٭ الدعوة الكريمة التي وجهتها لي قيادة البحر الأحمر قبل أيام جعلتني أشاهد الروعة والجمال والنظافة التي حظيت بها بورتسودان وهذا ما يجعل مجرد ذكرها يثير التوتر في نفوس مسؤولي النظافة وقيادات الولايات الاخرى التي عجز فكرها وارادتها ان ترتقي بمدنها الى المكان الذي وصلت اليه عروس البحر الاحمر بورتسودان، ويمكننا ان نستثنى درة الشرق كسلا التي تسير الآن في طريق الروعة والجمال. ان التطور والجمال الذي وصلت اليه بورتسودان لم يصنعه خيال مريض انما جاء نتيجة لمبادرات شجاعة ومساعي عقلانية وارادة سياسية فتحت أمامنا أفضل الأفكار التي يمكن الاستفادة منها في الولايات الاخرى. ان التنمية التي شاهدتها في عروس البحر جعلت في نظري قياداتها خارج دائرة السياسيين الذين يقولون ما لا يفعلون.. إنما هذه الافعال أهلت قيادتها لتكون كلمتهم وزناً ذرياً. كيف لا تكون كلمتهم بهذا المستوى وهم الذين رصفوا كل الطرق بما فيها الطرق داخل الأحياء.. فنتج عن ذلك الحداثة والجمال ثم أحدثوا التنمية بمعناها الاشمل بتوفير وسائل الانتاج واقاموا المهرجانات التي درت في الخزينة مليارات الجنيهات. في الوقت الذي نجد فيه بعض الولايات قد بلغ فيها الشح التنموي والثقافي والفكري المستويات الاسطورية انها مفارقات في الكادر البشري. فقط.. والحقيقة التي يدركها العقل لولا التفكير السليم والارادة السياسية الصادقة لما وصلت بورتسودان لهذه الدرجة من النمو والحراك. ٭ إنها مدينة لم تتحسن من تعثرها الاسطوري الا في عهد الدكتور محمد طاهر إيلا ومحمد طاهر أحمد حسين الملقب ب «البلدوزر» والذي هو الآخر لعب دوراً محورياً في التقدم الذي حظيت به عروس البحر الآن. ويمكن لأي زائر ان يسير في شوارع بورتسودان لثلاثة أيام دون خوف من ان يتسخ حذاؤه مهما كانت درجة جاذبيته للغبار وهذه النتيجة جاءت من الرصف الجيد لجميع الطرق الاساسية والفرعية التي تربط المدينة من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها حتى قال بائع ورنيش ان دخله توقف تماماً. إنها عبقرية الكبار التي تنتج أفعالاً تسر الجميع.. ان ما شاهدته في عروس البحر من روعة وجمال وابداع جعلني اقول في نفسي ان هذه الزيارة ستكون الذكرى اللامعة والتي ستبقى في ذاكرتي وفي اعتقادي انها ستبقى مهما حاولت ابعادها ومهما أصبت من رحلات داخلية وخارجية فيما بعد ان مد الله في الآجال. إنها حقاً عروس البحر ويستحق إيلا ان يكون عريساً عليها.. هناك تتحرك على ضفاف البحر دون حزن وتشاهد الابتسام على وجوه الناس.. من فعل ذلك غير السياسات الراشدة التي استطاعت ان تحول أحزان الناس الى أفراح تمشي بينهم.. كانت بورتسودان حتى وقت قريب تستقبل زوارها وهي ملفوفة بثوب قذر من الاوساخ، أما اليوم فهي تجلس على درجة عالية من النظافة وكأنها تتهيأ لاستقبال ضيوف مهرجان السياحة والتسوق الذي استطاع ان يحول بورتسودان الى مدينة تجارية وسياحية من طراز يستحق ان نباهي به.. وانا اتجول في داخل بورتسودان واشاهد ما اصابها من تطور واتساءل كيف وصلت بورتسودان لهذه الحالة من النماء، ربما أمطرت عليها السماء ذهباً، لا ربما قذفها موج البحر باللؤلؤ والدرر البحرية النفيسة قطعاً لا.. انها نتيجة لافكار التقت مع ارادة سياسية فولد هذا المشهد الذي يعيش أهل بورتسودان في نعيمه.. ٭ سبق للمركز أن وجه الولاة لزيارة مدينة بورتسودان لقناعته بأن ما تم في هذه المدينة سيبقى في ذاكرة الزمن جهداً انسانياً لا ينسى لانه منح الحياة للناس بالفعل وفتح فرص النجاح لأهل المنطقة فازداد دخلهم وانكمش العسر لدى كثير من الأسر الضعيفة وأحدث في المدينة نقلة حديثة وكبيرة. والمركز يريد بزيارة الولاة نقل هذه التجربة لكثير من الولايات ولكن هل يعلم بأن المفارقات تكمن في الكادر البشري فقط. ٭ بورتسودان أضحت مدينة ساحرة ونظيفة وجميلة وهذا ما جعلني أعقد العزم بان ازورها من حين لآخر. ٭ وفي الختام يمكنني القول بأن بورتسودان مدينة أشمل من ما كتبت بكثير. ٭ خارج النص: في العمود الماضي سقطت سهواً لا النافية من العبارة الآتية: ان الصحفي له قدرته للتعبير للمجتمع عن كل شيء وهذه القدرة لا ترمي الى تدعيم ذاته والاحتفاء بمكانته.. وهذا ما يجب توضيحه للقراء الكرام.