السيد معتمد محلية الخرطوم اللواء عمر نمر رغم أنه يتمتع بحس أمني وسياسي، أحسب أنه رفيع جداً ويستطيع ان يميز بين الاشياء التي قد تحتاج من الاصل الى جهاز «مايكرسكوب» لمعرفة تلك الفروق، الا ان السيد المعتمد قد يكون فاتت عليه عدة ملاحظات وهو يقوم بنشر صفحة كاملة من أسماء رجال الاعمال لدعوتهم الى لقاء تفاكري حول «وقف إفطار تلميذ» والذي يأتي تحت شعار «نحو مجتمع لا يجوع فيه الصغار». ورغم أن المبادرة في حد ذاتها هي عمل إنساني يحسب لصالح أهل المبادرة ولأهل الدعوة، ان استجابوا بالقدر الذي يطعم فيه هؤلاء التلاميذ، وان يتحقق شعار هذا الاجتماع «نحو مجتمع لا يجوع فيه الصغار» الا انها لا تخلو هذه الدعوة من ملاحظات تصب في جوانب سياسية واجتماعية بالقدر الذي قد تترك فيه اشارات سالبة، ولعل اول هذه الملاحظات التي فاتت على رجل مثل معتمد الخرطوم اللواء عمر نمر، هي ان هناك هجمة على الحكومة والحزب الحاكم المؤتمر الوطني باتهامهم من قبل المعارضة بحالة فساد كبيرة وسط الحاكمين والمتنفذين في الحزب والمقربين من الاثنين كل حسب المسافة، وهذا الأمر عندما تكاثر لم يجد النائب الاول لرئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه الا ان يخبر نواب الشعب وامام البرلمان عن استحقاقاته الشهرية وامتيازاته في منصب النائب الأول، وأصر السيد علي عثمان على ذلك رغم هتافات النواب بألا يقدم على هذا الامر. ولكن قدمه كما جاء من الامانة العامة لمجلس الوزراء حتى يوقف سيل الحديث عن الامتيازات والمخصصات التي يتمتع بها أهل الحكومة وكبار قادتها في المناصب الدستورية والتنفيذية الكبرى. والحديث عن الثراء والاموال التي تداخلت ما بين العام والخاص والتي تشير اليها الصحف والمواقع الاسفيرية تتهم فيها أعضاء الحكومة وأعضاء الحزب الحاكم بالثراء على حساب هذا الشعب. وهؤلاء دائماً ما يبحثون عن خيط او دليل لتأكيد مزاعمهم هذه، ولعل معتمد الخرطوم دون يدري ودون أن يستفيد من حسه الأمني والسياسي الرفيع قدم لهم خيطاً، وان كانت المواقع قد تكذب هذا الخيط، الا انه قد يكون لهم دليلا يمكن أن ينسجوا عليه الكثير من الأكاذيب وغيرها. لقد شلمت القائمة التي دعاها معتمد الخرطوم أسماء لأبناء بعض الاسلاميين وهو يضعهم في مقعد واحد مع كبار رجال الاعمال المعروفين تاريخياً في السودان، للتفاكر حول تنفيذ ذلك البرنامج الانساني «وقف افطار تلميذ». ولعل من بين تلك الاسماء التي كانت الظاهرة ولا تحتاج الى تأكيد المعلومات حولها هو اسم اسامة علي أحمد كرتي، وهو نجل وزير الخارجية، وكما هو معروف أن اسامة من أسرة لها تاريخ في تجارة مواد البناء ان كانت من جهة أسرة أبيه او من جهة أسرة والدته، وخاله رجل معروف في هذه التجارة منذ أمد بعيد، وقد يكون للسيد وزير الخارجية نصيب في هذا التاريخ قبل ان يدلف الى العمل العام من خلال توليه عدة مناصب، والتي بدأها بمنصب منسق الدفاع الشعبي ثم وزير دولة بوزارة العدل ثم وزير دولة بوزارة الخارجية واختتمها بوزير الخارجية بعد انفصال الجنوب وتكوين حكومة القاعدة العريضة، وقد يكون «أسامة» رجل الأعمال بحكم انه ترعرع في أسرتين اشتهرتا بالتجارة وسار على درب أسرتيه من جهة أبيه ومن جهة أمه، وقد يكون كثير من الناس لا يعرفون هذا الامر، ومجرد قراءة إعلان معتمد الخرطوم لدعوة رجال الأعمال والمؤسسات والشركات للاسهام في هذا المشروع الانساني وملاحظة وجود «أسامة» من ضمن تلك القائمة قد يثير تلك التساؤلات وتجدد الاستفهامات من جديد حول ما تثيره تلك الجهات حول الثراء والامتيازات والحديث عن استغلال النفوذ، لجلب المزيد من المكاسب لتلك الفئة الحاكمة ومن يحيطون بها. ومن بين تلك الأسماء التي دعاها معتمد الخرطوم عمر عثمان الهادي ابراهيم، وهو يشير الى نجل القيادي عثمان الهادي ابراهيم الذي تولى عدة مناصب في الحكومة، منها وزير الزراعة الاتحادي ووالي النيل الابيض، واستقر به المقام لسنوات عديدة مديراً عاماً لشركة شيكان للتأمين واعادة التأمين، وان كان أمر «عمر» نجل عثمان الهادي قد يختلف عن أمر «أسامة» نجل علي كرتي الذي عرفت اسرته بالتجارة في مواد البناء، الا ان المعلومات لم تشر الى أسرة عثمان الهادي ما إذا كانت تعمل أو كانت مشهورة بعمل شيء معين، وان تاريخ عثمان الهادي لم يكن معروفاً