استضاف صالون الراحل سيد أحمد خليفة نهار امس القيادى بالمؤتمر الوطنى الدكتور محمد مندور المهدى والقيادية بحزب الأمة القومى الدكتورة مريم الصادق بالاضافة الى عدد من السياسيين والمهتمين لمناقشة الراهن السياسى وحراك الشارع الأخير عقب تطبيق الحزم الاقتصادية التى اقرتها الحكومة مؤخراً. فى بداية المنتدى تقدم القيادى بالحزب الحاكم مندور المهدى بعدد من الاعترفات التى قال انها تسببت فى واقع اليوم، وقال ان هناك قضية محورية لانستطيع ان نخرج منها ولابد من الاعتراف ان هناك مشكلة اقتصادية حقيقية ولابد من الاعتراف ايضاً ان المواطن يعانى بشدة من الزيادات الكبيرة والواسعة ولكن لابد ان نؤكد ايضاً ان هناك اسبابا مجتمعة ادت الى هذه المشكلة، وقال مندور ان جزءا كبيرا من هذه الأزمة يرجع لاخطاء اقتصادية وللحسابات غير الدقيقة بالاعتماد على رسوم نفط الجنوب فى الموازنة، وأضاف هناك دخل مقدر من البترول جاء الى الدولة على اثره توسع نمط الاستهلاك وذهب كثير من الدعم لمشاريع التنمية، وقال لا اعفى الاقتصاديين فانهم سبب اساسى فى هذه الأخطاء، وكشف مندور ان عجز الميزانية لهذا العام تجاوز 6,3 ترليون جنيه ما ادى الى هذه الاشكالات، واشار الى ان العجز بحسب تصريحات وزير المالية وصل الى 30% بجانب ان التضخم كان فى السابق بحجم 9% والان وصل الى 30% وانحدر معدل النمو الى حوالى 2% اضافة الى بعض الاشكالات الاقتصادية الأخرى المتعلقة بانخفاض الدخل القومى ودخل الفرد، وشدد القيادى بالوطنى انه لايوجد مخرج الا باتباع هذه المعالجات مجتمعة، واوضح ان قضية رفع الدعم عن البترول تؤثر فى قطاعات محددة وتحديداً الطبقات الغنية واقل الطبقات الفقيرة بحسب دراسات البنك الدولى، و دراسة اجرتها وزارة المالية مؤخراً بينت ان 20 جنيه فى دعم المحروقات تذهب للأغنياء مقابل 2 جنيه تذهب للفقراء، لافتاً الى ان البلاد تعانى ايضاً من تهريب المواد الى دول الجوار خاصة، وقال كل هذا استدعى رفع الدعم عن البترول، واضاف القضية الآن هى كيف نزيل الاثر المباشر على الفقراء بزيادة الانتاج والمعالجات الاجتماعية وتخفيض الانفاق فى الدولة، وقال مندور ان الدولة فى مرحلة الرخاء الاقتصادى ترهلت وكبرت وتطاولت المبانى وتحسنت المكاتب والعربات، واضاف «تلك صور غير صحيحة وواحدة من الاخطاء التى وقعنا فيها»، واوضح ان التخفيض يشمل مرتبات الوزراء بتخفيض 25% بجانب الغاء تذاكر السفر التى تمنح «6» فى الدرجة الاولى لأى مكان فى العالم لمدة عامين، هذا الى جانب تحديد مرتبات الوزراء بأن لا تتجاوز 7 آلاف جنيه وسحب عربة الخدمات وتخصيص عربة واحدة، واكد مندور ان هذا التخفيض فى الانفاق يخفض حوالى 6 مليارات جنيه فى العام ، وتوقع مندور الغاء كل وظائف المستشارين من المؤتمر الوطنى والاحزاب المشاركة فى الحكومة العريضة ، واعفاء اعداد مقدرة من وزراء الدولة وبالاضافة الى الغاء 6 وزارات ودمجها فى أخرى، واوضح مندور ان بجانب هذه الاجراءات القاسية ايضا توجد معالجات اجتماعية بزيادة مرتبات العاملين فى الدولة بمنحة 100 جنيه بالاضافة الى التركيز على الدعم الاجتماعى ل « 100000» اسرة فى البلاد بمنحها «100» جنيه شهرياً عبر بنك الادخار مع الاتجاه لزيادة عدد الأسر الى 150 ألف أسرة ، واوضح ان هذه المعالجات تغطى 3,4 % من الدخل القومى ورغم ذلك يبقى شئ من العجز، وقال مندور ان هذا الحال سيتحسن فى نهاية هذا العام وفى العام التالى بدخول 60 ألف برميل وكمية