ظلت قضية جبال النوبة من القضايا المتصدرة لكل الأجندة المحلية والعالمية وبذلت الحكومة أقصى ما عندها من جهد للوصول إلى حل شامل يطفئ هذه النار التي أشعلها الحلو دون أدنى مبرر سوى العمالة والإرتزاق للأجنبي الذي يريد تفتيت وحدة السودان وتمزيق أوصاله للحيلولة دون تقدمه وإزدهاره بعد التنمية التي إنتظمت بالبلاد طولاً وعرضاً في كل المجالات الخدمية من طرق وكهرباء وصحة وتعليم خاصة في مناطق جبال النوبة مسرح الأحداث المفتعلة. فبعد مجاهدات طويلة وشاقة من منبر أبناء جبال النوبة بالمؤتمر الوطني الذين رأوا ضرورة مخاطبة أبناء جبال النوبة بالخارج حزمت الأستاذة عفاف تاور حقائبها واتجهت صوب الولاياتالمتحدةالأمريكية قبلة المستضعفين المهاجرين من كل أنحاء العالم لتلتقي بأبناء جبال النوبة بل قيادات جبال النوبة الذين تركوا الساحة السياسية لأمثال عبدالعزيز الحلو الذي لا تربطه صلة بجبال النوبة وقد أكدت أفعاله وممارساته ذلك خاصة بعد أن تحالف مع أبناء عمومته من مسلحي دارفور وكون ما يسمى بالجبهة الثورية التي ذبحت أبناء جبال النوبة في كل من تلودي ومفلوع وأم دوال وهجليج ومازالت تعمل جاهدة من أجل تدمير كل التعمير الذي طال جبال النوبة خلال الفترة الماضية فإن عودة أبناء جبال النوبة أمثال أمين بشير فلين وأبوعنجة وغيرهم من القيادات يعتبر نقطة تحول كبرى في قضية جبال النوبة ،فهؤلاء هم أصحاب القضية الحقيقيون لكن كما يقول المثل السوداني (غاب أبشنب ومرح أبضنب) أما الآن وقد عاد أبشنب فينبغي أن تتغير الموازين في الساحة السياسية والقتالية ففي الساحة السياسية في هذه المرحلة على وجه التحديد لابد من تضافر الجهود بين أبناء جبال النوبة بمختلف مكوناتهم السياسية والفكرية وتصويب الخطاب السياسي نحو الوحدة والإنسجام وترميم النسيج الاجتماعي بين مكونات مجتمع جبال النوبة الذي لا يعرف الإثنيات والقبليات والجهويات الضيقة، ففي أم دورين كان رمز الحركة التجارية والاقتصادية من أبناء الهلالية بالجزيرة آل أبوصباح وفي البرام الريف الجنوبي لكادقلي آل أبوالبشر أمثال عمنا محمد علي أبوالبشر وفي الدلنج آل الصول وفي كادقلي محمد علي شايب ومبارك شيبون من أقصى شمال السودان فهؤلاء جميعاً كانوا ومازالوا من أبناء النوبة بل إن أمثال وصفي كندس وإخوانه الشاميين والأقباط أصبحوا جزءً من جبال النوبة التي يسعى أعداؤها لتقليل شانها عندما يظنون وهماً - أنها لإثنية محددة وأن الآخر دخيل عليها. يجب على أبناء جبال النوبة القادمين من أمريكا وأبناء جبال النوبة بالداخل أن يكون خطابهم السياسي للمرحلة المقبلة منطلقاً من هذه الأبعاد التاريخية لجبال النوبة وإن عليهم دحض الإفتراءات التي يقودها عبدالعزيز الحلو والمجموعة المتمردة - المضللة - فلابد من النزول للقواعد وتنويرها ووضع الحلول المناسبة لقضية جبال النوبة بالطرق السلمية والحوار وليس العنف والخراب والتدمير الذي قضى على كل شئ . نحن نأمل أن يكون مقدم هذه المجموعة من أبناء النوبة فاتحة خير وبركة ونأمل ألا يعودوا إلى المهجر ثانية قبل أن نحتفل في جبل السلطان عجبنا، ونشهد سبر المطر والحصاد في جبال النتل، ونغني ونرقص الكرنق وسط جبال سلارا، هذه الجبال التي كانت قبلة السائحين لمناظرها الجميلة وطبيعتها الخلابة اليوم صارت بأفعال عبدالعزيز الحلو يباباً وخراباً هجرها الناس والحيوان وأصبحت مرتعاً للذئاب، فيا إخواني العائدين إن الأمل معقود عليكم أن تسحبوا البساط من الحلو قبل أن تعودوا، وأن تنقذوا أبناء جبال النوبة من براثن الحركة الشعبية وإن على منبر أبناء جبال النوبة بالمؤتمر الوطني أن يضع الخارطة والبرنامج لأخواننا العائدين من أرض المهجر لمخاطبة كافة شرائح المجتمع في المنتديات والساحات العامة