* لم تيمم الحشود العفوية لجماهير الشعب السوداني يوم «جمعة هجليج» وجهها شطر القصر الجمهوري مقر رئاسة الجمهورية.. ولا تلقاء المقر العام للمؤتمر الوطني «الحزب الحاكم» لا في العاصمة ولا في الولاية .. لكنها توجهت بوجدانها السليم صوب القيادة العامة .. وجعلت من كل عسكري يرتدي الكاكي رمزاً لعزتها وكرامتها فحملته على الأعناق .. ولم تبحث عن أصحاب الرتب الرفيعة ولا عن القيادات السياسية ولا الحزبية لتعبر لها عن إمتنانها وشكرها وتقديرها لإسترداد أرضهم السليبة والإنتصار لكرامتهم وكبريائهم وعزتهم التي حاولت «الحشرة الشعبية» تدنيسها، ومن عجب أن يستنكف منسوبو الحركة (الحشرة) الشعبية من إطلاق هذه الصفة عليهم ونواتهم التي أنبتت الحركة الشعبية إسمها الحشرة السامة «أنيانيا» وكتائبهم أطلقوا عليها أسماء الحشرات والزواحف وهي «نمل .. عقرب .. جراد .. تمساح .. الخ» الشعب السوداني «البطل» وليس «الفَضَل» كما تحاول بعض الأقلام تحويره تهكماً، أعطى دروساً مجانية للعدو والصديق عامةً وللسياسيين خاصة «حكومة ومعارضة» فلا الحكومة يمكنها القول بأنها هي التي اخرجت هذه الجماهير وحشدتها لتأييدها .. ولا المعارضة تستطيع الإدعاء بأن جماهيرها هي التي ساندت الحكومة !! ولا الجماهير رفعت شعارات سياسية تشي بإنحيازها لإطروحات أي تنظيم سياسي حاكم أو معارض . * ولن ينسى التاريخ يوم الجمعة العظيمة «جمعة هجليج» جمعة ثورة الشعب السوداني البطل والذي ترجم الشعار الأثير إلى نفسه واقعاً يسعى بين الناس «جيشٌ واحد شعبٌ واحد» إنَّه الربيع السوداني «شعباً وجيشاً» فالشعب يريد تعظيم الجيش .. والجيش يريد الذود عن البلاد .. تظاهر المتظاهرون وغنى المغنون للجيش وحده لا غيره .. وتعاقب الخطباء على المنابر فكان نجم الجماهير المفضل وخطيبها المفلق هو المشير القائد الأعلى للجيش. وليس أدل على حب الجماهير لرئيسها من ترديد كلماته التي قالها .. فما إن وصف الرئيس الحركة الشعبية بأنها «الحشرة الشعبية لتدمير السودان» حتى صارت العبارة على كل لسان مثلما يردد المعجبون كلمات فنانهم المفضل .. وعرف الناس سعادة اللواء كمال عبد المعروف قائد عمليات «عودة الحق» لرمزيته الدالة على العزة والكرامة والبطولة والفداء .. ورحبت الجماهير بعبد الرحيم وهو يتلو بيان الإنتصار.. وهتفت بحياته والقائد الأعلى يكلفه بتطهير بلادنا من دنس التمرد والعملاء ويحدد له قبل بداية الخريف موعداً لرفع التمام .. ولم تنجرف الجماهير لتأييد مطالب السياسيين وبعض الأقلام من الذين «ايدهم في الموية» بإقالة عبد الرحيم فالقائد يعرف رجاله أكثر من مَعرفة السياسيين بالرجال .. وهم يسعون لتحقيق أجندتهم «عدو وصليح» .. وتهللت أسارير عبد الرحيم الذي فقد عشرة كيلو جرامات من وزنه في أسبوع حتى عادت هجليج إلى حضن الوطن عنوةً وإقتداراً وليس إنسحاباً وفراراً وقد دخلت عليهم قواتنا المسلحة هجليج من أقطارها .. فالشعب يريد تعظيم الجيش .. والقيادة تريد تنظيم الجيش .. والجيش يريد تطهير البلاد. * «لو كل واحد في البلد دي إشتغل شغلو .. البلد دي ما بتجيها عوجة» حكمة تعلمتها من ساعاتي عجوز في سوق الضعين .. ولا أزال أعمل بها وأتذكرها كلما «خَرَّمت عن الطريق» .. لكننا نخلط الأوراق ولا نوزع الأدوار .. ونجلس للفتيا بغير هدى ولا علم ولا كتاب منير .. أحكم الجيش سيطرته على هجليج .. وصدر إليه تكليف قديم جديد بإجلاء كل عناصر الحركة الشعبية المسلحة من أرضنا .. وتأمين حدودنا الدولية المعترف بها.. بما يلزم .. لا الإكتفاء بمجرد رد العدوان بل الإعتداء على العدو بمثل ما اعتدى علينا وهذا أمرٌ من الله تعالى «من إعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» ولم يقل سبحانه وتعالى «إستعيدوا حقكم المعتدى عليه وحسب !!» وهكذا نجد إن جيشنا في تكليف عظيم وهو في غاية الإطمئنان بأن الربيع السوداني منحازٌ إليه بالكلية .. ولذا فإن جماهير شعبنا لن تتبرم لو أغدقت القيادة العليا على الجيش فأجرت عليهم الرواتب المجزية حتى تفوق كل مرتبات نظرائهم في الخدمة المدنية بما يجعل الإلتحاق بالجندية شرف لا يدانيه شرف.. إذ لا يعقل أن يقاتل الجندي في الأحراش والجبال والوهاد بمرتب لا يكفيه وأسرته لثلاثة أيام وليس لثلاثين يوماً !!.. ولن يتخاذل الشعب لو إزدادت ميزانية الدفاع عن الوطن أضعاف ما هي عليه الآن ولو تفاقمت عليه معاناة الندرة والغلاء .. ولن يتردد الشعب لو دعته القيادة «ليوم الصمود» بأن تتوقف كل المركبات الخاصة عن الحركة ليوم واحد في كل إسبوع فتوفر قيمة المحروقات لصالح المجهود الحربي .. ولن يتوانى الجميع في دفع دمغة الجريح أو ضريبة الدفاع .. ولن تتأخر الدولة في خفض إنفاقها وتقليص وزاراتها ومجالس إداراتها لتصب في خانة الدفاع الوطني .. ولن تفكر القيادة كثيراً في تكوين جيش الإحتياط من المعاشيين وقدامى المحاربين بخبراتهم المتراكمة .. ومعاناتهم من شظف العيش .. ضباط عظام وأصاغر وضباط صف كبار يقودون أمجاد أو يعملون باعة متجولين.. يمكن وبسهولة فائقة أن يكوِّنوا جيش الإحتياط ويرفدوا من هم في الخدمة بخبراتهم وعقولهم وسواعدهم. فكل دول العالم تفعل ذلك وأكثر. * وليتواضع السياسيون قليلاً ويعترفوا بعظمة الجيش وأهمية دوره في حياتنا .. وهم يعلمون بأن البلاد لا يحميها إلا الجيش والقوات النظامية الأخرى وهم تحت السلاح .. أو تحت التسريح. فالشعب يريد تعظيم الجيش والجيش لم ولن يخذل الشعب. * قال التعلمجي للطلبة الحربيين شارحاً معنى الجندية :- «العسكرية شي من شي .. والباقي تصرف» وهذا مالا يفهمه إلا الراسخون في الجيش. وهذا هو المفروض