اننا نعلم أن الشرفاء في المؤتمر الوطني الذين لم يفسدوا في الأرض يقع على عاتقهم حفظ هذا البلد أن يعترفوا بأخطائهم وأن يغيروا من سياساتهم بإبعاد كل هؤلاء الذين أتت بهم البيوتات والموازنات وحركات القتال من أجل الوصول للسلطة، وأن يمنعوا أصحاب التصريحات الرعناء التي لا تمثل حتى المؤتمر الوطني، وأن يستيقنوا تماماً أن هذا الشعب مهموم الآن بتحرير الوطن واعادة القوة والمنعة والأمن والسلام في كل ربوعه ولا يهمه شيء آخر حتى لو توقفت التنمية وعانى الأمرين، ففي سبيل تحرير الأوطان تهون الصعاب، والشعوب التي سبقتنا في النضال خير مثال.. على شرفاء المؤتمر الوطني أن يدركوا أن شعبنا ذكي لمّاح وأنه يدرك الحقائق التالية: 1- ان فصل الجنوب خدعة امريكية لتضع اسرائيل اقدامها على النيل ووسط افريقيا. 2- ان امريكا هي التي تدير الشأن في جنوب السودان يمثلها مستشار في الجنوب اليهودي الامريكي (جون ونتر). 3- ان امريكا تريد اسقاط النظام ولذلك تدعم حركات التمرد التي تتفق معها في الهدف مع اختلاف الدوافع واغراءات المال والعتاد عن طريق الحركة الشعبية. 4- ان المؤتمر الوطني ارتكب أكبر خطأ عندما صدق الوعود الامريكية ولم يدرك انها المصالح والمطامع. 5- ان المؤتمر الوطني أخطأ في التفريط في النفط، وقد أبان له تاريخ الأحداث ان امريكا دمرت العراق من أوله إلى آخره بناسه وتراثه ولم تمزق مجرد ورقة في وزارة البترول العراقية، لأنه أحد أهداف هجومها على العراق. 6- ان المؤتمر الوطني هو الباديء بالتنازل عن حقوق الشعب، ومن يتنازل مرة سيتنازل في كل مرة، وقد كانت نيفاشا أكبر التنازلات من أجل الوهم. 7- ان مفاوضي نيفاشا كانوا ضعافاً متهاونين ومع ذلك يصرون على مواصلة الحوار وادعاء فهم الأمور ومستجداتها وأبعادها كأن من أنجبتهم أصابها العقم. 8- ان المؤتمر الوطني في عضويته من النافذين من يخامره الشك في وقوف الشعب خلف جيشه وقياداته عند الملمات يتوحد معه بالايمان الصادق بالوطن وترابه وحقنا جميعاً في الحياة الحرة الكريمة مهما كان فساد المفسدين الجاهلين الذين يزعمون أنهم أهل الصلاح والوصاية. 9- ان الشعب السوداني يدرك تماماً لماذا اطلقت الحركة الشعبية على دولتها اسم دولة جنوب السودان ولم يختاروا أحد الأسماء التي طرحت، لأنهم مازالوا يعملون من أجل الوهم الكبير.. دولة السودان الافريقية الديمقراطية العلمانية بكل مساحتها الجغرافية.. خالية من الاسلام وكل قبائله العربية وغير الافريقية. 10- ان الشعب السوداني يدرك تماماً أنه لا توجد معارضة حتى يحاول أن يستبدل بها النظام القائم أحزاب تقليدية منتهية الصلاحية كان لها تاريخ سياسي مجيد فشلت في الحفاظ عليه، وحزب آخر هو حزب الزعلانين الشمتانين الذين ليس لديهم إلا ردود الأفعال والتحريض على الكراهية دون أهداف يعملون أنها ستقنع الشعب وتاريخه يشهد عليهم. 11- ان الشعب السوداني يدرك أن بلاده مخترقة بالموساد وأن الاستخبارات الامريكية على اختلاف أنواعها لها من الامكانات ما تستطيع به التضليل والنيل من هذه الحكومة. 