لدى العامة قبل مجيء ثورة الانقاذ الوطني، ولكن هذا لا يمنع من أن يكون لهذه الأسرة كسب حلال من تجارة أو صناعة أو أية صنعة أو حرفة أخرى. ولكن ربط «عمر» نجل القيادي الإسلامي عثمان الهادي بقائمة رجال الأعمال أيضاً قد يثير تلك التساؤلات ويحرك الاستفهامات من جديد حول ذاك الأمر الذي حاول أن يرد فيه النائب الأول لرئيس الجمهورية بما يليه من منصبه أمام البرلمان. ومن تلك الأسماء التي دعاها معتمد الخرطوم من قائمة رجال الأعمال والشركات، مصعب هجو قسم السيد، وواضح من هذا الاسم ان «مصعب» هذا هو نجل نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد والذي بدأ يلمع اسمه عند فوزه في دوائر الخريجين في انتخابات 1986م عن الولاية الوسطى، بجانب عباس النور، وحكمات حسن سيد أحمد، وفي عهد الانقاذ تولى عدة مناصب لعل ابرزها منصب مدير البنك الزراعي، ولم يعرف انه من رجال الأعمال والمال مثل بعض رجال الجبهة الاسلامية آنذاك مثل الطيب النص وغيرهم، ولعل بروز نجله «مصعب» في تلك القائمة هو ما يعزز تلك المزاعم. ومن بين الأسماء التي دعاها السيد معتمد الخرطوم الأستاذة مي محمد محيي الدين ويشير اسمها الى انها كريمة الدكتور محمد محيي الدين الجميعابي، الكادر الاسلامي المعروف منذ دخوله كلية الطب في جامعة الخرطوم في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ومعروف أن د. الجميعابي الذي ينحدر من ولاية الجزيرة هو ابن فلاحين أو مزارعين، وعند مجيء الانقاذ تولى عدة مناصب ابرزها أمين المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم ومحافظا لمحافظة الدامر بولاية نهر النيل، وبعدها عمل في مجال العمل الانساني والنشاط الثقافي والاجتماعي من خلال منظمة «أنا السودان»، وتولى إدارة دار المايقوما التي تعتني بالأطفال فاقدي السند، وأيضاً لم يعرف عنه الثراء أو أنه مهتم بالتجارة حتى في مجال تخصصه، المعروف. وأم أولاده السيدة سامية شبو معروفة فهي سيدة أعمال، وتولت عدة مناصب في اتحاد أصحاب العمل السوداني، وهي من سيدات الأعمال السودانيات التي تشارك في الخارج في المؤتمرات ذات الصلة، وكانت معروفة بهذه الاعمال من قبل مجيء الإنقاذ، ولها اسم معروف «لوزة الحميراء» وقد تكون كريمتها «مي» قد سلكت درب والدتها في مجال المال والاعمال، ومن حقها أن تكون لها شخصيتها المستقلة واسهامها في حاجة المجتمع في مثل هذا المشروع الإنساني «وقف افطار التلميذ».. ولكن ارتباط اسمها بقائمة رجال الأعمال أيضاً قد يثير بعض التساؤلات. ومن بين الأسماء التي دعاها معتمد الخرطوم لهذا المشروع هو عمر صلاح ابو النجا، وعمر هو نجل الاسلامي صلاح ابو النجا، وهو من المصرفيين ومن المؤسسين لبنك التضامن الاسلامي، وتولى منصب المدير العام لهذا البنك، وقد تكون العلاقة واضحة بين الابن وابيه خاصة ان هذا المسار هو في الاصل استثمار، وليس بعيداً ان يكون عمر مثل أبيه ونجح في أن يكون رجل أعمال عكس شقيقه «عاصم» والذي عمل في احدى المؤسسات القومية. وواضح من هذا السرد أن لهؤلاء الابناء من قيادات الاسلاميين طرقا اتاحت لهم الدخول في هذا المجال حسب مهنة الآباء مثل «أسامة» و«عمر» و«مي» التي لم تبدأ مع قيام ثورة الإنقاذ الوطني كما يظن الكثيرون في تلك الاسر ولها تاريخ واشتهرت بأعمالها منذ زمن بعيد. ولكن الربط من أجل النيل من تلك القيادات ومن خلالها استهداف الحكومة والحزب الحاكم، قد يكون أمرا ساهم فيه السيد معتمد الخرطوم دون ان يدري، وهو يضع هؤلاء في قائمة رجال الاعمال والشركات والمؤسسات، وان كانت القائمة ضمت أبناء رجال أعمال معروفين في اتحاد أصحاب العمل وغيرهم مثل «محمد وعادل» نجلي السيد عز الدين السيد رئيس اتحاد أصحاب العمل السابق ورئيس مجلس الشعب لعدة دورات في عهد الرئيس جعفر نميري، و«أيمن» سمير أحمد قاسم وهو رجل أعمال معروف وقيادي في اتحاد أصحاب العمل، و«عادل» نجل بابكر حامد موسى «ود الجبل»، و«ياسر» نجل أحمد الحسن كمبال، و«عدي» نجل صديق حسن صديق. ولكن العين تقع على أبناء القيادات الاسلامية في نظر هؤلاء الذين يستهدفون الحكومة والحزب الحاكم المؤتمر الوطني، ويقولون شهد شاهد من أهلها، وهو معتمد الخرطوم اللواء عمر نمر الذي وضع أبناء الإسلاميين في قائمة رجال الأعمال. ألم أقل انها فاتت على «نمر»؟!