أعلن الرئيس عمر البشير،أمام البرلمان نهار الأثنين 18 يونيو الماضي، حزمة من الإجراءات والخطوات لمواجهة الأزمة الاقتصادية «خطة تقشف» شملت رفعا تدريجيا للدعم عن المحروقات وزيادة في الضرائب والجمارك،وتقليص الوزارات ووزراء الدولة والخبراء في الحكومة الاتحادية بما يزيد عن 100 منصب، وتقليص الهيئة التشريعية علي المستوي الولائي في المجالين التنفيذي والتشريعي بنسب تتراوح بين 45% و50% علي التوالي. وأقر المكتب القيادى لحزب المؤتمر الوطنى فى اجتماعه ظهر أمس برئاسة البشير الهيكل الوزارى الجديد من 31 وزارة اتحادية الى 26، بعد الغاء ودمج عدد خمس وزارات، حيث تم تفريق دم وزارة التعاون الدولى بين وزارتي الخارجية والمالية، ، كما تم دمج وزارة الاتصالات فى وزارة العلوم والتقانة ، وعادت الموارد البشرية الى حضن وزارة العمل، و دمجت وزارات الاعلام والثقافة والارشاد في خطوة مبدئية يمكن مراجعتها. أما بشأن وزراء الدولة فقد تقرر تقليصهم 12 وزيرا ليصبح عددهم 28 بدلا عن 40 وزير دولة في الحكومة الحالية.وخسر الحزب بذلك خمسة وزراء اتحاديين وتسعة وزراء دولة،وبقية القوى المتحالفة معه فقدت ثلاثة وزراء دولة من حصتها. بقراءة سريعة للهيكل الجديد فقد جاء دون التوقعات بعد ما رفع قادة الحكم من الآمال بتقليص حقيقي في جسم الدولة المترهل،لدى طرحهم «خطة التقشف» حتى لا يتحمل المواطن تبعاتها لوحده،مما يدفع للاعتقاد أن الحزب الحاكم بعدما مرر الخطة تراجع عن وعوده بخفض المناصب الدستورية. وحسب الوعد الرئاسي أمام البرلمان من المفترض تقليص الوزارات ووزراء الدولة والخبراء في الحكومة الاتحادية بما يزيد عن 100 منصب،وحتى اذا اضفنا اليهم المستشارين الرئاسيين،يصبح عدد المناصب التي تم تقليصها 80 وظيفة،هم 54 خبيرا ومتعاقدا ،وخمسة وزراء اتحاديين، و12 وزير دولة، و9 مستشارين. وبالتالي سيصبح عدد الدستوريين 61 من الرئاسة «نائبين للرئيس وخمسة مساعدين»،و26 وزيرا اتحاديا ، و28 وزير دولة.هذا رقم ليس بالصغير في حجم الحكومات في دول تشابهنا في التنوع وعدد السكان والتركيبة السياسية. ثمة وزارات متشابهة في المهام كان يمكن دمجها ،مثل التربية والتعليم والتعليم العالي،والزراعة والثروة الحيوانية،والسدود والموارد المائية،والصحة والضمان الاجتماعي،والطاقة والتعدين،والبيئة والسياحة،وغيرها،ويمكن أن يكون في بعضها وزراء دولة لتولي ملفاتهم الحالية. ومن الآمال التي تبددت كذلك تغيير وجوه في الحكومة ظلوا فترة طويلة في مواقعهم قدموا كل ما عندهم ولم يستبقوا شيئا،وبرر الدكتور نافع عدم اجراء تعديل وزاري الى أن الحكومة الحالية تم تشكيلها في ديسمبر الماضي،ولذا لا حاجة الى تغيير جديد،لكن بعض الوزراء استمروا في مناصبهم نحو 20 عاما،واذا كان المقصد من تقليص عدد الوزراء رسالة سياسية أكثر من كونها اقتصادية فان تغيير الوجوه أكثر ضرورة من التقليص. المؤتمر الوطني تحمل غالبية المناصب التي تم تقليصها ولا أدري هل رفض حلفاؤه في الحكم مشاركته التقشف أم أنه آثر على نفسه،وكان يمكن أن يتحمل أكثر غير أن التوازنات الداخلية للحزب،وحرصه على الاحتفاظ بالأغلبية «الميكانيكية» لضرورات سياسية تمنعه من تقديم مزيد من التنازلات،ويبدو كذلك أنه سعى لتجنب تزايد الناقمين ممن يفقدون مناصبهم. الحكومة الجديدة في تشكيلها،والقديمة في وجوهها تواجه تحديات جسام،ومرحلة دقيقة تتطلب أداء مختلفا،ونهجا مغايرا،وخطابا سياسيا موضوعيا وواقعيا متسامحا،لتعديل الصورة التي رسمتها،وتقديم ما يقنع أنها مؤهلة للمرحلة وقادرة على تجاوز صعابها.