12- ان الشعب السوداني يدرك أن اعلامه الاتحادي والولائي ضعيف ليس في مستوى هذه المرحلة، وأن معاداة الصحف المؤثرة أبعدها عن دورها في التعبير عن المجتمع وقيادة حركته. 13- ان الشعب السوداني أصبح يدرك تماماً أن كراهية وأحقاد بعض الجنوبيين لا يمكن أن تنتهي بالساهل مهما قدمنا لهم أو تنازلنا، وما يزال شعبنا يذكر ما صرح بها باقان عندما قال سأعمل أولاً من أجل قيام السودان الجديد فإن لم أنجح فسأعمل على فصل الجنوب وإلا فسوف أتوجه للانتساب لأي دولة أخرى. لذلك فالوثوق بأقوالهم ذنب لا يغتفر. 14- ان الشعب السوداني يدرك أن التفريط في حسم الأمور الهامة قبل توقيع الاتفاق ودخول الدول التي تعمل لتفتيت السودان أرض الجنوب هو السبب الرئيسي الذي أدى لعدم جدوى المفاوضات والاتفاقات وبالتالي عدم الالتزام بها، انه استقواء بالأجنبي الذي يعرف جيداً كيف يسخر سلفاكير وأعوانه لتنفيذ أجندته. ان المشهد السياسي مع دولة الجنوب التي غرست في خاصرة هذا الشعب يدعو لاعادة النظر في طريقة التعامل معها، والحمد لله فقد بدأ شرفاء المؤتمر الوطني يدركون ذلك وقد اتضحت لهم الأمور. 1- على حكومة الجنوب أن تدرك أن أهل السودان سيبقون سداً منيعاً خلف قواتهم المسلحة يشدون من أزرها ويحمونها من أي اختراقات أجنبية وكشف العملاء والفاسدين، شعارهم ليس منهم من يقف مكتوف اليدين والمؤامرات والدسائس تحاك حول تدمير وتفتيت الوطن. وأن هذه الأمة بكل أعراقها وقبائلها وأجناسها ستتحول إلى مقاتلين أشداء كل يعرف كيف يقاتل وأي سلاح يستعمل، فالقتال ليس بآلة الحرب وحدها وإنما يمكن أن يكون بشق تمرة نقدمها لجندي في الميدان. 2- ان الحركة الشعبية التي انفردت بحكم الجنوب وحولت خيراته لأفرادها ليست الجهة التي يجب أو نفاوضها، فرأس الأفعى هي امريكا والسموم هي اسرائيل والأحراش هم هؤلاء السكارى من أفراد الحركة الشعبية الذين لا يعرفون شيئاً عن الجنوب ولا عن أهله. 3- ان لعبة السياسة لا تعرف التشنج ولا العنجهية الفارغة ولا مواهب الخطابة والتصريحات غير المسؤولية ولا بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة كما قال نزار قباني. فليس في السياسة خصومة دائمة ولا عداوات مستمرة بل هناك مصالح تبحث عنها، وقد قالها انتوني ناتنج وزير الدولة في الخارجية البريطانية في منتصف الخمسينيات ليس لبريطانيا أصدقاء دائمون وإنما لبريطانيا مصالح دائمة، فالدول تعمل لتحقيق مصالحها ولا يضريها الانحناء للعواصف ولا مسايرة الأمور حتى الوصول لما تريد. لذلك فاللعبة السياسية ميدانها أمريكا فهي التي يجب التفاوض معها إذ ليس ما تريده امريكا من اسقاط النظام وتردده أجهزة الاعلام هو الهدف الحقيقي بل هو مجرد وسيلة من الوسائل لذلك فلابد من اعادة الفكر والنظر في الطريقة المثلى للتفاهم مع امريكا والاتحاد الاوربي وأن نبحث بين ظهرانينا من ترضى بهم امريكا للتفاهم معها، وضرب المثل يقودني للدكتور منصور خالد الذي تربطه علاقة صداقة حميمة مع الرئيس السابق بوش فهو من الدبلوماسيين الذين شهدت لهم بعض دول العالم بالقدرة الفائقة على خلق العلاقات الطيبة بين السودان وبلدانهم.. بالامكان أن يستفيد منه وطنه في هذا المجال والرجل من أفذاذ هذا