حتى يتمكنوا من توصيل الرسالة لكافة أبناء جبال النوبة خاصة أولئك الذين جعلوا من رؤوس الجبال وكهوفها مساكن لهم ومنصات ينطلقون منها لزعزعة الأمن والإستقرار لأهلهم، يجب أن نغتنم هذه الفرصة لحل قضية جبال النوبة وذلك بفك الإرتباط العضوي بين الحركة الشعبية في جبال النوبة والحركة الشعبية بدولة جنوب السودان، فالأخيرة أصبحت العدو اللدود للشعب السوداني كله ولشعب جبال النوبة بصفة خاصة هذه الحقائق يجب أن تصل إلى أبناء جبال النوبة المغرر بهم والذين أصبحوا الوقود للحرب الدائرة الآن بجبال النوبة. أيضاً من الأبعاد الهامة التي يجب على إخواننا العائدين إلى وطنهم تناولها بشفافية ووضوح البعد الاجتماعي لمنطقة جبال النوبة من حيث التركيبة الاجتماعية والتعايش السلمي بين المواطنين والتحالفات القديمة بين النوبة وبعض القبائل بجبال النوبة وأثر هذه التحالفات على تماسك النسيج الاجتماعي لأن الحركة الشعبية في الفترة الماضية إستطاعت بقدر كبير أن تنسف هذه القواعد المتينة لمجتمع جبال النوبة الأمر الذي أحدث خلاً كبيراً في التركيبة الاجتماعية، نحن بحاجة إلى رؤية متكاملة لمعالجة مخلفات الحركة الشعبية على المستوى السياسي والاجتماعي. إنني متفائل جداً بقدوم هذا الوفد من أبناء جبال النوبة وأرجو من الحكومة والمؤتمر الوطني أن يطلقا عنان التفكير لأبناء جبال النوبة لحسم قضيتهم فما أرسل الله رسولاً إلا بلسان قومه والدم يحن للدم كما نقول في أمثالنا السودانية وإنني على يقين تام أن أبناء جبال النوبة في الداخل والخارج على قدر كبير من الوعي والمسئولية تجاه وطنهم - السودان - وإقليمهم جبال النوبة وهذا ما دفع ببعضهم للحضور والمشاركة لحل القضايا العالقة بجبال النوبة، على الحكومة أن تضع كامل ثقتها في أبناء جبال النوبة وأن تحيل إليهم ملف الحرب والصراع الدائر في المنطقة برمته عسى ولعل أن يكون الوصول إلى السلام قريباً، فنودع أيام الصراع المظلمة ومآسيه المحزنة .فمنذ الهجمة في 6/6 وحتى تاريخ هذا اليوم لم يعرف الإستقرار النفسي طريقه إلى نفوس المواطنين بجبال النوبة. وتعطلت كل مشاريع التنمية التي كادت أن تجعل من جنوب كردفان المنطقة الأولى من حيث التنمية والإستقرار لو لا التصرف الهمجي الذي قام به عبدالعزيز الحلو . إن المهمة التي تنتظر أبناء جبال النوبة لجد كبيرة، والطريق شاقٌ ومفروش بالأشواك ولهذا لابد من مقابلة هذا التحدي بعزيمة وإصرار قويين لتجاوز المرحلة بكل مآسيها وإستقبال مرحلة جديدة تخرجنا من دائرة الصراع إلى دائرة التسامح والتعاون من أجل بناء وطن موحد تسوده العدالة والتنمية وروح الفريق الواحد المتحد المتعاون. نحن بحاجة إلى نفرة عامة تشمل جميع أبناء جبال النوبة بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية وذلك لمساندة هذا الوفد الذي لبى نداء الوطن والسلام وبحاجة كذلك لمخاطبة أبناء جبال النوبة بالخارج في كل دول المهجر فلابد أن يشكلوا حضوراً فاعلاً كما فعل أبناء جبال النوبة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وذلك من أجل الوقوف على الأوضاع الحالية بالمنطقة والمساهمة في حلها، فمتى يجد الوطن أبناءه إذا إفتقدهم في المصائب والمحن ومتى يؤدي أبناء الوطن ضريبته إذا لم يسهموا في حل قضاياه ومشاكله، نحن في إنتظار وصول الوفد الميمون إلى مسرح الأحداث لنسمع منه ما يقول وماذا يحمل في جعبته لأهلنا بجبال النوبة، الذين طال إنتظارهم في محطة قطار السلام الذي تأخر كثيراً عن موعد قيامهم، ونحن بدورنا نقول كما قالت البلابل (قطار الشوق متين توصل تودينا لبلدا عزاز أهلها) وكأني بالبلابل يعنين جبال النوبة . وألف تحية للوفد الميمون بقيادة وزير السياحة الأسبق أمين بشير فلين ابن الدلنج العائد.