لازال الجدل محتدما والمواقف متباعدة بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية (قطاع الشمال) حول (إتفاق أديس أبابا الإطارى) ،المعروف بإتفاق (نافع وعقار) ، العائد تحت كرباج مجلس الأمن الدولى وفق القرار 2046 ، والذى دعا فيه الطرفين السودان والحركة الشعبية لتحرير (قطاع الشمال) الجلوس إلى مائدة للمفاوضات تحت وساطة ورعاية الفريق الرفيع المستوى التابع للإتحاد الأفريقي ومع رئيس منظمة الايقاد من اجل التوصل إلى تسوية على اساس اطار عمل (إتفاق أديس أبابا الإطارى) والذى وقعاه فى فى28 يونيو 2011م (حول الشراكة السياسية والتدابير الأمنية والسياسية في ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق بل وعلى المستوى القومي أيضا) . فالمكتب القيادى للمؤتمر الوطنى (الحزب الحاكم ) من جانبه رغم أنه أكد قبوله قرار مجلس الامن الدولي (وقف جميع اعمال العدوان بين دولتى السودان وجنوب السودان) وقال عنه على احمد كرتى وزير الخارجيه أنه خيار فرضه الواقع ،رغم ذلك رفض الحزب الحاكم الحوار مع الحركة الشعبية قطاع الشمال (المتمردة) فى ولايتى النيل الازرق وجنوب كردفان وفق قرار مجلس الأمن المذكور ،وإذا يقول المهندس هجو قسم السيد نائب رئيس البرلمان ل(الصحافة) أن البرلمان والكتلة البرلمانية والمكتب القيادى متفقون حول رأى موحد هو أن الأولوية لحسم الملف الأمنى ،ويزيد لا يمكن التفاوض لتسوية ملفات سياسية مع شخص يحمل السلاح ويروع المواطنين ،وذلك يأتى وفقا لقرار مجلس الأمن نفسه مشددا على (وقف منح ملجأ آمن أو دعم الجماعات المتمردة ضد كل دولة) ويؤكد هجو أن للجنوب علاقة وطيدة وإرتباط وثيق بالفرقتين التاسعة والعاشرة اللتان تقاتلان فى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، ويقول أحمد كرمنو مقرر القطاع السياسى بالوطنى ل(الصحافة) أن تورط دولة الجنوب فى الحرب الدائرة بالمنطقتين تأكده الفرقتان التاسعة والعاشرة فضلا عن القتلى والأسرى من دولة الجنوب فى المعارك بالنيل الأزرق وجنوب كردفان ،إلا أن كرمنو يؤكد بأن الحل السياسى سيأتى عندما تتأكد الدولة بأن الترتيبات الأمنية قد تمت تسويتها تماما فحينها لكل مقام مقال . ولكن لماذا ظل المؤتمر الوطنى يرفض الإتفاق الإطارى نفسه ؟ ألجأت قيادات بالحزب الحاكم السبب ل(عدم الصلاحيات)، إذ تقول إن المؤتمر الوطنى ليس الا حزب من الأحزاب السودانية ولايمكنه أن يوقع إتفاقا للإعتراف بالحركة الشعبية لتحرير السودان حزبا سياسيا، وهذا من إختصاص مسجل الأحزاب والتنظيمات السياسية ، إلا أن كرمنو نفسه يرفض شعار (تحرير السودان ) ويسأل من منو؟ ويقول لا يمكن القبول به ،فيما ذهبت قيادات بالحركة الشعبية فى تفسيرها إلى أن المقصود (تحرير السودان) من (الجهل والفقر والمرض) ويدعمون حجتهم بأن الوضع فى السودان لازال غارقا فى ثلاثتهم ولم يحن الوقت لحذف هذا الجزء من شعار ومنفستو الحزب ،إلا أن الرئيس البشير تمسك برفضه للإتفاق الإطارى جملة وتفصيلا مطالبا بتكملة ماتبقى من بروتوكول المنطقتين (الترتيبات الامنية فالمشورة الشعبية ) ضمن بنود اتفاقية السلام الشامل الموقعة في 2005 وقال إنها (اساسا للتفاوض)، وقد أكد البشير ذلك فى أكثر من محفل ولدى إلتقائه الفريق دانيال كودى رئيس الحركة الشعبية جناح السلام ، واصفا مايدور بكل من جنوب كردفان والنيل الأزرق ب(الشأن الداخلى) مشددا على أن يكون الحل بأياد سودانية بعيدا عن دولة جنوب السودان ، فيما جدد رئيس الجمهورية ثقته فى الحل الداخلى قائلا إن أبناء السودان قادرون على حل مشاكلهم لوحدهم دون تدخلات خارجية ، إلا أن مراقبين وصفوا قرار مجلس الأمن الدولى الأخير بإختلاق أزمة جديدة ،أدخل بها جنوب كردفان والنيل الأزرق فى (نفق مظلم) ،قائلين كان عليه التشديد على تنفيذ ما تبقى من بنود عالقة من إتفاقية السلام الشامل ومن بروتوكول المنطقتين ،فلا يعقل أن يثمن الجهود التى بذلت فى تنفيذ اتفاقية السلام الشامل المبرم في 25 يناير 2005 لأنها أدت لإنفصال جنوب السودان ويرفض تكملة الملفات العالقة فى حالتى جنوب كردفان والنيل الأزرق بموجب