اكد السودان موقفه المعلن والثابت بأن لا تفاوض مع دولة الجنوب الا بسحب قواتها من منطقة هجليج، وعبر في ذات الوقت عن حرصه على امن وسلام المنطقة. وأبلغ الرئيس عمر البشير، وزير الخارجية المصري محمد عمرو كامل، الذي وصل البلاد أمس، ان السودان تعرض لاعتداء ولابد للمعتدي ان يسحب قواته من اراضيه، مشيرا الى الإدانات الدولية والإقليمية تجاه هذا الاعتداء الذي لم يثن دولة جنوب السودان عن الاصرار علي الاعتداء، واكد في الوقت نفسه ان السودان يحتفظ بحق الرد كيفما شاء وبالطرق التي تعيد له اراضيه وتحافظ علي سيادته وامنه واستقراره. ورحب الرئيس البشير بالدورالمصري وحرص مصر على امن واستقرار المنطقة، مبيناً ان السودان ظل يسعى للسلام وفي سبيل ذلك اقتطع جزءًا من أراضيه و فقد موارد طبيعية من اجل التعايش السلمي بالمنطقة. واعلن وزير الخارجية المصري، محمد عمرو كامل، استعداد بلاده لنزع فتيل الازمة بين دولتي السودان وجنوب السودان من اجل التوصل الى حل سلمي، مؤكدا ان امن مصر مرتبط بأمن البلدين. وقال عمرو للصحفيين عقب لقائه الرئيس عمر البشير امس انه نقل رسالة من رئيس المجلس العسكري حسين طنطاوي الى البشير في اطار نزع فتيل الازمة بين الخرطوموجوبا، مؤكدا ان بلاده مستعدة للعب دور يحقن الدماء ويصون الحقوق، وقال ان امن مصر مرتبط بتحقيق الامن في دولتي السودان وجنوب السودان. واكد وزير الخارجية المصري ان مهمته استكشافية ولا يحمل مقترحات محددة للجانبين، ورهن تقديم المقترحات عقب الفراغ من الاستماع لكافة الاطراف وذكر ان المهمة التي كلف بها هي استكشاف الدور الذي يمكن ان تلعبه مصر في ارجاع الدولتين الى طاولة المفاوضات، وان تسود علاقات ودية بين البلدين، مبينا انه سيغادر الى جوبا اليوم للقاء المسؤولين بحكومة الجنوب لنقل ذات الرسالة والاستماع الى وجهة نظرهم حول التصعيد الاخير، واضاف «من المبكر ان نطلق على الجهود المصرية بأنها مبادرة. نحن اتينا للاستماع وسنحاول دفع مقترحات لنزع فتيل الازمة».وقال ان الجهود المصرية مكملة لدور الوساطة الافريقية برئاسة ثابو امبيكي حتى وان كانت منفصلة عنها، واعرب عن امله في ايجاد حلول سلمية. من جانبه، قال وزير الدولة بالخارجية، صلاح ونسي، ان البشير نقل لوزير الخارجية المصري استعداد حكومته للمضي قدما في الحل السلمي بيد ان جوبا تبادل ذلك بالاعتداء على الاراضي السودانية. من جانبه، اعتبر وكيل وزارة الخارجية رحمة الله عثمان عدم دعوة اي طرف لانسحاب قوات دولة الجنوب من منطقة هجليج امر غير مقبول حال تقديمه مبادرة لانهاء الازمة، مؤكدا ان دور مصر الاقليمي بالرغم من ظروفها الحالية لايستهان به بيد انه وصف القضية بالمعقدة. وقال رحمة الله ل»الصحافة» ان القضية باتت واضحة ولا تستدعي المساومة من قبل جوبا التي تحتل قواتها منطقة سودانية وقوضت الاتفاقيات الامنية الموقعة بين البلدين. ورحب رحمة الله، بالوفد المصري الذي يقود وساطة لانهاء الازمة بين الخرطوموجوبا، بيد انه رهن ذلك بمعالجة الاوضاع الامنية والترتيب لوقف العدائيات والتصعيد. وزاد «مصر اقرب الينا ونحن نرحب بأي موقف يدعو للتهدئة والحوار، ولكن شريطة مغادرة القوات المعتدية منطقة هجليج لانهاء