ألقت تطورات الأحداث بين دولة السودان ودولة جنوب السودان بظلالها السالبة على مختلف المحاور بالبلدين الإجتماعية منها والإقتصادية ، أما السياسية فقد نظمت الدائرة السياسية بمؤسسة ركائز المعرفة للدراسات والبحوث بالتعاون مع صحيفة الأهرام اليوم السودانية منتدى بعنوان : تطورات الأحداث في هجليج قراءة للمشهد السياسي ، وطاف المتحدثون فيه بتاريخ الصراع وصولاً إلى آخر تطورات الأحداث بهجليج.. تحدث الدكتور مضوي الترابي الباحث في الدراسات الإستراتيجية عن الأحداث رابطاً إياها بخلفيات تاريخية إثنية عقدية ، وقام بتصيف لقبائل جنوب السودان موضحاً أسباب هزيمة الجيش الشعبي ومؤكداً على أهمية المحافظة على المؤسسة العسكرية السودانية ، منادياً بأهمية ضبط مضامين الخطاب السياسي وضرورة إدارة المعركة الدبلوماسية قال مضوى أن خلفية هذه الأحداث ذات علاقة بمخططات كبيرة تلعب فيها المصلحة الدور الأكبر ، وقد شبه ما يحدث الآن بمخططات الولاياتالمتحدةالأمريكية لصالح مصالحها في أمريكا اللاتينية بسبب البترول وفي البرازيل بحقول المطاط وفي تشاد بمناطق البترول وأخيراً السودان أيضاً في مناطق البترول ، وسمى هذه المخططات بسياسة إفراغ الأرض من سكانها ، وأوضح أن لقرنق القائد السابق للحركة الشعبية بجنوب السودان مخططات حول السودان الجديد، إلا أن الإنقسامات الفكرية أثرت على تلك المخططات وظلت تؤثر حتى الآن بين القيادات القبلية وما يسمى الآن بمجموعة أبناء قرنق، وقد قسم القبائل بالجنوب إلى شرقية وغربية للنيل حيث ذكر أن 95% منها تقريباً تقع غرب النيل وما يقارب ال 7% فقط تقع شرق النيل وهي المسيطرة على قيادة الدولة وهم دينكا بور ، ولأن قرنق محسوب على مجموعة شرق النيل عمل على تركيز التعليم لأبناء بور وعمل على سيطرة مجموعته على الجيش ، وخلق هذا تمرداً في غرب النهر ، إضافة إلى انقسام التبشير المسيحي فالكاثوليكي في الغرب والإنجليكاني في الشرق، وأكد أن أغلب مجموعة شرق النيل وهى القلة المسيطرة تتبع لمنطقة أبيي وعليه فإن عادت أبيي للشمال لن تكون لهم قيمة ولن تقوم لهم قائمة في دولة جنوب السودان، وإن صارت للجنوب عادت هيمنتهم علي الحركة والجنوبووتساءل دكتور/عبدالرسول النور القيادي بحزب الأمة القومي : لماذا تم الإعتداء على هجليج وتلودي ومفلوع وام دوال ووو؟؟ وقال د. النور أن مشاكل الحدود ترجع إلى أن الترسيم الأول تم بصورة بسيطة وأنه كان ترسيماً إدارياً لم يظن حينها أنها سيكون ترسيم حدود بين دولتين وأنها ستكون محل خلاف دولي. وأشار إلى سوء تقدير بعض الأمور كعمل الاستفتاء قبل ترسيم الحدود، وأكد على ضرورة تسوية أوضاع الجماعات المسلحة بكردفان حيث أن أكثر من 30% منهم كانوا بجيش الحركة وهم مازالوا يحملون السلاح ، وأيضاً حل مشكلة النيل الأزرق قفلاً لباب الذرائع. وأكد على ضرورة محاسبة الجهات المسئولة عن هذا الإحتلال فإن فرح الشعب ووقف بكامله خلف القوات المسلحة فهذا يعني أنه غضب للإحتلال وعليه لابد من وجود لجان تحقق وتساءل الجهات التي تسببت بهذه الخسائر والأضرار وختم حديثه بأنه من الممكن أن تكون دولتين ولكن يظل الشعب واحداً ، شعب لدولتين كما في كوريا وألمانيا ! وأكد بروفيسور تاج السر مصطفى الخبير الإقتصادي أن دولة جنوب السودات ولدت وبها نقاط ضعف في تكوينها الأساسي وهي عدم درايتها بإدارة شئون الدولة ، وذكر أن قادتها لم يستفيدوا من بقائهم كشريك في الحكم لخمس سنوات لأنهم انشغلوا بحبك المؤامرات وعرقلة مساعي الوحدة و السلام، وأوضح أن هناك العديد من المهددات في حال وجود القيادة الحالية بدولة جنوب السودان منها إمكانية التحرك الإسرائيلي المباشر وليس بالوكالة كما هو الحال حسبما أشار على المستويين الأمني والإقتصادي وذكر أن هذا يهدد العلاقات على المستوى الطويل ، كما أضاف إلى استمرار الإنفلاتات الأمنية التي يمكن أن تحدث من الحركات المسلحة خاصة الحركات ذات العلاقة العضوية مع الحركة الشعبية ، وبيّن أنه في حال التعامل مع دولة جنوب السودان لابد من النظر بطريقة استراتيجية لارتباط الدولتين. وأوضح أن للإقتصاد ارتباط بقضايا أخرى تنداح خارج حدود الدولتين ونوه إلى أن الظرف الحالي يتطلب النظر إلى هذه الأزمه بإرادة حقيقة لحلها لأن الأزمة تعني انفاق على الجانب العسكري والأمني مما يؤثر على الجوانب الأخرى ، وأكد على ضرورة الأخذ بتدابير هامة كخفض الإنفاق وتقليص الحكومة التي قامت على موازنات في زمن الزعزعة السياسية الداخلية ، وهذا مؤشر لجدية الدولة، وأكد أن يتبع ذلك عمل توعية كبيرة في تخفيض الإستهلاك على المستوى الشخصي والأسر والمؤسسات ، إضافة إلى حفز إمكانات البلد في جانب الإنتاج، وختم بأهمية الإعلام ودوره الكبير مشيراً أن الإعلام الخارجي يترصد التفلتات الفردية التي لا تمثل إلا نفسها كحادثة حرق الكنيسة موضحاً أن الخلاف أبسط بكثير مما ذكر في وسائل الإعلام .