٭ مفهوم الهوية هو اللغة والدين والاصل التاريخي والموروث الثقافي. كما ان الهوية تنمو وتقوى امام الاحساس بالمصير الواحد أو المصير المشترك، والهوية بمثابة بطاقة شخصية الجماعة وبالتالي الافراد الذين ينضمون تحت لواء هذه الجماعة فالهوية بهذا المعنى اذاً غير قابلة للتفاوض او التحويل إلا نتيجة قرار ذاتي. بالنسبة للهوية السودانية ينبغي ان نعترف بسودانيتنا وفي ذلك اعتراف منا صريح بأننا سود مهما قوى احساسنا بالعروبة كرابطة حضارية ومعنى ذلك ان العنصر او اللون لا يمثل دعامة اساسية من دعائم الهوية السودانية. اذن فأى مفهوم ينطلق من فكرة تقسيم السودانيين الى (سود) أو (بيض) أو حتى (عرب) أو (افارقة) من منطلقات عنصرية مفهوم خاطيء وخطر لذلك ننبه الى خطورة ما يتردد على ان السودانيين ينقسمون الى افارقة وطنيين وعرب وافدين ، وتوضح هذه المقولة حقيقة ان العديد من المجموعات السودانية العريقة قد وفدت من خارج السودان بغض النظر عن انتمائها الحضاري العربي أو الافريقي. لذلك ففكرة المواطنة تستحق وقفة وتحتاج الى تصحيح في بعض الاحيان لأنها سلاح ذو حدين يمكن ان يبني ويمكن ان يهدم. ويتوقف ذلك على السياسات الرشيدة المدروسة وقد ظلت الحكومات المتعاقبة ترى الجانب السلبي فقط لموضوع القوميات والهويات الاقليمية وتخشاها وتسعى لاسكات صوتها. لذلك لابد من اعادة التوازن بالنظر للوجه الآخر من هذا الامر. ولحل مشكلة الهوية في السودان لابد من التوصل الى برنامج عمل واضح المعالم نتعامل به في موضوع الهوية أو في مقوماتها الاساسية وقد نحتاج في ذلك الى برنامج قريب المدى وآخر طويل المدى ومع ذلك لابد ان نسعى لايجاد السياسات التي تؤدي لانصهار القومي من غير تغول جماعة على اخرى او ثقافة على اخرى، وكخطوة اولى على هذا الدرب نحتاج اولاً للتعرف على بعضنا كمجموعات سودانية مختلفة (والانسان عدو ما يجهل) كما يقولون ونخشى ان يتحول هذا الجهل الى عداء او على الاقل الى شوفينية وتعصب او الى استعلاء ثقافي وعرقي. ولعل برنامج التربية الوطنية والعمل الاجتماعي والسياسات الاعلامية تسهم في ذلك (الكتاب/الفيلم الوثائقي/ المهرجانات الشبابية) وغيرها. فوق هذا وذاك لابد من الحرص على قومية اللغة من خلال عملية التخطيط اللغوي المركزي وكذلك قومية الاعلام وقومية التعليم. كل هذه العوامل تؤثر تأثيراً مباشراً وتجعل وحدة الامة قوية ومتماسكة غير متمايزة وتكون الهوية التي تجمع بين السودانيين هوية واحدة وهى السودانوية التي يجب ان توضع كنص داخل الدستور المرتقب كحل لمشكلة الهوية.