في حلقة نقاش دعت لها وزارة الخارجية امها عدد من الاعلاميين والصحافيين، قدمت الحكومة على لسان وكيل وزارة الخارجية ومدير ادارة الازمات وسفير السودان بجنوب السودان رؤية متكاملة داعمة لقبول قرار مجلس الامن الدولي ومؤيدة لخيار التفاوض سبيلا اوحدا لحل كافة المشاكل مع دولة جنوب السودان. مدير ادارة الازمات السفير عمر دهب قال ان قرار مجلس الامن والسلم الافريقي الصادر في 24 ابريل هو نفسه قرار مجلس الامن الدولي رقم 2046 ولم تتغير فيه غير كلمة واحدة اضافتها الصين وروسيا وهي (في حالة الضرورة) وان لا تطبق الجزاءات تطبيقا تلقائيا، واعاب دهب على الاتحاد الافريقي خلقه حالة تناقض بوضعه القضايا الحدودية بين السودان وجنوب السودان قيد نظره ثم احالتها لمجلس الامن الذي سيبقيها قيد نظره ايضا، وقال ان هذا التناقض ينبئ بنية تدويل القضية، مشيرا الى ان الامر تم بليل وقال ان تركيبة مجلس السلم المكون من 15 عضوا وغياب ممثلي بقية الدول الافريقية الاعضاء التي يفوق عددها ال 50 ساعدا في استغلال المجلس لتمرير القرار وقال ان من المآخذ على المجلس ايضا انه لم يضع القضايا الامنية بين البلدين على رأس قائمة المطلوبات وتحويله طبيعة الوساطة بجعلها تفرض الحل لا تقترحه، واشار دهب الى ان مجلس السلم والامن الافريقي رحب بانسحاب الجيش الشعبي من هجليج وادان القصف، وقال انه اذا سلمنا انه انسحاب فهذا لا ينفي انه عدوان بالاضافة الى ان العدوان مستمر بإجازة مجلس وزراء الجنوب لخارطة جغرافية تقول ان هجليج جنوبية مما يعني ا ن العدوان ما زال موجودا (فالحرب تبدأ في اذهان الرجال). ورحب دهب بقرار مجلس الامن معددا مزاياه في انه اتاح للحكومة الاستمرار في التفاوض مستفيدة من الادانة في حق الجنوب التي ستساعد كثيرا في حسم تبعية هجليج وجبر الضرر والخراب الذي تعرضت له، وقال ان الفريق التفاوضي سيدخل التفاوض مسلحا بهذا القرار، وان من اهم مزايا القرار ايلاء القضايا الامنية الاولوية ومن ثم الانتقال للقضايا الاخرى، وقال ان السودان حريص على استتباب الامن في افريقيا ليلتفت الى تحدياته الاساسية المتعلقة بالتنمية البشرية والاقتصادية. وتحدث دهب عن ان القرار الاممي تحدث عن المبادرة الثلاثية وقال ان هذا لا يعني اعترافا بالحركة الشعبية وانما هو تدبير عملي لضمان انسياب الدعم الانساني فقط، وقال ان اشراك الايقاد في المفاوضات غير وارد لأن الفترة الزمنية المحددة لا تسمح بذلك. ليعود دهب من بعد ويقول ان الاتحاد الافريقي يظل خيار السودان الاستراتيجي الاول والاخير واضاف (سنأخذ الخيار الاممي في الاطار الافريقي) وقال ان القرار الاممي سيمكن السودان من تعظيم دور الاتحاد الافريقي (فالقرار وان صدر في نيويورك الا اننا سنعيده الى افريقيا)، وقال ان انتقادهم لافريقيا ليس لانهم ينوون الابتعاد عنها وانما للاقتراب منها اكثر. سفير السودان بجوبا مطرف صديق بدأ حديثه طالبا ان لا يفهم انهم راضون عن قرار مجلس الامن ورافضون لقرار الاتحاد الافريقي وقال انهم ذهبوا لهاتين المؤسستين كثيرا في قضايا كثيرة وكان لا بد لهما ان يتدخلا في التصعيد الاخير، مشددا على ان هذا التدخل كان فعالا في منع حرب شاملة بين البلدين، وقال ان العالم زهج من تطاول امد التفاوض حول القضايا العالقة دون الخروج بنتائج حاسمة، وطرح صديق التساؤل: هل من مصلحتنا ان نمضي في حلقة مفرغة أم نضع نهاية لهذه المفاوضات ونصل لنتائج مرضية لنا ولغيرنا؟ وقال ان المواقيت المحددة مقصود منها عمليا حث الاطراف على الدخول في تفاوض جاد واشار الى انه لن يحدث تدخل وفق المواقيت المعلنة اذا كانت العملية التفاوضية جادة، وانتقد مطرف الاصوات التي تتحدث عن نيفاشا تو وقال انه تم التأكيد على الآلية الافريقية رفيعة المستوى، منبها الى الفرق بين آلية الايقاد ورئاسة الايقاد مما يجعل المقارنة بين نيفاشا وما يحدث الان معدومة. وطرح صديق سؤالا آخر: ماذا بعد؟ واجاب: البلدان وافقا على خارطة الطريق مع بعض الملاحظات التي ابداها السودان ومن ثم سيبدأ امبيكي بوضع ترتيباته لبدء التفاوض وستكون الاولوية للقضايا الامنية ولن تكون هناك تجارة متبادلة ولا ترسيم حدود ولا بترول دون استقرار الوضع الامني، داعيا الى التحصن من كل انواع الحروب بما فيها الحرب الاعلامية التي اعطاها القرار فقرة في بنوده. وفي رده على التساؤلات المطروحة حول تناقضات الخطاب الحكومي الذي يظهر في خطاب تقدمه الحكومة على مستويات عليا ينادي المجتمع الدولي بشرب ماء قراراته بعد ان يموصها وخطاب تقدمه الخارجية يقبل خارطة الطريق الافريقية الاممية. قال صديق ان التناقضات التي تظهر في مواقف الحكومة انها تريد ان تصيب بحجر واحد اكثر من هدف ولكنها بهذه الطريقة لن تصيب أي هدف، ودافع عن موقف الخارجية بأنها لا يمكن ان تكتب خطابا وتوجهه لجهات خارجية دون ان تحصل على موافقة القيادة السياسية، مشددا على ان السودان عادة يكسب بالسياسة اكثر من الحرب. وقال مطرف صديق ان الغرض من القرارات الصادرة عدم دخول البلدين في حرب مكشوفة وشاملة، ونبه الى ان السودان في لحظة فهم التأييد الدولي خطأ واعتبره كرتا رابحا فحاول استثماره اكثر وكذلك الجنوب اخطأ حين فهم انه لن يدان طالما ان سوزان رايس موجودة في مجلس الامن ولكن الرئيس الامريكي اتصل وقال انهم لن يقفوا مع الجنوب في كل الاحوال، وقال ان الجنوب وقع في نفس الخطأ الذي كنا نرتكبه ووصف الجنوبيين ب الشطار (لأنهم جروا واطي) وقال انه من الخطأ ان (لا نجر واطي في الوقت الصحيح) وقال اننا نريد ان يكون (رأسنا قويا) مشددا على ان مصلحة السودان ان ينتهي التفاوض في شهر وليس ثلاثة اشهر. وفي فرصته من مقاعد المناقشين قال وكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان ان القرار الاخير اعطى السودان الكثير وأخذ اشياءوقال ان الدبلوماسية تقوم على اخذ ما اعطي لها على استحياء ومن قواعدها ان (الرزق تلاقيط) وقال ان دبلوماسيتنا لعبت دورا وبذلت جهدا كبيرا في ظرف تواجه فيه البلاد ضغوطا من كل الاتجاهات، لافتا الى مساهمة دول مثل باكستان وغواتيمالا في دعم السودان واشار الى ان جنوب السودان بذلت جهدا جبارا لتحويل الملف الى الايقاد باعتبار ان امبيكي صار سودانيا كما يقولون ولكن الدبلوماسية السودانية رفضت نقل الملف الى أية جهة أخرى. وعن التناقض بين الخطاب الصادر من جهات سياسية والصادر من الخارجية قال ان الوزارة لا تضع السياسة ولا تملي على الدولة شيئا ولكنها تقدم رأيها كما ينبغي لها، ووصف حالها بأنها تسير في حقل الغام في علاقتها بالمجتمع الدولي حين تضطر الى سمكرة ما يرد من تصريحات من نافذين، واستبشر عثمان بأن لهجليج ايجابيات منها انها ستضع حدا لهذا التضارب في التصريحات سواء في العلاقة مع المجتمع الدولي أو بين السياسة والدبلوماسية.