ومن خلال المزيد من إعادة التخطيط وإيصال الكهرباء والماء لكافة المناطق الطرفية، وتنفيذ وعد السيد الصادق المهدي بزراعة ملايين الأشجار فضلا عن الاهتمام بالمنشآت الرياضية، وأهمها على الإطلاق إكمال المدينة الرياضية ، إذ سيكون غريبا أن يكون شعار الحزب هو الشجرة دون ان يهتم الحزب بالأشجار، زراعة ومحافظة على الغابات ، التي تتعرض أشجارها لقطع ورعي جائر رغم أنها ثروة وطنية ، سيكون المؤتمر الوطني معنيا برتق النسيج الاجتماعي فى دارفور ، والمصالحة الوطنية مع الجنوب، بل مع قوي الشمال المعارضة لأن الابتعاد عن تلك القوي من شأنه أن يضر كثيرا بالبناء الوطني السليم .
11/نتوقع أيضا من القوى السياسية كافة فى الحكم والمعارضة ان تبتعد عن نزعة حب التشفي والانتقام التي لها دائما فى النفس جاذبية قوية ، قد تعلو على جاذبية الشهوات والنوازع الاخرى ، فلابد ان يلجم قادتنا السياسيون حب تشفيهم فى الطرف الآخر بالعلم والحب قال تعالى : (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )آل عمران 134،
12/نتوقع خلال الفترة القادمة التئاما للأحزاب المنشقة ، والحركات المسلحة المنشطرة والمتشظية ،فليس هناك حزب سوداني واحد نجا من هذه الطامة الكبرى حتى كادت احزابنا ان تتساوى فى عددها عدد سكان السودان ((لكل سوداني حزبه ، حتى لو أضطر أن يكون رئيسا وقاعدة فى الوقت عينه ) نتوقع ونتمنى أن يتوحد المؤتمران الوطني والشعبي ، والأمة بكل مسمياته ، والاتحادي بكل فروعه والحركة الشعبية بكل أجنحتها ، وحركات دارفور بكل فصائلها ، وفى ذلك قوة سياسية لبلدنا ونضج فى الممارسة السياسية واستقرار للأوضاع السياسية والأمنية .
هوامش :
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال !
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت فى مرادها الأجسام !
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال !
إنا لفي زمن ترك القبيح به من أكثر الناس إحسان وإجمال
لا يدرك المجد إلا سيد فطن بما يشق على السادات فعال
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد
كاتب وصحافي مقيم في قطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.