الوطن الذين قدموا له الكثير رغم اختلاف بعضهم معه وكراهية البعض ولكن السياسة لا تعرف الاختلاف المستمر ولا الكراهية الدائمة. ان وفداً سودانياً كهذا يصلح أن يكون مقدمة للقاءات بناءة وهذا هو منهج عدم التضاد الذي يبحث عنه وزير نيفاشا السيد ادريس عبد القادر. لنبحث مع امريكا ما تريده من السودان ولنصل لاتفاقات تحقق مصالح الاثنين، عندها ستختفي كل القضايا المعلقة بين جنوب السودان وشماله، بل لو كنا قد فعلنا ذلك لما أجبرنا على فصل الجنوب رغم عدم الالتزام باتفاق نيفاشا من جانب الحركة الشعبية وانظروا معي ماذا حققت امريكا من فصل الجنوب ولا داعي للتكرار. 4- ان قرار تكوين قوات الردع هو القرار الذي يعتبر من أعظم انجازات الانقاذ فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، ولكن تنفيذ هذا القرار لا يعتمد على لجنة الشيخ الكريم علي عثمان محمد طه بل يجب أن تسهم فيها كل الجهات التي تقود الحياة في هذه البلاد وأولها الحكومة الاتحادية التي لابد ان تقدم نموذج الدعم لهذه القواعد وذلك بتخفيف الصرف الذي يبدأ أولاً بتقليل عدد المساعدين لرئيس الجمهورية وعدد المستشارين وعدد الوزراء ووزراء الدولة والدستوريين وتشكيل حكومة مؤقتة تحت أي مسمى لا يزيد عدد أفرادها عن عشرة وزراء وأن ينتقل طلب الدعم للولاة بتخفيض عدد وزراء حكوماتهم إلى ثلاثة يقودون الادارات العامة لحكوماتها.. كل ذلك يتم عن اقتناع بأن الوقت الآن للجهاد من أجل حماية الوطن وليس للموازنات والارضاءات، ومن يرفض فقد حدد موقفه ولا خير فيه، أما أحزاب المعارضة والمشاركة في الحكومة بصورة حقيقية أو (مقلوبة) عليهم أن يسحبوا عضويتهم المشاركة ويوجهونها للتعبئة الشعبية من أجل التحرير والوحدة. أما الأحزاب التي لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب عليها اما أن تقول أو تفعل خيراً أو تصمت على الأقل حتى تتحرر البلاد وتعود لها وحدتها وتعود لها أمجادها التي تركها الأجداد. وأما الشعب فهو الحكم الترضى حكومته عليه أن يقول كلمته ضد كل من يصر على الخلاف والمناكفة والتمكين للأعداء عن طريق الشعارات الزائفة والدعوات الباطلة وكلمات الحق التي يراد بها الباطل، فهو بكل منظماته المدنية يستطيع أن يقود الدعم بكل أنواعه ولكل الجهات التي رضيت بحمل اللواء من أجل التحرير ووحدة الوطن. أما الاعلام والصحافة فهم أصحاب القدح المعلى في تحقيق انتصار الشعب على أعدائه وحماية الوطن، وقد علمنا التاريخ القريب وعلمتنا الأحداث أن الحروب يكسبها الاعلام وأنه يخلق الدكتاتوريات التي تكتم أنفاس الشعوب وتشل حركة تقدمه وتطوره. فالاعلاميون والصحفيون عليهم أن يعيدوا حساباتهم ويرتفعوا لمستوى الأحداث وليفعلوا (وثيقة الشرف) لو تذكرونها وليقودوا توجيه المسيرة نحو غد مشرق جميل لبناء سودان قوي متين وحدة وسلام وأمان (حدادي مدادي) من حلفا لي نمولي.. الخزي والعار للخونة والعملاء والمفسدين.. والنصر لحماة الأوطان الشرفاء. (إنهم لهم المنصورون٭ وإن جندنا لهم الغالبون) صدق الله العظيم ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. خبير تربوي وإعلامي *