واقع الحال و على مستوى العمل المهني البحت يقول إن المفوضية قد فشلت في الإعداد لإجراء انتخابات عامة كما انها اهملت و قصرت وارتكبت على نحو غير مقبول عقلا خاصة في المراحل الرئيسية والنهائية للعملية الانتخابية ،ولايمكن وصف ما صاحب عمليات الاقتراع بانه اخطاء فقط لانها هي الجهة الوحيدة التي خططت واعدت ونفذت ، فاذا سلمنا بان كثافة العمل قد تسمح بوقوع بعض الاخطاء لكن ليس من المبرر ان تكون الاخطاء بهذا الحجم و الشمول اي ان الخطأ والتقصير والاهمال كان طاغيا ،كأن هذه المسألة رتبت في عجل مع ان كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية نالت حظها الوافر من الزمن، فكان من الطبيعي ان تكون هذه العملية قد ضبطت على الوجه الصحيح ولا سبيل لقبول او تبربر اي خطأ كان لان الاخطاء قد صاحبت عملية الاعداد اي ان الاعداد كان خاطئا فلا بد ان تكون النتائج كذلك . لقد تابع الشعب السوداني بأسره العمليات الإجرائية الأولية للانتخابات وذلك من خلال الظهور المتكرر للدكتور مختار الأصم في وسائل الإعلام وحديثه وحديث آخريين معه عن جاهزية المفوضية لاجراء هذا الاستحقاق المهم في موعده المضروب ( أي جهوزية يتحدث عنها هؤلاء ) ، هل كانوا يعدون لهذا الفشل و الاهمال الخطير الذي تعاملت به المفوضية مع هذه المهمة الوطنية . بداية عمليات الاقتراع اظهرت ان هذه المفوضية من حيث الخبرة والدربة فهي شديدة التواضع لذلك كان حصاد اجتهادها و دأبها هذا الارتباك ،بالطبع انها لم تكن تقصد ذلك ولا نشك اطلاقا في نزاهتها لكننا نجزم انها لم تولِ الامر الاهتمام المطلوب، اذ ليس مقبولا ان تسقط اسماء ناخبين كما انه ليس مقبولا ايضا أن تكون هناك اخطاء في رموز المرشحين. نحن نثق كل الثقة في المفوضية انها لم تتعمد هذا الخطأ الجسيم الذي يمكن تداركه، الواقع يقول ان المفوضية لم تكلف نفسها عناء مطابقة مطلوبات الدائرة مع ما اعدته، فالامر ليس معقدا بالدرجة التي تجعل الناس تقول فيه أية نسبة من الخطأ وان صغرت، فالاخطاء غير المقصودة ولدت نتائج غير مقصودة ايضا ادانها الارباك والاحباط والضجر الذي اصاب الناخبين ، أما التمديد الذي اعلنته المفوضية اغلب الظن انه لا يمثل فترة كافية لمعالجة الاخطاء الشاملة التي صاحبت الاعداد للانتخابات، فان استطاعت عمل معالجة اسعافية لن تستطيع معالجة الاحباط الذي قتل الاستعداد لدى الناخبين الذين يتوقون لانتخابات غير مسبوقة كما انها بكل اسف فتحت الباب واسعا امام كل التكهنات والتحليلات ،لا سيما وان العملية الانتخابية تحظى بمراقبة دولية واسعة وتغطية اعلامية أوسع . ما لا جدال فيه ان هذا العمل لا يحتاج لعلماء او حملة درجات علمية! كل ما يحتاجه خبرة وليس بالضرورة ان ينجح كل من له مؤهل لكن بالضرورة ان ينجح كل ذي خبرة ودربة في مجال بعينه فأفراد ( الضباط الاداريين ) تراكمت لديهم الخبرة الكافية والضرورية للنجاح في مثل هذه التكاليف، فكان ينبغي ان يكون لهم الوجود الأوفر في العمليات الابتدائية والختامية للانتخابات لتجنب الاخفاقات لما لها من نتائج كارثية .