للرسالة الإعلامية دور فاعل لا تخطئه عين في تشكيل مجريات الأحداث على كافة الأصعدة وليست ثورات الربيع العربي التي انتظمت العالم العربي مؤخرا إلا خير دليل لأجل هذا تعاظم اهتمام العالم أجمع بالدور الرائد الذي يمكن أن يلعبه الإعلام بمختلف ضروبه (المقروء - المسموع - المرئي ) في دفع عجلة الحياة وتحريك جمود الأشياء ولجميع الأجهزة الإعلامية في قناة الجزيرة القطرية أسوة وإن اختلف البعض عن تجردها وحيادها في طرح الأحداث فعلى الأقل ليكن تأسينا بها في مجال تقنية صناعة الإعلام الذي لم يعد خبط عشواء أو ضربة حظ أو رهين اجتهاد، إذ لا بد من اتباع منهج علمي رصين قادر على مسايرة التطورات والطفرات المتلاحقة والقفزات المتواصلة في دنيا الإعلام فنظرة عابرة لكل من يقف على أي من محطاتنا الإذاعية أو التلفازية تكشف بجلاء بؤسها وضعفها وقلة حيلتها فنيا ومهنيا في شتى مناحيها فلندع جانب التقنيات الحديثة في التصوير والإخراج والمونتاج والسيناريو وخلافها من الجوانب الفنية التي يرتكز المدافعون عن تواضع ما تجود به قريحة القائمين على أمرها على ضعف الإمكانيات وضعف التمويل ، فما بال الظهور البائس وقلة الحضور الطاغي على مقدمي البرامج إلا من رحم ربي إذ أن المتابع لمسيرة وسيرة مقدمي ومقدمات البرامج في فضائياتنا وقنواتنا الإذاعية يجد صعوبة بالغة في تمييز السواد الأعظم منهم من ناحية الأداء فلقد لحظت وربما كثيرون يشاركونني الملاحظة أنه لا يكاد يسلم مقدم برامج من مغبة الوقوع في براثن مفردة (إمكن) التي باتت تجري على لسان الغالبية العظمى من مقدمي البرامج فتجد أحدهم وبعيد تقديم ضيفه في الحلقة المعنية يذكر للمشاهدين أو المستمعين (إمكن موضوع حلقتنا اليوم كذا ) فهل من انزلاق في بحور ضعف وضحالة فن التقديم أكثر من ذلك ؟ وهل من باعث للنفور للمستمع أو للمشاهد أكثر من تيقنه من عدم يقين وإدراك ووثوق وجهل المقدم من القضية التي بصدد تناولها لأجل هذا أرجو أن تلفت إدارة البرامج إلى مثل هذه السقطة التي ظلت تجري على لسان مقدمي البرامج أن يطرف لهم جفن أو يختلج لهم جنان . ومن السقطات التي ظلت تعج بها قنواتنا المسموعة والمرئية مفردة (حابين) التي يستعاض بها عن الفعل (نحب) فلا يتوانى مقدم البرامج لاسيما إن كان من ذوات الخدور من إطلاقها بغرض الطلب من مستضافه فيا هؤلاء رفقا ببنت عدنان التي لجأت لاتباع أسلوب الوأد عندما لم تجد عرائس لبناتها ولا تنسوا أن الرسالة الإعلامية يجب أن تكون شاملة كاملة تستصحب معها كل الجوانب الفنية والتعليمية لا هدم الموجود ودرس الموروث الثقافي وطمس المكنوز اللغوي فالذي أرجوه أن يلتفت القائمون على أمر الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة إلى الارتقاء بمستوى منسوبيها في قطاع التقديم لغويا لا تركهم يهرجون ويعيثون في اللغة فسادا الذي يتحول إلى إفساد لأذواق الأجيال وخراب السجية وحسن الطوية العربية . وإن ذهبت أعدد تلكم السقطات اللغوية لصعب علي الأمر في هذه المساحة ولاحتجت (ربما) التي من باتت ملازمة لبعض مقدمي البرامج وهي لا تبعد عن سالفة الذكر إمكن من حيث الاستعمال المكاني في متن الجملة والتقديم لما هو آت من معلومة يفترض فيها التيقن والبعد عن دوائر الشك . قد يذهب أناس إلى رمي اللائمة على إدارة تلكم الأجهزة جراء تقاعسها في حذق فن دربة كوادرها خنوعا ورضخوا للضوائق المالية التي تعاني منها بيد أني أقول إن لم يوظف ما هو متاح من إمكانيات مادية في جودة وسلامة المفردة اللغوية فأي شأن أهم ؟ ولا يفوت علي ألا أبرئ ساحة كافة الدور الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة من خطل الوقوع في براثن الحسرة والأسف والعجز عن ذكر محاسن المبدعين في شتى ضروب الحياة إبان حياتهم باستثناء بعض البرامج التي طابعها التوثيق والتي على رأسها (أسماء في حياتنا) فبخلاف قلة من البرامج التوثيقية يكاد الوضع يكون متشابها تسابقا في عرض محاسن الموتى وأن أخطر ما في ذلكم الأمر بدا التسابق في الاحتفاء بمن غادروا الفانية مصدرا للاستثمار فيهم وفي رحيلهم فكم من محرر فني كان لا يتوانى في مهاجمة المبدع قبل رحيله غير أنه بمجرد رحيله تحول الأمر مائة وثمانين درجة فأضحى يسطر المقالات الرصينة في حقه ويسرع في تدبيج الصور التذكارية معه والإسراع في عرضها فمتى نصل إلى حالة استواء وسواء على الاستقامة في طرق المواضيع الصحفية بمهنية وحياد بعيدا عن الأدواء الذاتية ؟