أجمل مافى الازمات والمحن التى لا تقتلك ذلك الضوءالذى ينبلج فى نهاية النفق وأروع مافى استرداد هجليج انه أشعل جذوة الروح الوطنية فى اعماق وجدان الشعب، ومثل طائر العنقاء الاسطورى نهض الشعورالوطنى من رماده وحلق بجناحى نسر قوى فى سماء السودان. والشاهد على ذلك التدافع العفوى وتلك الجموع التى احتلت كل الاماكن فريد الاشارة المهمة فيه بمقدورنا ان نحل كل خلافاتنا لو تجاوزنا النظر تحت اقدام المصالح الذاتية ..الى افق الغايات السامية التى تجمع ولا تفرق.. ولو كانت الحركة الشعبية تدرك قيمة فاتورة مغامرة هجليج الخاسرة لما فكرت للحظة فى ارتكاب تلك الحماقة التى دفعت ثمنها عسكريا ودون ان تدرى ايقظت مارد وطنية السودان لاول مرة ظل هوية مابعد الانفصال. وكان الرد ابلغ من كل الكلام وتستطيع الدولة الآن ان توظف كل هذه الطاقة المعنوية الهائلة حربا وسلما وتنمية فى ظل المناخ الايجابى الذى تشكل، والسودان بعد هجليج ليس كما قبل هجليج قصمت ظهر العلاقة بين الشعب السودانى والحركة الشعبية وتعيد تشكيلها فى المسار الصحيح الذى تجاوزته بحسن ظن، والتاريخ يقول ان الشعب السودانى صبور جدا لكن فى مواجهة التحدى رده دائما تباً للمستحيل. حملات التعبئة والاستنفار اعادت الغناء والادب الجهادى الى الواجهة واصبح مشهد الاطفال الصغار وهم يرفعون اكفهم بعلامة النصرويرددون اهازيج المجاهدين والاناشيد الوطنية مألوفاً فى الحارات الشعبية ،وحيثما كانت هناك لمة فى حضرة الوطن يصدح صوت المغنى باغنيات مثل وطن الجدود - انا سودانى - جدودنا زمان - ياوطنى، واهازيج الجهاد التى تعيد الى ذاكرتى ملامح ابن عمى الشهيد صديق ادريس والشهيد ادريس ابراهيم زبير وكلاهما لقى ربه فى عمليات صيف العبور وقبرا وسط ادغال الجنوب اسأل الله ان يتقبلهما مع الشهداء والصديقين وان يجعل ذكراهما حية. والذى يستحق الانتباه وعى الشعب السودانى المعلم الذى فصل بين الحركة الشعبية والمواطن الجنوبى المغلوب على امره ولم يتعرض احد للجنوبيين الذين يعيشون فى الشمال حتى فى غمرة الانفعال غضبا وفرحا التغطية الاعلامية والصحفية للوسائل الاعلام المحلية التى واكبت احتلال وتحرير هجليج ساهمت بشكل قوى فى تنوير الرأى العام وحشد الدعم خلف الجيش والمجاهدين الذين ردوا اعتبار كبرياء الوطن، وكانت السمة الاساسية لتلك التغطية المستمرة حتى تحقيق كل الاهداف مواكبة الاحداث وكشف التخريب الذى لحق بالمنشاءات النفطية والتعبئة وسبر اغوار كواليس الحركة الشعبية وعلاقتها بالسودان . [email protected]