محمد سليمان الشاذلي روائي وقاص برحيل سيد أحمد الحردلو تكون ملامح الوجه الفني والثقافي للوطن قد ازدادت تلاشيا . حتى التغضن لم يعد يحظى به وجه هذا الوطن الذي عشقه سيد أحمد واستوعب روحه على نحو لم يستطعه إلا القلة . سيد أحمد من النخبة التي أجادت الفرنسية قراءة ً وحديثا ً وكتابة ، هذا بالطبع إلى جانب أجادته للإنجليزية التي درس آدابها . موهبته في اللغات جعلته يحول العامية السودانية الى أدب ٍ عريض ثر ، أدب ٍ له مفرادته المدهشة وموسيقاه الساحرة ما وفر لهذا الأدب انتشارا ً غير مسبوق فكلمات قصائده التي شدت بها سيدة المذيعات المليئة بالنعومة والتغنج الشجن ليلى المغربي جعل القرى والحضر في ترديد لا ينتهي ل : " تقولي منو وتقولي شنو" . عندما تلتقي سيد أحمد في لندن مثلا ً تمتلئ بالدفء الشاعري الذي يفيض من نظرات عينيه ومن كل مسام جسمه ويجعل من سماء لندن الواجمة سماء ً حانية ً دافئة . نعمنا أيام كان وجه الوطن يضج ُ ألقا بالفن والثقافة بقراءة : غدا ً نلتقي ، وملعون أبوكي بلد ووببكائيته على بجر القلزم . ورغم أنه قد جاء من الريف الشمالي البعيد ، من ناوا إلا أنه بحصافته وحسه سرعان ما أصبح ذلك الجنتلمان المتمدن الذي يختار ستراته بدقة . ولا غرو أنه كان يردد على الدوام أن عاصمته المفضلة هي باريس وإنا لها لمن العاشقين وسنغريها سلامه إن ما زرناها في القريب فهي لا ريب قد أحست غيابه والذي قد صار الآن إلى غياب طويل . سيد بسمة ٌ رائعة نتمنى أن تبقى مشعة ً في أفق البلد. رحم الله سيد أحمد فقد كان مبدعا ً نسيج وحده. أحمد القرشي.. مدير الأخبار - ام بي سي " تانى قام واحدْ جميلْ فى بلدنا ماتْ" ، هي بكائية كتبها سيد احمد الحردلو عند رحيل مصطف سيد احمد الفنان. وفي القرآن الكريم" وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفأين مت فهم الخالدون ، كل نفس ذائقة الموت، ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون" صدق الله العظيم. وإنما تقضي هذه الحياة الدنيا ...سيد احمد يرحل أيضاً ويغيب من الوطن "واحد جميل" آخر... فذلك العنفوان وهذا الهواء المعبأ بالقيم والخصال المجيدات ربما يجتاحك وانت في قرب او بعد من هذا او ذاك او من مكانٍ بعينه فيجعل في نفسك شيئ من إستغراق في سر مكمنه..وفي سيد أحمد ذلك الاثر الذي تجده في صرح الوطن أو سمه ماشئت فذلك الصرح عناصر او مكونات تشكله القيم السارية منذ الطفولة الى النضوج ..يبعث الحياة فيها مجتهدون مثل سيد احمد.. بيد أننا كأمة إن جاز الوصف لهذا الخليط غير المتجانس المتنافر ، ابتلينا بداء التواءم والتصالح مع المستغرب في الفطرة البشرية..فلا تهتز لنا قيمة عندما نسمع او نرى مكونات ذلك الصرح تتهاوى في اسوأ احوالها ونركن لفعل ذلك الداء فلا نهتز..وتصبح مأساة الغياب قصةٌ أخرى تحكى حتى تتعب لهاة الناس.. لامؤسساتنا فطنة أو مشرعة لاحتواء ما تراه امم في تاريخها عار ولعنة...فالناس يذهبون بارجلهم للمستشفيات ويؤوبون في مواكب الموت..ومنهم من يدهمهالمرض فيستسلم وذووه لأن العراك معه سيستنزف الماضي والحاضر والمستقبل.. وفي حياتنا نسكن القصور الفارهات في بحيرات من " الوسخ" ...الناموس يسيطر علينا وبيئتنا كافة تنفر من العيش فيها..فكيف بالذين هم بعبقريتهم نسجوا انفسهم وبقوا جزءاً من ذلك الصرح..حكايات تبكي ..فكلما رحل كبير تسمع بل كم رأيت من عظام تسمع قصص البؤس وانين الرحيل..التي تجعلك من القانطين.. سيد احمد احد عناوين الخير في بلدي..وفي قلبي... التوغل في الليل عبدالرحمن الحفيان توغلت وحدي حزين المشاعر وظلت عيوني عبر الظلام وكانت رياح الشتاء الحزين وخلف النوافذ ظلت تزمجر ٭٭٭ وكانت جحافل زحف الظلام وتهوي معاولها الهادمات وتسحق أحرفه المورقات فيطفو على موجه من ظلام ٭٭٭ توغلت والكون غطى السكون يشوه وجه الحياة الجميل وكانت تطاردني في الظلام رياح خرافية العنفوان ٭٭٭ توغلت استعرض الذكريات يمر ويسلبني الانتظار وللريح عبر شعاب الزمان فتخرج احرفي المورقات ٭٭٭ وأطرقت اصغي وبين ضلوعي نداء يفتت صم الصخور ويسخر من نزوة العاصفات ويقذف بالظلم الوافدات ٭٭٭ تطلعت أرنو لضوء النهار تبارك زحف الحياة الكبير وتلوي اعنة هوج الرياح فاطرقت اصغي وبين ضلوعي يسحقني الليل في اللاقرار تحدق في قلق وانتظار تولول مذعورة في الغفار تبحث عن منفذ عن مدار ٭٭٭ تمر مواكبها الحاشدة على لوحة الشاعر الخالدة على صخرة القدر الحاقدة وتغمره موجه وافدة ٭٭٭ جوانبه وتمطي السأم ويسحق اشراقها في العدم عيون وتقذف بي للألم تدمدم عابثة بالقيم ٭٭٭ شريط مواكبها الزاحفة ظلال الطمأنينة الوارفة هدير وزمجرة عاصفة حزاني مروعة واجفة ٭٭٭ تفجر في خافقي واكتمل ويشعل في الليل درب الأمل ومن هول تصخابها المفتعل الى ثائر من لهيب الشعل ٭٭٭ وكانت مواكبه الباهرة بدفقة اشراقة ظافرة وتقتلع الظلمة الكافرة مقاطع ملحمة هادرة