التوتر القائم بين الدولتين». وذكر رحمة الله ان الحكومة موقفها واضح ورهنت قبول اية وساطة بانسحاب الجيش الشعبي من هجليج اولاً. قالت وزيرة الدولة بالإعلام، سناء حمد، إن الجيش في طريقه نحو السيطرة الكاملة على هجليج بجنوب كردفان بعد تطويقه المنطقة وإجلاء قوات جيش جنوب السودان، وأكدت أن القوات السودانية تسجل انتصارات في كافة محاور القتال بهجليج. وأضافت سناء حمد في اتصال هاتفي بفضائية الجزيرة، أن السودان في حالة دفاع عن النفس بعد اعتداء دولة جنوب السودان على أراضيه بشهادة المجتمع الدولي الذي طالبته بالضغط على دولة جنوب السودان بعد أن انكشف عنها الغطاء الأخلاقي- على حد تعبيرها-. ونفت في الوقت نفسه أن يكون الجيش قد قصف حقول النفط داخل هجليج. وأكدت الوزيرة أن بلادها لن تغزو دولة الجنوب وأشارت إلى أن المستشفيات امتلأت بالجرحى المدنيين جراء دخول الجيش الشعبي لهجليج إلى جانب فرار نحو 10 آلاف مواطن عن المنطقة. كما كشفت الحكومة عن الاستراتيجية التي اتبعتها دولة جنوب السودان في اعتدائها على منطقة هجليج بجنوب كردفان، وقال وزير الإعلام عبد الله علي مسار إن استراتيجية جوبا التي أدارت بها معركة هجليج بنيت على إسقاط الحكومة في الخرطوم بمساندة إسرائيل. وقال مسار، إن الاستراتيجية بنيت على مراحل ثلاث «الدخول لهجليج بالقوة و احتلال جنوب كردفان واحتلال مدينة الأبيض» واستخدام مطار الأبيض لإنزال الطيران الإسرائيلي واستخدامه في تدمير سدي مروي والرصيرص وبعض الجسور النيلية. وأضاف أن الاستراتيجية هدفها الرئيس الانقضاض على الخرطوم بتمهيد من بعض الأحزاب المعارضة. وأشار مسار إلى أن استهداف هجليج قصد به إحداث شلل في الاقتصاد السوداني بوقف ضخ النفط ومن ثم المساومة بها بشأن تبعية منطقة أبيي. إلى ذلك قال مسؤول بحكومة جنوب السودان امس، ان السودان قصف منشآت نفطية في حقل هجليج النفطي المتنازع عليه وألحق بها أضرارا جسيمة بعد سيطرة قوات الجنوب على المنطقة يوم الثلاثاء الماضي. وقال وزير الاعلام في جنوب السودان،. برنابا ماريال بنجامين للصحفيين في جوبا «انهم يقصفون منشأة المعالجة المركزية والصهاريج في هذه اللحظة التي نتحدث فيها ويحولونها الى أنقاض». من جانبه اكد الامين السياسي للمؤتمر الوطني، حسبو محمد عبدالرحمن، رصد وتقدير جميع الخسائر التي لحقت بالشركات العاملة في مجال البترول بهجليج جراء الهجمات الي شنتها حكومة جنوب السودان علي المنطقة. وقال حسبو للصحافيين امس انه سيتم استخدام كافة الوسائل القانونية والدبلوماسية للحفاظ على ممتلكات السودان. وحذرت الحكومة، جنوب السودان من المساس بالبنيات التحتية لصناعاتها النفطية وحقول النفط بمنطقة هجليج. وقالت وزير الدولة بوزارة الإعلام سناء حمد للمركز السوداني للخدمات الصحافية، إن الاعتداء على هذه البنيات سيكون نقلة نوعية في مجريات الهجوم العدائي الذي شنته دولة جنوب السودان على الأراضي السودانية، وإن السودان يحتفظ بحق الرد كيفما يشاء، وإنه يحذر من المساس بحقول النفط ويؤكد مرة أخرى أنه في حالة دفاع عن النفس ضد عدوان غادر من نظام الحركة الشعبية بجنوب السودان، ويؤكد رغبته في أن لا ينجر الى حرب شاملة مراعاة لمصلحة البلدين.