أصداء القرار 2046 ما زالت تتردد في الساحة السودانية كقراءات تحاول استجلاء امره وفهمه على صحيح المنطق، فبعض الاصوات تحذر منه وتقول ان ابعادا خطيرة يمكن ان تترتب جراءه، ومن بين تلك الاصوات برز الخبير السوداني، صلاح خوجلي ليرسم لوحة تبدو قاتمة لما سيترتب عمليا من (خارطة الطريق) التي اقرها مجلس الامن بشأن نزاع السودان مع جنوب السودان. فقد انتقد خوجلي ، الذي كان يتحدث في ندوة عقدها (المركز السوداني للخدمات الصحفية) أمس الاول حول قرار مجلس الامن، انتقد أداء الدبلوماسية السودانية في تعاطيها مع القرار الاخير (حيث انها لم تحتج كاجراء متاح داخل اروقة مجلس الامن). واشار خوجلي الى ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع السودان، ليخلص الى ان المقصود في النهاية هو تمزيق السودان بشتى انواع المؤامرات التي ما انفكت تُحاك ضده. ليمضي الى ان المعركة بنهاية المطاف تحتاج لاصطفاف السودانيين بشتى توجهاتهم وكياناتهم لمواجهة الموقف العصيب الذي تمر به البلاد. ونبه خوجلي الى أن الاعلام قد يعد وسيلة فاعلة لادارة المعركة الوطنية وضرورة مخاطبة العالم الغربي بلغته «انشاء قناة تلفزيونية ناطقة بالانجليزية مهما كلف الامر»، ليشير الى دور وطني قام به الاعلام السوداني «لكنه غير كاف». وقال الخبير الدولى صلاح خوجلى ان وزارتى الخارجية والاعلام فشلتا فى مجابهة الإستهداف الخارجى واصفاً اداء الوزارتين بالضعيف،مضيفاً ان ضعف اعلام السودان الخارجى كان سببا اساسيا فى كل القرارات التى اصدرها مجلس الامن ضد البلاد، وارجع الامر الى عدم امكانية الدور الخارجى فى التأثير على الشعوب خاصة فى امريكا وبريطانيا وفرنسا، وقال ان هذه الشعوب لاتعلم عنا شيئا وهى فى ذات الوقت تضغط على متخذى القرار فى بلدانها، وأضاف ان وزارة الخارجية السودانية لعبت دورا سلبيا فى كثير من المشاكل الدبلوماسية لأنها لم تستطع ان تؤثر فى المحيط الإقليمى والدولى وعكس القضايا بوجهها الحقيقى، هذا الى جانب عدم اعتراضها على قرارات مجلس الأمن، وقال: بحسب علمى ليس هناك فى القانون الدولى مايحول دون ان يحتج السودان على العديد من القرارات التى اصدرها مجلس الأمن ومن بينها الفصل السابع، وزاد: كان من الأجدى ان يوجه السؤال الى السكرتير العام للأمم المتحدة ليرفع التساؤل بدوره الى مجلس الأمن حول كيف يهدد السودان الأمن والسلم الدوليين وذلك حتى نقبل قرارهم، لان عليهم ان يوضحوا لنا كيف نقبل قرارا دون ان نفهم تفاصيله، وأضاف لقد قبلنا كثيراً من القرارات المقرونة بالفصل السابع دون ان نطرح سؤال لماذا، واوضح خوجلى ان الخارجية السودانية لو كانت قد وضعت خريطة السودان امام مجلس الأمن لتسبب ذلك في تحاشي كثير من القرارات الجائرة، لانا كنا لنقول لسوزان رايس «ارجعى الى مكتبة الكونغرس وستجدين فى خريطة السودان ان هجليج ضمن حدود البلاد»، وأشاد خوجلى بالإعلام الداخلى وقال انه نجح الى حد كبير فى مجابهة الحملة الإعلامية الشرسة ضد السودان، وتساءل كم فضائية نملك ؟ وقال نحن نخاطب العالم العربى فقط وليس لنا معه اى مشاكل مع اننا نحتاج ان نطل الى العالم الخارجى خاصة الدول الاروبية والافريقية والآسيوية، وأضاف الى متى نعيش معزولين تماما عن الرأى العام الامريكى والبريطانى والفرنسى ونخاطب انفسنا. وتحدث خوجلى عن استهداف السودان من اجل تقسيمه واضعافه خاصة من قبل اسرائيل والتى بدأت تخوف العالم من المد الإسلامى عقب ثورات الربيع العربى التى اجتاحت المنطقة ، مشيرا ان الاخيرة مازالت تستهدف السودان على الرغم من انفصاله وترى انه يشكل تهديداً لأمنها القومى حال إستقراره، وقال خوجلى يجب على كل القادة السودانيين حكومة ومعارضة ان يعلموا ان السودان مستهدف و يخطط له ذات السناريو الذى حدث فى العراق، وأشار الى ان المخطط كان مرسوماً بإعتقال البشير فى زيارته لجوبا ومن ثم إختطافه من فرقة إسرائيلية موجودة فى يوغندا لتنفيذ هذه العملية، الا انه شاءت الاقدار ان يعود الوفد المفاوض من اديس ابابا ومن ثم انقطع الأمل فى ذهاب الرئيس الى جوبا، وأشار الى ان احتلال هجليج من قبل دولة جنوب السودان كان الهدف منه احداث ربكة مقصود منها مقايضة أبيى . وراى الخبير ان محاولة التطبيع مع الولاياتالمتحدة فى هذا التوقيت غير مجدية وقال» ارجو من الدبلوماسية السودانية عدم تضييع وقتها فى التطبيع مع امريكا»، مشيرا الى ان اكبر مظاهرة حدثت فى امريكا وخرجت فى واشنطون لتطالب الرئيس بوش آنذاك بالتدخل فى السودان كانت بقيادة باراك ابوما الذى يحكم الآن، ونوه ايضاً الى آخر تقرير امريكى صدر قبل يومين من قبل المبعوث الأمريكى السابق فى السودان مفاده دعم جنوب السودان عسكرياً لخلق توازن بينه والسودان، واضاف على الأحزاب ان تدرك انه ليس المقصود ازالة النظام الحالى فالأمر اكبر من البشير والمؤتمر الوطنى فالسودان يحتاج الى تكاتف كبير ويحتاج ان تهب قيادات المعارضة وتضع يدها مع الحكومة، ومواجهة سناريو تقسيم السودان. وعد الخبير خوجلي قرار مجلس الأمن الأخير رقم (2046) والذى عرف «بخارطة الطريق» حالة غريبة في تاريخ مجلس الأمن، مستندا في ذلك على ان القرار صدر بالاجماع بناءاً على مقترح صادر من منظمة إقليمية و دون أن يعترض عليه أي عضو من الأعضاء الدائمين، و بدون تحفظ من أية دولة عضوة، هذا الى ان مقترح القرار المقدم من الاتحاد الأفريقي الى مجلس الأمن بتاريخ 24 ابريل 2012 في إجتماعه بالرقم (319) لم تعترض عليه اى من الدولة العربية العضو بمجلس الأمن، كما لم تعترض عليه او تتحفظ عليه روسيا او الصين، خاصة وانه مقدم من الإتحاد الافريقي الذى ينتمي إليه السودان.