مقدرة من الذهب بحيث ينخفض التخضم الى 8% وثبات معدل النمو عند 2%، اذا ماطبقت هذه الحزم والمعالجات بدقة عالية. وذكر مندور ان الاحتجاجات والمظاهرات التى خرجت متوقعة نتيجة لهذه الزيادات، وقال ان الخرطوم شهدت جملة من المظاهرات بصورة عامة فى بعض الاحياء، لافتاً الى ان اكثر المناطق تأثراً هى «الخرطومجنوب السجانة، والديم وجبرة وام درمان وبحرى «، واكد مندور ان التظاهر السلمى حق مكفول بالدستور ولا احد يستطيع منعه الا انه اشار الى عدد من التجاوزات، وقال «تم احراق بصات الوالى فى السجانة واحراق عربات لمواطنين واكشاك»، واضاف «الجنوح للعنف وتدمير منشآت المواطنين أمر غير مقبول ومرفوض» ، واوضح مندور ان هناك مجموعة من الشباب يرتدون فنائل حمراء خلف الأحداث الأخيرة وقفل الطرق وحرق الاطارات ، واوضح ان ما يتم حركة منظمة خلفها عربات ودفارات متحركة تنقل اللساتك، واكد مندور ان الشرطة تعاملت بحزم مع المتظاهرين و لم تستخدم القوة المفرطة. القيادية بحزب الأمة القومى الدكتورة مريم الصادق المهدى اشارت في حديثها الى ان مايحدث ليس فقط نتاجا الاجراءات الاقتصادية وانما بسبب جملة سياسات فاشلة، وقالت «يجب ان يعترف المؤتمر الوطنى انه فشل فى ادارة البلاد لوحده بسبب عدم الاستقرار السياسى ، وقالت ان البلاد اليوم فى وضع خطير بحسابات نكون اولا نكون ، واضافت «عندما نتكلم ليس قصدنا استهداف اشخاص وانما تشريح واقع مزمن سبقنا بدق اجراسه»، واوضحت مريم ان من اكبر الأخطاء الاستراتيجية الاعتماد على البترول كعمود اساسى واهمال الموارد الأخرى، بالاضافة الى استخدام معالجات النفرة الزراعية فى اطار التعبئة السياسية، والانفاق السياسى الكبير واستهلاك الموارد وصرفها فى الترضيات السياسية، الى جانب الحروب التى اثقلت كاهل الميزانية الضعيفة، ولم تبد مريم المهدي استغرابا لتجاوز المجلس الوطنى، وشددت على ان القضية الآن ليست تنازل المؤتمر الوطنى عن 80% من مواقعه ، المسألة هى ليست من يحكم السودان بل كيف يحكم السودان، وزير الثقافة بولاية جنوب كردفان رجب الباشا تحدث عن الأوضاع الراهنة واقر بان البلاد تمر بظرف اقتصادى خطير ، وقال علينا ان نعترف بالضائقة المعيشية فالاعتراف بالذنب فضيلة والتشخيص هو اول الحلول، وانتقد الباشا الحكومة خاصة وزارة المالية وبنك السودان بتصويرهم ان السودان لن يتأثر بانفصال الجنوب، وقال كان من الأجدى تبصير المواطنين بالحقائق حتى يتقبلوها الا انه تم التعامل وكأن الناس فى جزيرة معزولة. وقال القيادى بالمؤتمرالوطنى ربيع عبد العاطى ان الأزمة اقتصادية خلفها تداعيات سياسية، ودعا عبدالعاطى الى الاستفادة من خبرات الاحزاب الاخرى وتوسيع قاعدة المشاركة، واشار الى ان الامر يحتاج الى نوع من الاحتمال وقبول الآخر وان تجد الاراء المختلفة المواعين اللازمة، وقال ان الأزمة تحتاج الى مهندسين اقتصاديين لمعالجتها وليس لسياسيين فقط. وفى ردوده على المداخلات اكد مندور ان حزبه حاور كل القوى السياسية بما فيها الحزب الشيوعى، لافتاً الى ان حزب الأمة كانت مطالباته كبيرة جداً وغير منطقية، واوضح ان مشاركة حزبه فى المركز والولايات لا تتعدى اكثر من 52%، ونوه الى ان عبء التخفيض يتحملة المؤتمر الوطنى بنسبه اكبر من غيره، وشدد مندور ان الحكومة الحالية هى ذات قاعدة عريضة تشارك فيها اغلب الاحزاب بما فيها الاتحادى الأصل، واعتبر ان وجود عبدالرحمن الصادق المهدى فيها يمثل مشاركة حزب الأمة القومي.