تلك البنود ،وقالوا إن ذلك يؤكد إزدواجية فى المعايير ويدلل الدعم الذى ظلت تجده دولة الجنوب من هذه الدول . إلا أن الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) نفسها قد أكدت موافقتها على قرار مجلس الأمن الدولى ،ولكنها متمسكة بمنفستو تحالف الجبهة الثورية وقالت على لسان أمينها العام ياسر سعيد عرمان إنها موافقة على الحل الدائم والشامل الحقيقى الذى يعتمد على تحول جذرى و ترتيبات دستورية جديدة تشتمل على تحويل مركز السلطة فى الخرطوم و إعادة هيكلة السلطة فيها و لإقامة نظام جديد يؤسس على المواطنة المتساوية من خلال إطار التسوية السلمية الشاملة ،مؤكدا أن الحركة الشعبية تؤمن إيماناً راسخاً بأن التسوية السلمية الشاملة هى الخيار الأفضل للشعب السودانى وأطراف النزاع ، وترى أن المدخل الصحيح للتسوية السلمية الشاملة هو أن تقوم الأطراف بمعالجة عاجلة و جادة للأزمة الإنسانية فى جبال النوبة و النيل الأزرق فوراً و أن تضع الاتفاق الثلاثى الذى تقدمت به الأممالمتحدة والإتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية موضع التنفيذ، ومن المعلوم بأن تنفيذ هذا الإتفاق جاء ضمن قرار مجلس الأمن المذكور ،وقال عرمان إن الحركة الشعبية تبدى استعدادها لوقف العدائيات للشأن الإنسانى ، وشكك عرمان فى مواقف الحكومة وقال إنها تميل إلى الحلول الجزئية ، إلا أن قوى تحالف الجبهة الثورية تواجه ضغوطا دولية تطالبها بالانخراط في مسارات منفصلة لمعالجة ازمة جنوب كردفان والنيل الازرق تحت رعاية الآلية الافريقية ،ومسار آخر خاص بالحركات الدارفورية وهو منبر الدوحة وفق وثيقة الدوحة للسلام التى وقعتها الحكومة العام الماضى مع حركة التحرير والعدالة فيما رفضت حركة العدل والمساواة التوقيع عليها وأعلنت إنسحابها مما أدى لإنشقاق محمد بحر ومجموعة أخرى منها ،بينما رفض فصيل حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد الدخول أصلا فى مفاوضات مع الخرطوم وعلى مستوى كافة المنابر ،فيما خرج مناوى غاضبا من الحكومة بعد أن وقع إتفاق أبوجا معها وأصبح كبير مساعدى الرئيس محتجا على تهميشه ،فيما علق عليه أهله ساخرين بأنه (مساعد حلة وليس مساعدا للرئيس ) ، إلا أن عرمان أكد رغبة الحركة في التشاور مع كافة أطراف المعارضة السودانية وأصدقاء تنظيمه داخل وخارج السودان، قائلا ذلك بغرض تعزيز الفرص والطرق من أجل حل سلمي شامل . إلا أن سياسيين أعابوا قرار مجلس الأمن الدولى قائلين إنه حصر الحلول بين الحركة الشعبية قطاع الشمال والمؤتمر الوطنى دون مراعاة لبقية الكيانات السياسية ،وإذ ينتقد رئيس تحالف الاحزاب المعارضة فاروق أبو عيسى بشدة تصريحات الحزب الحاكم ويقول ل(الصحافة) إن تصريحات المسؤولين فى المؤتمر الوطنى تؤكد مدى الإرتباك الذى يعيشونه جراء التعامل مع خارطة الطريق الأفريقية والتى أدت لقرارمجلس الأمن الأخير ،ويؤكد أن القرار كامل ولا يقبل التجزئة وضمن البند السابع وفى حالة التعنت فى تطبيقه تفرض عقوبات على السودان وسوف تأتى بظلال سالبة على المجتمع السودانى كله. ويقول إن شعب السودان (الفيه مكفيه) ،ويؤيد أبوعيسى ما ذهب إليه وزير الخارجية السودانى ،ويقول إن الأزمة فى جنوب كردفان والنيل الأزرق سياسية وأمنية ولهما بروتوكولان منفصلان ضمن إتفاقية السلام الشامل ،ويجدد أبوعيسى نداءه لحلها سياسياً بموجب الإستحقاقات السياسية للمنطقتين ،داعيا المؤتمر الوطنى إلى عدم التعنت والتمترس فى رأى يعود بعواقب أخرى على السودان ،ويطالب بإشراك القوى السياسية بلا إستثناء والجلوس معها لضمان إيجاد حل شامل وعادل للمنطقتين ،إلا أن أبوعيسى يعتقد بأن الإتفاق الإطارى نفسه هو جزء من الحل وقد وقع عليه الدكتور نافع لقناعته وإعترافه بأن هنالك قصورا فى إتفاقية السلام الشامل ،ويقترح بأن يكون الحل فى إطار المزج بين الإتفاق الإطارى وتكملة ماتبقى من مسائل من إتفاقية السلام الشامل ضمن تطبيق بروتوكول المنطقتين ،إلا أن أبوعيسى ينتقد شخصيات لم يسمها وراء الحرب وأزمة السودان ويقول إنها أصبحت (لوردات حرب ) ولا تستطيع العيش إلا فى ظل الأزمات .