لا يزال التحالف المعارض متشددا فى موقفه بشأن المشاركة فى مسار مفاوضات اديس ابابا بين وفدى الحكومة السودانية وحكومة الجنوب والتى يبذل الوسيط الافريقى ثامبو امبيكى جهودا خارقة بغية ايصال الطرفين الى المنطقة الدافئة على طريق نزع فتيل الازمة وتقديم الآليات المناسبة لتحقيقها، المعارضة بين يدي اصرارها على المشاركة تتهم الوطنى بانه يقصيها من قضايا الوطن المصيرية مستدلة بما حدث فى نيفاشا التى وصفتها بالاتفاقية الثنائية بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية التى عملت على انفصال الجنوب وفق مقرراتها التى منحت الجنوب حق الاستفتاء على تقرير المصير. وتنظر المعارضة لانفصال الجنوب على انه وزر يتحمله المؤتمر الوطنى لعدم اشراكه لها فى مفاوضات نيفاشا، الامر الذى لا تريد له ان يحدث عبر مفاوضات اديس ابابا الراهنة . فاروق ابوعيسى رئيس التحالف المعارض اكد فى تصريحات صحفية قبل يومين انهم تقدموا بمذكرة عبر سفارة جنوب افريقيا بالخرطوم لتوصيلها للوسيط الافريقى ثامبو امبيكى بغية اشراكهم فى عملية التفاوض فى وقت بين فيه انهم افادوا المجتمع الدولى والاتحاد الاروبى بضرورة ان تلعب المعارضة دورها الفاعل بشأن دعم عملية التفاوض بين الجانبين السودانى والجنوب سودانى . ويرى ابوعيسى ان المؤتمر الوطنى بوصفه الحزب الحاكم يتخوف من عملية اشراكهم كمعارضة فى عملية التفاوض لحسابات يعلمها هو . وتبدو فرصة مشاركة المعارضة فى مفاوضات اديس القادمة محل شك واستفهام وربما لن تتاح لها الفرصة لحساسية الامر، ويعلق الكاتب الصحفى المنتمى للحزب الحاكم الدكتور ياسر محجوب على الامر بالاشارة الى ان مشاركة التحالف المعارض فى عملية التفاوض لها ايجابياتها وقد تحقق بعض المكاسب، لكنه اشار الى ان الحكومة الحالية ليست حكومة حزب واحد وان بها اكثر من عشرة احزاب،وقال لابد من وجود ممثل للتحالف المعارض لما للتحالف من علاقات مع حكومة الجنوب قد تخدم ملف التفاوض كثيرا ويقود فى نهاية الامر الى النتائج المرجوة ، ويعود ويقول ان امر مشاركة المعارضة فى مفاوضات اديس متروك لبعض التقديرات التى ربما عصفت بالامر . القيادى بالمؤتمر الشعبى عضو التحالف المعارض د. بشير آدم رحمة يرى من جهته انه من الاجدى ان يعقد مؤتمر بين شعبى الجنوب والشمال دون الرسميين ترعاه المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى هنا وهناك ليكون نواة لما يحدث من تفاوض، واضاف رحمة : كان المفترض ان يعقد المؤتمر اولا ويحمل امبيكى نتائجه. وصوب القيادي الشعبي انتقادات عنيفة للحكومتين فى الخرطوم وجوبا قائلا انهما دكتاتوريتان تعملان لمصلحة حزبية ويعملان على حل المشكلة بالسلاح . وعن مطالبة التحالف المعارض بالمشاركة فى التفاوض يرى رحمة انه مؤشر ايجابى والمشاركة قد تكون مجدية الا انه رأى ان الاجدى ان يسبقها هذا المؤتمر الذى من المفترض ان يكون خارطة طريق لامبيكى باعتبار ان شعبى الجنوب والشمال يرفضان خيار الحرب وقد يتوصلان حال انعقاد المؤتمر الى نتائج ايجابية بشأن تفعيل اتفاق الحريات الاربعة وسحب القوات من مناطق النزاع الى جانب فتح الحدود وتفعيل التجارة بين النقاط الحدودية للسودان وجنوب السودان وحل الازمة الناشبة بشأن البترول . واكد رحمة ان رفض الوطنى لمخرجات ذلك المؤتمر الذى دعا الى عقده سيقود الشارع للتحرك ضده وبالتالى يحدث التغيير القسرى والشامل على حد ما ذهب له القيادي الشعبي، والذى تابع بالقول: لو كنت مكان امبيكى لقبلت المقترح المتعلق بمشاركة المعارضة فى مفاوضات اديس ،لانه لابد من اشراك المعارضة لان المؤتمر الوطنى ،على حد تعبيره، يقود البلاد لمتاهات كثيرة و مشاركة المعارضة تقود للحل السياسى المطلوب وتجنب البلاد الكثير من المنعطفات الخطيرة . واتهم القيادي الشعبي سياسات المؤتمر الوطنى الراهنة بقيادة البلاد الى التفتت الى دويلات، مشيرا الى وجود مخطط يستهدف قيام كيان جديد يدعى «دولة نهر النيل» وذلك عقب انفصال جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور ومناطق فى الشرق، واضاف « هنالك قيادات داخل المؤتمر الوطنى تعمل على تنفيذ المخطط بهدف قيام دولة شمالية عربية الهوى لا اطراف مهمشة فيها. المحلل السياسى والاكاديمى حسن الساعورى اشار الى ان سعى المعارضة للمشاركة فى مفاوضات اديس «لا جدوى منه»، وقال الاكاديمي البارز : اذا اشركت المعارضة والحكومة ما وافقت ماذا سيحدث ؟. وتخوف الساعورى من مغبة ان تكون مشاركة المعارضة وبالا على الحكومة حال موافقتها على مقترحات امبيكى نكاية فى الحزب الحاكم، وقال ان من يدعون للمشاركة لا يمثلون جهة رسمية، وان العملية لا تتم الا عبر صيغة معينة، واضاف الساعوري « ان مشاركة المعارضة تعقد الامور و من المتوقع ان ترفضها الحكومة وامبيكى معا» . الا ان المحلل السياسي اشار في حديثه ل « الصحافة» الى امكانية التوصل الى خطوط عريضة بين الطرفين اذا تم الوصول الى صيغة مشتركة بين الحزب الحاكم والمعارضة بشأن كل القضايا العالقة، لافتا الى ان التحالف المعارض لا يعترف بالحكومة ودوما ما يسعى للاطاحة بها فكيف يعمل على الجلوس معها فى طاولة حوار واحدة ، فضلا عن ان القوانين والاعراف الدولية تعطى الحكومة الحق فى التفاوض لا المعارضة التى تحاول جاهدة وضع الحزب الحاكم في مواجهة جديدة مع المجتمع الدولى، واضاف الساعوري : ان كانت المعارضة حريصة على حل مشكلات السودان لجلست مع دولة الجنوب وحزب الحركة الشعبية الحاكم هناك وادارة حوار معهما لطى الملفات الساخنة مع السودان .