هاتفني صديق من سوق أم درمان بعد نحو نصف ساعة من خطاب الرئيس عمر البشير أمام البرلمان أمس الأول،ويبدو أنه أراد اختباري فسألني بطريقة كانت تحمل في طياتها خبثا حميدا ،يا صديقي هل قررت الحكومة زيادة سعر السكر؟،فكان ردي عليه بثقة وبلا تردد،لا.. لا يوجد أي اتجاه لأن السكر من السلع السياسية التي تحرص الحكومة على أن تظل في تناول يد المواطن ولم تحرربعد ،كما أن الرئيس أكد في البرلمان قبل قليل أنه لا زيادة في أسعار السكر والدقيق. لكن بعد ساعة من تلك المحادثة، هاتفني صديق آخر غاضبا وهو من رجال السوق في الخرطوم الذين يبغضون السياسة ولا يطيقون الساسة،وقال بلغة استنكارية ماذا يجري؟ فظننت أن كارثة حلت بالبلاد،واستمر في حديث يتسرب من ثناياه الاحباط ..هل تصدق أن جوال السكر زنة خمسين كيلو جرام قد ارتفع اليوم من 161 جنيها الى 225 جنيها بلا مقدمات،وصار كيلو السكر للمواطن بخمس جنيهات بدلا عن أقل من أربع،واستمر متسائلا ..لماذا تم توقيت زيادة سعر السكر مع خطاب البشير،واستباقا للموازنة المعدلة التي من المقرر طرحها أمام مجلس الوزراء البرلمان؟،وكان ردي أكثر احباطا ..يبدو أن من اتخذوا القرار لا يعلمون ذلك،أو أنهم أرادوا صب كوب من الماء البارد على حديث الرئيس ووعوده وتعهداته،وعاجلني بكلمات قبل أن يغلق هاتفه ..انت الحكومة دي فيها طابور خامس..؟!. الولايات تقاوم أعلنت وزارة التربية نتيجة امتحانات الشهادة الثانوية للعام 2012م،وقد كانت ولاية الخرطوم تسيطر بصورة كاملة على المراكز المتقدمة ،ولكن منذ العام الماضي برزت بعض الولايات بشكل لافت،فجاء أول الشهادة العام الماضي من كسلا،وهذا العام جاءت فاطمة نور الدائم من مدرسة الهدى النموذجية بنات كسلا في المرتبة الثالثة . وفي مجال التعليم الفني ( المساق التجاري) أحرزت الطالبة تهاني سعيد التجاني مضوي من مدرسة الأبيض التجارية بنات بشمال كردفان المرتبة الاولى، وفي المساق الزراعي أحرز ممدوح ادريس آدم محمد من مدرسة البرقيق بالولاية الشمالية المرتبة الأولى، وفي المساق النسوي أحرزت المرتبة الأولى روضة أحمد حسن عوض الله من مدرسة الأبيض النسوية بشمال كردفان. وما يقلق تدني نسبة النجاح للمدارس الحكومية هذا العام مقارنة بالعام السابق، وكذا في المدارس الخاصة ،كما تراجعت النسبة العامة للنجاح ، لكن ما يدعو للارتياح ارتفاع نسبة النجاح في مواد اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنجليزية. رغم الظروف الصعبة التي تمر بها الولايات لكنها مطالبة بمزيد من الاهتمام بالعملية التعليمية لأنها أساس التنمية البشرية والاقتصادية،والتعليم لا يعني توفير المعينات المادية فحسب،فبلا معلم لن يتحقق شيىء،والمعلمون محبطون وأوضاعهم مزرية وحالهم لا تسر،وقادة الدولة تعهدوا قبل سنوات بأن تكون أجورهم الأعلى في الدولة ولكن لا تزال الوعود تمضي مع الريح،أزيلوا الغبن عن المعلم وأنصفوه،فالتحية لهم في الأصقاع والفيافي والنجوع وهم يؤدون دورا عظيما، بينما يتلقون فتاتا لا يسمن ولا يغني عن جوع. كنت أتوقع من وزيرة التربية سعاد عبد الرازق الحديث عن المناهج، فبعد عشرة شهور من انفصال الجنوب لا تزال المناهج تلبس ثوب الدولة الواحدة، ويبدو أن الوزارة لا تدرك خطورة ذلك أم أنها تعي وتغض الطرف بحجة ضعف الموارد المالية؟. تبقت أيام لبداية العام الدراسي الجديد، وبقي المقرر على حاله، فالمعلومات التي يتلقاها الطلاب في بعض المواد خصوصا ما يتصل بالتاريخ والجغرافيا ستكون غير حقيقية، وخريطة السودان القديم باقية في الكتاب المدرسي. الدول لا تتعامل،كما يفعل الفقير الذي يؤجل أولوياته حتى تتهيأ له الظروف،ولكنها تتعاطى مع الوقائع بكثير من الحساسية والجدية،ولا أعتقد أن الحكومة التي اعترف قادتها بإهدار المال في البذخ السياسي تعجز عن تنقيح الكتاب المدرسي وليس مراجعة المنهج الدراسي كما أوصى بذلك المؤتمر القومي للتعليم الأخير..!!