* عندما غنى الحاج محمد أحمد سرور من كلمات الشاعر سيد عبد العزيز أغنية "يا أنَّة المجروح" كان صدر أحد أبيات القصيدة يقول "مصرية.. في السودان بي حبي ليك أبوح .. يا عنب جناين النيل أتمنى منه صبوح" حوَّلها المغالون في حساسيتهم تجاه مصر إلى "حورية بدلاً من مصرية" مع أن عجز البيت يُشير إلى النيل وهو القاسم المشترك بين مصر والسودان وبقية دول الحوض .." والصَّبُوح كُلُّ ما أُكل أو شُرِبَ غُدْوَةً وهو خلاف الغَبُوق.. وحكى الأزهري عن الليث : الصَّبُوح الخَمْرُ وأنشد :- ولقد غَدَوْتُ عَلَى الصَّبُوح معي .. شَرْبٌ كِرامٌ من بني رُهْمِ وشاهِدنا هو أن معظم السودانيين المستنيرين يعانون من الحساسية الشديدة تجاه مصر والمصريين ولهم في ذلك حيثيات لا يُعجزهم الدفاع عنها إنطلاقاً من تاريخ السودان في عهد التركية السابقة وفترة الحكم الثنائي أو الإستعمار الإنجليزي المصري. ومشاركة المصريين في العهدين هذه واحدة. ثم فهلوة المصريين واستغفالهم للسودانيين.. ودي فُتناهم فيها .. والنظرة الإستعلائية والحديث عن أن السودانيين من أكلة لحوم البشر .. وأن الأسود والنمور والأفيال تتجول في شوارع الخرطوم.. تقول الطرفة القديمة "إنَّ عجوزاً سودانية قالت لأحد المصريين :- كتر خيرك يا عشاي.. فصرخ المصري:- ألحقوني الست دي حتاكلني!!" .. لكن الجوانب الإيجابية في علاقتنا مع مصر والمصريين لا تُحصى فالسكة الحديد والبواخر النيلية والتعليم والثقافة والفنون.. والاغتراب.. والإدارة الحديثة.. كلها جاءتنا من مصر وقد سبق كل ذلك الإسلام.. والحركات السياسية ،الفكر الشيوعي وجماعة الأخوان المسلمين.. وحتى الحزب الوطني الإتحادي ثمَّ الإتحادي الديمقراطي الأصل والفروع يُسمى المنسوبون إليه إتحاديين واحدهم "إتحادي" وتعني الإتحاد مع مصر حتى بعد إعلان الإستقلال وإلى يوم الناس هذا .. قال القطب الإتحادي محمدَّ نور الدين وهو يشرح فوائد الوحدة الإندماجية مع مصر لناخبيه في ليلة سياسية:_ إذا كان في حيطة بينك وبين جارك وهدمنا الحيطة دي .. حيكون إسمو إيه؟ فردَّ أحد الحاضرين :- "حيكون إِسمو خراب" فقال محمد نور الدين "يخرب بيتك ده حيكون إِسمو أُنْدُماج" ومهما يكن من أمر فإنَّ علاقة مصر بالسودان شعباً وحكومة تمر الآن بمرحلة مختلفة تماماً شكلاً وموضوعاً .. * مصر ما بعد الثورة تمور بالمتغيرات والتحديات بعد آلام المخاض العسير وإجتياز تمرين الديمقراطية الساخن .. وليس مهماً أن يكون رئيس جمهورية مصر العربية إلى أي تنظيم سياسي ينتمي لكن المهم أنه أول رئيس مصري منتخب بالإرادة الشعبية .. وإن في إنتظاره قضايا كبيرة محلية وإقليمية ودولية .. وإن على بلادنا شعباً وحكومة دين واجب السداد لمصر في عهدها الجديد.. نتجاوز به المرارات التاريخية والأساليب الإستخباراتية والنظرة الإستعلائية بحيث نكوِّن معاً "ثنائياً خطيراً" تتكامل به موارد ومقدرات البلدين الشقيقين في الزراعة والصناعة والتجارة والمجالات كافةً.. ونتناسى "الأكلشيهات" القديمة التي تتحدث عن العلاقات الأزلية .. بلا عمل على أرض الواقع . وتتحدث عن وحدة اللغة والدين والتاريخ والجغرافيا بلا تطبيق لأية وحدة من أي نوع .. وتتحدث عن شعب وادي النيل وأن السودان هو العمق الطبيعي لمصر .. ومصر تعتبر السودان حديقتها الخلفية!! مع أن البلدين يحتاج كل واحد منهما للآخر في كل شئ كل شئ.. مصر الحضارة يجب أن ننظر لها برؤية جديدة وروح جديدة .. * تأملوا في كلمات سيد عبد العزيز ألحان وغناء سرور مصرية في السودان بي حبي ليك أبوح يا عنب جناين النيل أتمنى منه صبوح أنشد فؤادي الضال بين الرياض مذبوح وأرى الهلال في ظلال تلك الخميلة يلوح الناس تحب رؤياك بالخاطر المشروح يا مدهش الأنظار يا بسمة المفروح أنا عهدي ليك الحب حب من فؤاد مجروح حب الشحيح للمال حب الجبان للروح من الوله للقاك دمعي الغزير مسفوح ناقم على الأيام مع إنو طبعي صفوح أنا والخيال في جدال وإِتْ في نداك منفوح كل ما النسيم يغشاك زي الحديقة تفوح وهذا هو المفروض