لم تجد زيارة سلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان لجمهورية الصين الشعبية حظها من التحليل رغم كثرة الاقلام المتخصصة في الشأن الجنوبي وعلو نبرة الاهتمام بالحرب بين الشمال والجنوب، ومن الواضح ان التحليل الاقتصادي لحرب هجليج لا يجد الاهتمام الكافي بعكس تحليل الانشطة الخاصة بالعلاقات بين دولة جنوب السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال والجبهة الثورية التي تضم حركات دارفور المسلحة وغيرها ، فزيارة الرئيس سلفاكير للصين تمثل خطوة خطيرة علي صعيد ادارة الحرب الباردة بين جوباوالخرطوم فالصين لاعب اساسي في عملية استخراج وبيع النفط السوداني عبر الشراكة المعروفة في هذا القطاع وحينما نقول النفط السوداني يتبادر الي ذهن المراقبين حقول النفط في هجليج وغيرها في جنوب كردفان وحقول النفط في الجنوب . ان زيارة رئيس دولة الجنوب للصين تعتبر عند المراقبين الحصيفين امتداد ذكي لحرب هجليج فبعد اضطرار الجنوب لسحب جيشه من هجليج وتخريب آبار النفط فيها كان لابد لحكومة جوبا من معالجة آثار تلك الفعلة مع شريكتها في النفط - الصين - باعتبارها المتضرر الاساسي من حرب هجليج بعد توقف ضخ النفط من الجنوب عبر اراضي الشمال ومن الواضح ان الزيارة الهدف الرئيسي منها تأكيد اتهامات حكومة الجنوب للخرطوم بقصف منطقة هجليج وغيرها بواسطة الطيران الامر الذي ادي بزعمهم الي اشتعال آبار النفط وتكبد الشركات الصينية لخسائر فادحة تتطلب تعويضات بمليارات الدولارات وهي كلفة عالية تريد حكومة الجنوب القاء تبعاتها علي الحكومة السودانية فالخرطوم كدولة مطالبة بحسب التعاقدات بحماية حقوق النفط ومصالح الشركات الصينية وبالتالي عليها ان تدفع تكاليف الخسائر الناجمة عن حرب هجليج رغم ان دولة الجنوب هي التي اعتدت علي هجليج ولكن زيارة سلفاكير للصين تأتي تأكيداً للاتهامات السابقة وتعتبر تبروءاً من جوبا عن تدمير حقول هجليج استناداً الي الاعلام الكثيف عن مزاعم القصف . ان حكومة جوبا احتلت هجليج ثم دمرت حقول النفط ثم خرجت من هجليج تحت نيران قواتنا المسلحة الباسلة ، خرجت وهي تجأر بالشكوي من قصف السودان لحقول النفط في بانتيو ثم طار سلفاكير الي بكين لمناقشة العدوان من قبل دولة السودان والتخريب المتواصل لحقول النفط وبهذا تريد جوبا كسب حربها الاقتصادية المنظمة ضد الخرطوم فهي تقول انها استجابت للمطالبات الدولية والاقليمية بالانسحاب من هجليج ثم انها شرحت للحلفاء الاضرار التي ظلت تتكبدها دولة الجنوب الوليدة جراء القصف المتواصل من قبل الشمال لحقولها النفطية بعد فشل المفاوضات حول النفط علي خلفية الاختلاف بين الطرفين حول اسعار مرور النفط عبر اراضي الشمال وحول هذه الجزئية ستقول جوبا للصين نحن لم نغلق آبار النفط للاضرار بكم نحن أغلقناها نسبة « لكذا وكذا »... ، انها حجج تقنع المنابر الدولية التي تحتفظ نوعاً ما بافكار سابقة سالبة تجاه الخرطوم بدءاً بالاسعار التي تشترطها الخرطوم لمرور النفط وانتهاء بمزاعم سرقة النفط وقصف الآبار ، ان معظم تحركات الجنوب حالياً تشكل امتداداً للحرب المعلنة ومن الواضح بحسب « الغفلة » التي تستحكم وتحيط بعقول مراكز الضغط وبؤر صنع القرار ان حكومة دولة جنوب السودان تدير حرباً ضد السودان تشابه الي حدٍ ما « مصارعة الثيران » في حلبات الترفيه الاسبانية . ان الوضع الحالي لحالة اللاحرب واللاسلم بين الخرطوموجوبا والتي تعكسها بوضوح التصريحات المتضاربة عن رفض التفاوض تارة والتصريح بامكانية العودة الي المفاوضات تارة اخري هذه الحالة تؤكد للمراقبين وجود تفهم من قبل بعض العقول لابعاد الحرب الذكية التي تديرها جوبا بالتعاون مع اصدقائها ومن الواضح ان السودان او صناع القرار فيه يحتاجون الي تفعيل المستشاريات المعينة اصلاً لمثل هذه الحالات فهي الاقدر علي اعطاء الحقائق بابعادها الثلاثية والتعامل مع الاذكياء بقدر من الذكاء ان لم يكن اكبر فعلي الاقل مماثل .